No Script

الركود التضخمي... هل يُعيد أيام السبعينات؟

No Image
تصغير
تكبير

- الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة لكبح التضخم بالسبعينات أسفرت عن ركود عالمي

يرتفع التضخم العالمي على نحو حاد من مستويات متدنية في منتصف العام الجاري بفعل انتعاش الطلب العالمي واختناقات الإمدادات وصعود أسعار الأغذية والطاقة، على الأخص منذ الحرب الروسية - الأوكرانية، وفقاً لموقع «أرقام».

وعلى الرغم من التوقعات التي تشير إلى أن التضخم قد يتراجع، بعد أن يصل لذروته خلال العالم الحالي، وأن يعود إلى قرب مستوياته في 2019 بحلول 2024، ثمة مخاطر متنامية من أنه ربما يظل مرتفعاً في ظل استمرار اضطرابات الإمدادات على مستوى العالم وتبدّد بعض العوامل الهيكلية التي كانت تكبح التضخم على مدى العقود الثلاثة الماضية، أما النمو فهو يتحرك على نحو معاكس إذ انخفض بشدة منذ بداية العام ومن المتوقع أن يظل لبقية العقد الحالي دون متوسط مستواه في الفترة من 2010 إلى 2020.

وفي ضوء تلك التطورات، فإن ثمة مخاطر من أن يتجه الاقتصاد العالمي صوب الركود التضخمي، والركود التضخمي هو مزيج يحدث في حالة ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو، والمشهد هنا يبدو شبيها بسبعينات القرن الماضي التي شهدت حالة شديدة القرب من الوضع في الوقت الحالي.

وتذكر تجربة السبعينات بالأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي، وأدى الركود التضخمي في تلك الفترة إلى زيادات كبيرة في أسعار الفائدة لكبح التضخم وهو ما أسفر عن ركود عالمي وأطلق سلسلة من الأزمات الاقتصادية في الاقتصادات النامية والأسواق الناشئة.

وثمة جدل كبير حول الركود التضخمي الحالي، ويشير بعض الباحثين إلى أن الزيادة الحالية في التضخم قد تتمخض عن ارتفاع دائم لضغوط الأسعار بعد عقدين من التضخم المنخفض والمستقر، كما أشار البعض إلى أوجه التشابه بين الدورة الحالية والركود التضخمي في السبعينات ومن بين ذلك سلبية أسعار الفائدة الحقيقية واحتمال إطلاق دوامة من ارتفاعات الأسعار ناجمة عن زيادات الأجور.

في الوقت ذاته، يشير آخرون إلى اختلافات من بينها إدارة السياسة النقدية والتي قد تساهم في الحيلولة دون إطلاق دورة أخرى من الركود التضخمي، وكذلك الخبرة الكبيرة في مكافحة التضخم والمتراكمة منذ الثمانينات والتوقعات طويلة الأجل التي تشير إلى تضخم مستقر بوجه عام، كما أن أسعار الطاقة والأغذية، بعد التعديل في ضوء استبعاد التضخم، ما زالت أقل مما كانت عليه بعد الزيادات التي شهدتها في السبعينات فضلاً عن تعزز مرونة الاقتصادات وقدرتها على الصمود في وجه الصدمات.

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين عالمياً خلال السبعينات بوتيرة مطردة بدءاً من نطاق عند -4.4 في المئة كل عام في أواخر عقد الستينات وأوائل السبعينات، لكن بحلول 1973، زاد التضخم إلى 10.3 في المئة حين ضربت العالم أول صدمة لأسعار النفط بعد حظر تصديره للغرب بقيادة السعودية.

وزاد التضخم بوتيرة سريعة لبقية عقد السبعينات وظل عند مستوياته المرتفعة حتى دخل العالم في ركود عام 1982.

وكنتيجة، بلغ متوسط التضخم في الفترة من 1973-1983 نحو 11.3 في المئة سنوياً، وهي زيادة تفوق ثلاثة أمثال المتوسط البالغ 3.6 في المئة سنوياً في الفترة من 1962 إلى 1972.

الدروس المستفادة

في الأمد القريب، من المرجح أن يظل التضخم مرتفعاً، إذ إن صدمات العرض والطلب ستواصل التأثير على وضع الأجور والأسعار، لكن ثمة أسباباً تدعو للاعتقاد بأن تلك الضغوط ستكون موقتة.

فخلافاً للوضع في السبعينات، تضع البنوك المركزية أهدافاً راسخة لمعدلات التضخم، وفي كثير من الحالات فإنها بنت مصداقيتها بشكل كبير على مدى عقود، لذلك من المرجح أن تشهد توقعات التضخم استقراراً خاصة إذا أشارت البنوك المركزية إلى عزمها احتواء ضغوط الأسعار.

وفي الوقت الذي تشدد فيه البنوك المركزية السياسة النقدية وتسحب فيه الحوافز المالية التي قدمتها في فترة الجائحة، ستشهد ضغوط الطلب هدوءاً، ومع وضع اضطرابات الإمدادات الناجمة عن الحرب الأوكرانية في اعتبار عمليات التسعير، ستستقر أسعار السلع الأولية حتى وإن كان عند مستويات مرتفعة.

كما أنه مع تكيف خطوط الإنتاج واللوجستيات العالمية، فإن اختناقات الإمدادات ستنحسر، فضلاً عن ذلك فإن الكثير من الدول الغنية باتت أقل اعتماداً على أسعار الطاقة الرخيصة وباتت معظم البنوك المركزية تتمتع بالاستقلالية.

كما أن ما يحدث اليوم يختلف عما حدث في السبعينات، فأسعار النفط زادت لأربعة أمثالها في 1973 و1974 قبل أن تتضاعف مجدداً في الفترة بين عامي 1979 و1980 مع الإطاحة بشاه إيران.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي