No Script

مذكرات الزعيم اللبناني صائب سلام

أسرار بـ «الأبيض والأسود» عن 100 عام من عُمر لبنان والمنطقة

تصغير
تكبير

- ... هكذا اقتربت رقبة والد صائب سلام من مشنقة السفّاح جمال باشا
- سلّام يُفْشي سرّ غرامه لـ 12 عاماً بشقيقة زوجة الرئيس سليمان فرنجية قبل أن يلتقي بزوجته تميمة
- أُعجب بعبدالناصر والتقاه مراراً... نصحه وانتقده وأخَذ على رجالاته في لبنان أدوارَهم
- القضية الفلسطينية كانت مركزيةً في العمل السياسي لسلام
- تفاصيل عن دور سلّام كوسيطٍ وناقل رسائل صُلحٍ وسلام بين عواصم عربية
- حكاية «الشاويش» الذي اعترف لسلّام باغتياله الصحافي المتني بطلبٍ من جماعة شمعون
- هكذا شَعَرَ سلّام بهزيمةٍ سياسية وشخصية عند انتخاب شارل حلو رئيساً
- تَمَسَّكَ بريمون إده لصراحته وصدقه وأخلاقه...
- مَن وصف كمال جنبلاط بـ «القلاعيط»؟ ولماذا قال «عمرو ما يعود لبنان لطبيعته»؟
- بشارة الخوري نظيف الكف لكن أفراداً من عائلته شوّهوا سمعتَه
- كنا نردّد دائماً: شمعون ليس لبنانياً وليس مسيحياً أو مارونياً بل هو شمعوني فقط
- شهاب أكثر الرؤساء تعصباً وكان يسعى دائماً إلى إيهام الشيعة بأن السنّة يستولون على حصصهم في إدارات الدولة
- لم أصطدم بالسوريين علناً لكنني أعمل ضد عملهم بكل ما لديّ من وسائل
- أمين الجميل أعماه الغرور... اعتقد أن سياسة أميركا أصبحتْ في جيبه
- أعتقد أن بيار الجميل مُخْلِص لكنه بسيط جداً في تفكيره وقصير الحيلة
- لا أعرف الكثير من السياسيين الذين يملكون دهاء رياض الصلح وحنكته وقدرته على صنع المقالب السياسية
-تَدَخُّل «المكتب الثاني» أيام شهاب أدى إلى أوْخم العواقب
- في لقائي مع بشير الجميل لم أترك شيئاً إلّا وقلتُه له... ووجدت فيه «آمالاً كباراً للُبنان»
- سكتُ عن وليد جنبلاط وما يَصدر عنه من قباحات ففي جنيف كان قليل الأدب...
- وَقَعَ صِدام بين الشيخ شمس الدين و(وليد) جنبلاط بسببي... تَعَرَّضَ لي فصدّه بقسوة
- أحداث متشعّبة قبل استقلال لبنان وبعده... قبل الحرب ومعها وبعدها

في غياب الحدَث السياسي اللبناني، تحولت مذكرات الرئيس صائب سلام، حدثاً سياسياً بامتياز. نحو مئة عام، اختزلها سلام في مذكراته، الصادرة في ثلاثة كتب، عن دار هاشيت انطوان - نوفل، فبدت أشبه بلوحةٍ متكاملة اجتماعية وسياسية لبنانية وعربية، عكستْ مرحلةً حافلة بالأحداث المحلية والإقليمية.

في غياب الرجل السياسي والزعيم البيروتي واللبناني، تصبح مذكراته واحدة من السِيَر الشيّقة التي كتبها سياسيو لبنان.

وإن كانت المذكرات في المبدأ هي وجهة نظر الراوي والكاتب، فإنها تتحول مع سلام، روايةً متكاملة لأحداث متشعبة وكثيرة وتكاد تكون يومية، لبنانية وعربية، ومن الطبيعي حينها أن تكون من زاويته الخاصة.

بعد مذكرات الرئيس بشارة الخوري، رئيس الاستقلال، وهي حافلة بالتفاصيل الشخصية والسياسية، تأتي مذكرات سلام، شبيهةً في تنوُّعها لأنها تعكس مَراحل خصبةً بالتطورات منذ ما قبل استقلال لبنان، وأعواماً طويلة من العمل السياسي والعلاقات مع الشخصيات اللبنانية المؤثرة، رؤساء جمهورية ورؤساء حكومة وزعماء محليون وقادة العمل الفدائي الفلسطيني في لبنان، ومعظم الزعماء العرب.

لكن قد تكون المفارقة فيها أنها كُتبت بقلم الراحل ويومياته لكنها نُشرت بعد أعوام من غيابه، فيكاد الحَدَث - ومعه الآراء والروايات وقد غابت معظم شخصياتها واللاعبون المحليون والإقليميون - لا يجد مَن يعارضه أو يصححه.

لكنها في النهاية رواية بيروتي أصبح رئيساً للوزراء ولاعباً محلياً وإقليمياً، يروي تجربتَه من المصيطبة إلى القصر الحكومي، ومصر والسعودية والكويت والعراق وسورية وليبيا، ويُدْلي بشهادات عن رجالات تلك المرحلة من عمر لبنان بكل حساسياتها، وعن المحطات المؤثّرة في مسار الوطن الصغير قبل الحرب وخلالها وبعدها.

نصائح لعبدالناصر وقطيعة مع رجاله

يحتل الشق العربي في تاريخ سلام حيزاً مهماً، في تعداده للقاءاته مع الرؤساء العرب ووزراء الخارجية ورؤساء الحكومة والشخصيات الفاعلة، وهو يصبح واحداً من الذين عرفوا استخدام علاقاتهم العربية وتطويعها.

ويروي بإسهاب سفراته ورحلاته إليها وزياراته الرسمية والخاصة، والحفاوة التي كان يُقابل بها، ودوره كوسيط وناقل رسائلِ صلحٍ وسلام بين عواصم عربية، فينشر تفاصيل علاقته بالرئيس المصري جمال عبدالناصر ولقاءاته المتكررة معه، ومن ثم علاقته بالرئيس أنور السادات.

لافتةٌ كثرة لقاءاته بعبدالناصر منذ الثورة ونصائحه السياسية له. وفي إحداها يروي عن لقاء جرى بعد احتفالات الثورة عام 1954 حين سأله عبدالناصر عن «كيفية إنقاذ سورية مما تتخبّط فيه، نصحتُه بضرورة التعاون مع العراق كي يحقق لمصر فاعلية في إطار جامعة الدول العربية وفي المسائل الغربية عموماً والعمل لمصلحة سورية. وقد اقتنع عبدالناصر يومئذ بهذا الطرح».

أدى أدواراً أشبه بالوساطات ونقل رسائل في خدمة القضايا العربية.

لكن إعجابه بعبدالناصر لا ينفي، انتقاده أحياناً له ولا سيما في نهاية مرحلة الرئيس فؤاد شهاب، أو كتابته عن رجاله في لبنان والأدوار التي لعبوها ولا سيما عبدالحميد غالب.

وهو أشار عند الحديث عن محاولة التجديد لشهاب مثلاً إلى وقوف غالب «مع رشيد كرامي وكمال جنبلاط وغيرهما تأييداً للتجديد الذي وقف الشارع المسيحي ضده. يومها، كان من المتوقَّع أن يَحْدُثَ انشقاق وطني خطير، لكن - كما أجمع المراقبون يومها - جاء موقفي، وحده، لينقذ البلاد من وضعٍ كان يبدو فيه أن الاستقطاب والتكتل يقسم كل المسيحيين ضد كل المسلمين، فأنا وقفتُ موقفاً حكيماً: لا مع التجديد ولا ضده... وكان ذلك هو موقفي العلني، لأن الجميع كان يعلم أنني ضد التجديد. وهذا الموقف الحقيقي أدى، كما يمكن أن يُتوقع، إلى تدهور العلاقات بيني وبين عبدالحميد غالب، إلى درجة القطيعة الكاملة بيننا».

ويتحدّث سلام، بإسهاب عن دور السعودية وعلى مدى عقود، سواء في ما يتعلق بدورها الإقليمي وتجاه القضية الفلسطينية أو في لبنان.

وتدريجاً يمكن ملاحظة تطور علاقته معها مع تطور الأحداث وتطور دور المملكة ومكانتها في العالم العربي والغربي.

ويتبلور دورُه العربي على مدى أعوامِ ما قبل الحرب وخلالها تحديداً ولا سيما في المحطات الأساسية، منذ اندلاع الحرب والوساطات العربية وصولاً إلى الحروب الإسرائيلية واجتياح عام 1982، والعمل لإنهاء الحرب في لبنان عبر الوساطات العربية خصوصاً في مرحلة التسعينات، ومع بروز دور سورية الذي يُستشف أنه لم يكن ميالاً لها.

وتأخذ القضية الفلسطينية موقعاً مركزياً في عمل سلام السياسي، منذ ان ناصرتْ عائلتُه القضية في الأربعينات، لكنه مع ذلك يعطي ملاحظاته على أداء شخصيات فلسطينية والأخطاء التي وقعت بها الثورة الفلسطينية لا سيما في لبنان.

ويتحدث بإسهاب عن علاقته بشخصيات فاعلة في منظمة التحرير الفلسطينية وليس الرئيس ياسر عرفات وحده بل معظم القيادات الفلسطينية، منذ ما قبل 1975 وصولاً إلى خروج منظمة التحرير من لبنان. ويتحدث بتفاصيل متشعبة عن اللقاءات مع القادة الفلسطينيين في مراحل الحرب الأولى، وانتقاده لأدوار لعبوها تارة والدفاع عنهم تارة أخرى.

بانوراما يوميةوآراء بلا قفازات

في الشق اللبناني، يمكن القول إن سلام فنّد الأحداث اللبنانية بتفاصيلها المتشعبة.

لم يترك حدَثاً إلّا وتناوله، في الانتخابات النيابية والتزوير والنجاحات والسقوط، وتشكيل الحكومات وانتخابات رئاسة الجمهورية، وحتى بعض التفاصيل الصغيرة والأحداث اليومية والشخصيات بما فيها من الصف الثاني، أحياناً بإسهاب وأحياناً بعبارة مختصرة.

يعطي رأيه بشخصيات لبنانية من وجهة نظره الخاصة، يمدحها أو ينتقدها أو يهاجمها بشدة أو ينقل عنها كلمات وعبارات في اجتماعات سياسية، قد لا تجد اليوم صدى إيجابياً.

وأحياناً تراه يمدح شخصية ما لينتقدها لاحقاً.

عايش سلام رؤساء الجمهورية من عهد الاستقلال، فأعطى أوصافاً لكل منهم، وعايش رؤساء حكومات فكتب عنهم واحداً واحداً، وندر ان كان متساهلاً معهم.

فنّد الأحداث واللقاءات واستفاض بالحديث عن كل حدَث ومحطة داخلية، من «اتفاق القاهرة» إلى خروج منظمة التحرير ودورها في لبنان، إلى أدوار الأحزاب اليمينية واليسارية ودور الجبهة اللبنانية والحركة الوطنية، عن «السبت الأسود» والمجازر والدامور، عن حروب داخلية وخارجية، عن الدخول السوري لما اعتبره حماية للمسيحيين ومن ثم التدخل السوري وصولاً إلى اتفاق الطائف. يعطي رأيه بكل شاردة وواردة.

في هذه اللمحات بعض من قراءته لشخصيات أساسية في الواقع اللبناني.

رؤساء الجمهورية... حُلوهم ومُرّهم

في توصيفه للرؤساء المتعاقبين، يقول سلام، عن الرئيس بشارة الخوري «إن الخوري نفسه بقي شخصياً في رأيي نظيف الكف، عفيف النفس، إلا أن تصرفات أفراد عائلته، زوجته وابنه خليل وشقيقه فؤاد، وكذلك مرافقه منصور لحود، بالإضافة إلى تصرفات شقيقه سليم السياسية، أساءت إليه كثيراً وشوهت سمعته».

ويذكر في مكان آخَر، وهو الذي قاد مع آخرين حملةَ المعارضة الشعبية ضد الخوري بعد التمديد له «ما رسّخ قناعتي بعدم إمكانية استمرار الخوري، وأصبح همي الأول تنحيه بأسلوب يليق به وبرئاسة الجمهورية، ولا يعرض النظام والمجتمع لهزات عنيفة واضطرابات».

وعن الرئيس كميل شمعون ينقل ما كان يردده «في مطلع الاستقلال، أنا وفريق من النواب الشباب، خصوصاً في حضور شمعون نفسه، وباللغة الفرنسية، من أن شمعون ليس لبنانياً وليس مسيحياً أو مارونياً، بل هو شمعوني فقط».

وفي سرْده لأحداث عام 1958 لا يفوته أن يحمّل شمعون مسؤولية إغتيال الصحافي نسيب المتني، فيقول «حضر إلى منزلي في العام 1983 شخص يلقب بالشاويش وهو قبضاي من القبضايات ويملك محطة محروقات على كورنيش التلفزيون، قرب ثانوية رمل الظريف، واعترف لي بأن جماعة شمعون اتصلوا به وأغروه بالمال لتنفيذ الجريمة. واعترف أيضاً بأن كل هذه الاتصالات تمت في القصر الجمهوري وبمعرفة وإشراف كميل شمعون شخصياً، وأنه نفذ جريمته بعدما راقب المتني ولاحقه في ظلمة الليل بعدما غادر مكتبه في صحيفة التلغراف التي كان هو صاحبها ورئيس تحريرها، حيث استفرد به في أحد الشوارع المظلمة، في محلة الغلغول، وأطلق عليه الرصاص».

أيّد صائب سلام انتخاب الرئيس فؤاد شهاب، وقال كنا «بحاجة إلى رئيس تكون عنده القدرة على فرض هيبة الحكم وإعادة توطيد الأمن والاستقرار - المفقودين آنذاك في لبنان - وكذلك المؤسسات الشرعية إلى وضعها الطبيعي. وهذه الميزات لا تتوافر إلا في شخص فؤاد شهاب، كونه قائداً للجيش، وقد سبق له أن تولى مقدرات البلاد يوم استقالة بشارة الخوري».

ويضيف «لم أكن أدري، بما عرفناه بعد ذلك، أن الأميركيين كانوا قد اتفقوا مع عبدالناصر على فؤاد شهاب. ولم أكن بذلك أنفذ أي تعليمات أتتني من مصر، أو ألبي قراراً من جمال عبدالناصر، كما أشاعوا آنذاك، فذلك لم يكن صحيحاً».

لكنه لاحقاً يقول كم ندم على إصراره على انتخاب شهاب. ويروي تفاصيل خلافاته مع شهاب في كل ما يدور في أروقة الحكم وتشكيل الحكومات والإنتخابات وطبعاً المكتب الثاني، ليقول «إن استمرار المكتب الثاني - وهو جهاز خاص للحفاظ على أمن الجيش وليس أكثر من ذلك - بالتدخل في الكبيرة والصغيرة، بتأييد من فؤاد شهاب، أدى إلى أوخم العواقب في إفساد المجتمع اللبناني ولا سيما الكثير من السياسيين، كما أدى إلى أمر لا يدركه الكثيرون، وهو تعطيل سير الديموقراطية في لبنان، رغم أن سيرها لم يكن مثالياً».

ووصف شهاب بأنه يتّصف بضعف في الثقافة وهو «أكثر الرؤساء تعصباً»، وبأنه «كان يسعى دائماً الى ذرّ الخلافات المذهبية بين المسلمين عن طريق إيهام الشيعة بأن السنّة يستولون على حصصهم في إدارات الدولة».

وحين قدم استقالة حكومته له، قال عنه سلام، «عندما شعرتُ بتفاقم عمل فؤاد شهاب ومعاونيه ضدي استغلالاً لظرف سقوط الوحدة المصرية - السورية، قدمت استقالة الحكومة إلى شهاب الذي قبِلها وتبعني إلى باحة القصر محاولاً إقناعي بقبول استمرار السائق والمرافق في عملهما معي، وكان هذا تقليداً متبعاً من قبل ومن بعد ولا مجال لأي منّة في ذلك، غير أنه أراد بذلك أن يغطي حقده عليّ بتصرف ظن أنه قد يغيّر من نظرتي إليه».

في انتخاب الرئيس شارل الحلو، قال: «انتُخب شارل حلو رئيساً للجمهورية بعدما تقلّبت المواقف، وكان للمكتب الثاني، من جديد، ما يريده. أحسستُ بأنني أُصبتُ بهزيمة سياسية وشخصية».

ويشير إلى أن حلو «مارَسَ سلطاته الرئاسية، وسط وضعية أتاحتْ للمكتب الثاني أن يواصل ممارساته السابقة».

ويروي سلام، بإسهاب كيف خاض هو عملية اختيار الرئيس سليمان فرنجية. ويقول بعد نجاحه «شعرت بشيء من الراحة لكنني شعرتُ بأن ثمة معارك جديدة تنتظرني».

وهو تسلّم رئاسة الحكومة في عهد فرنجية الذي انتهى بالحرب واختيار الرئيس إلياس سركيس خلفاً له.

ويروي سلام، تفاصيل اللقاءات والضغط السوري لانتخاب سركيس وطلب السعودية منه ان «أستخدم ما لدي من حكمة بحيث أتفادى أي تصادم مع السوريين.

أنا، حتى اليوم، لم أصطدم بهم علناً رغم كل ما يفعلون، ولكنني أعمل ضد عملهم بكل ما لديّ من وسائل، لقناعتي بأن هذا في مصلحة لبنان، وفي مصلحة سورية أيضاً، وخصوصاً في مصلحة منظمة فتح التي أرى أن السوريين يريدون تدجينها لتصبح تابعة لهم مثل منظمة الصاعقة. لذلك فإنهم يلجأون إلى كل أنواع الضغط على النواب بغية الإتيان بالياس سركيس».

تمسك أكثر من مرة بريمون إده «الذي أعرف عنه صراحته وصدقه وأخلاقه وماضيه اللامع ومواقفه ضد العنف المسيحي والمؤامرات الأميركية.

في المقابل، كنت أمقت لدى إلياس سركيس سابق علاقته مع المكتب الثاني وقذارة الحاشية المحيطة به والساعية إلى إنجاحه، فضلاً عن كونه مرشح سليمان فرنجية، ما سيجعل عهده امتداداً لعهد هذا الأخير ولفساده».

وروى سلام، قصة لقائه بالرئيس بشير الجميل وخلفياته وهو الذي حارَبَ وصولَه إلى رئاسة الجمهورية، وقال «نحن لا نقول إن بشير الجميل مرفوض، ولكننا قلنا إن بشير الجميل لا يمكن أن يكون الآمر بالعنف والقهر، خصوصاً بما كان يصدر عنه، وما صدر أخيراً أيضاً من ممارسات قبيحة قامت بها ميليشيات الكتائب ضد مسلمي بيروت».

وعن لقائه به، قال «بادرتُه بأنني لم آتِ للحوار، بل لأبحث معك أشياء كثيرة، ولأتعرف إليك وأطلعك على ما عندي. ولم أترك شيئاً إلا قلتُه له، أولاً: أحب أن أكون في منتهى الصراحة. ثانياً: إن ترشحه ولد صدمة أولى، وتبعت ذلك صدمة أخرى يوم انتخابه، وإننا قاومناه، والسبب أننا نطلب رئيساً وفاقياً بناء على الوفاق الوطني، وهذا لم يحصل، وإن عليه أن يدرك سبب الصدمة عند المسلمين، ثم إن ليس بإمكاني أن أتخطى ما له في ماضيه، مما لا يشجع في تحسين صورته عند المسلمين».

وبعد اغتيال بشير، قال سلام إنه وجد فيه «آمالاً كباراً للُبنان، وإننا خسرنا فيه رُكناً، كُنّا نُمنّي أنفسَنا بشيء منه لمستقبل لُبنان».

ولاحقاً، أيّد سلام ترشيح شقيقه أمين الجميل، وقال «ما جعلني أبادر فأقرر ترشيح أمين الجميل من قبل المسلمين، لأنفي عن الكتائب أنهم هم كانوا الأداة (مجازر صبرا وشاتيلا)، لأن هنالك إبهاماً في الموضوع، فالبعض يقول إنهم الكتائب، والبعض يقول إنهم جماعة سعد حداد. أما الدلائل التي عندي فلا تؤكد أنهم كانوا جماعة سعد حداد، وأنا أميل إلى أنهم كانوا من الكتائب، ولكنني أخذت من أول دقيقة ما وجدته من مصلحة وطنية فنفيتُ ذلك، وكنت أول من أعلن هذا النفي».

لكنه لاحقاً يُدْلي بشهادته في الجميل متوقفاً عند «ما أصابنا من نتائج تصرفات أمين الجميل، وما أصابني أنا شخصياً بسبب دعمي له ولرئيس الوزارة (شفيق) الوزان، بينما هو لم يسمع مني يوماً نصيحة واحدة، فقد أعماه الغرور، كما أعمى الوزان، مستنديْن إلى دعمي لهما، وربما إلى تضليل الأميركان، بحيث اعتقد الجميل أن سياسة أميركا أصبحت في جيْبه، بينما كان تقديري أن أتحمّل الملامة مقابل الإبقاء على الشرعية، لعلنا نتمكن بواسطتها من إيجاد المخارج من المأزق الذي وقع فيه لبنان. ولطالما نبّهتُ الاثنين من خطر الغرور الذي قضى على أعاظم الرجال».

ولاحقاً أضاف أن «اقتناعي أصبح راسخاً بأنني لا يمكن بعد الخبرة أن أتعاون مع أمين الجميل، بينما يمكنني أن أساعد مَن يكون في الحكم على أمين الجميل بطريقة إيجابية حيناً، وربما سلبية في أحيان أخرى».

وسلام الذي عُرف في بداية الحرب بعلاقة مع مؤسس حزب الكتائب بيار الجميل، قال عنه: «أعتقد أن استمرار علاقتي ببيار الجميل، رغم ما أتحمله في هذا السبيل، هو خدمة وطنية تُبْقي الأمل عند المسيحيين وعند المسلمين بإمكان التعايش بينهم. وأنا أعتقد أن بيار الجميل مخلص ويريد الخير، ولكنه بسيط جداً في تفكيره وضيق الأفق وقصير الحيلة، بينما يعتقد غيري أنه منافق ومراوغ، وأعتقد أن سبب هذا الاعتقاد هو أن الجميل يقع تحت تأثير مَن حوله في أغلب الأحيان - خصوصاً تحت تأثير كميل شمعون وأمين وبشير الجميل - وأحياناً يضطره قُصر حيلته إلى الظهور بمظهر المراوغ أو الكذاب».

رؤساء الحكومة بـ «الأبيض والأسود»

وتناول سلام، رؤساء الحكومات المتعاقبين بعبارات متفاوتة، فقال عن رياض الصلح مثلاً «ما يلفت النظر هو سعيه في معركة الاستقلال واعتقال الصلح والخوري في قلعة راشيا، إلى طمس الدور الذي قمنا به في المصيطبة، فهو لم يتحمل سماع مختلف وسائل الإعلام طيلة 11 يوماً تشيد بأعمالنا، أثناء غياب الحكومة، وتتحدث عن المصيطبة التي أصبحت مركزاً ورمزاً لنشاطنا السياسي».

لكنه ينصفه لاحقاً بقوله إن «الحل الديبلوماسي الذي توصل إليه الصلح مقابل رغبتنا في إسقاط النيابة عن إميل إده، كان أفضل من مشروعنا الداعي إلى طرده بسبب ما اعتبرناه مخالفة للنهج الاستقلالي».

ليعود ويمدحه بعد اغتياله «لا أعرف الكثيرين من رجال السياسة اللبنانيين يملكون دهاء رياض الصلح، وحنكته، وقدرته على صنع المقالب السياسية التي تدل على فطنة وسرعة خاطر».

وعن عبدالحميد كرامي، يقول «كان نجماً صاعداً في السياسة اللبنانية، وقد اتصفت شخصيته بمزاج عصبي أفقده ميزة المرونة والمناورة السياسية التي عُرف بها رياض الصلح. وهو كان قد تخلى عن لباسه التقليدي يوم اعتُقل في راشيا بملابس النوم، كما ورد سابقاً، فأعاره كميل شمعون قميصاً وبنطلوناً وجاكتة واستمر من بعدها بالزي الإفرنجي، وإذ نزع عمامته التي عُرف بها، فقد وضع على رأسه الطربوش الذي لازمه مدة من الزمن. وقد أصبح عبدالحميد وكأنه من أهالي بيروت».

وانتقد، سلام، رشيد كرامي مرات عدة، وهو الذي قال عنه عند اختياره رئيساً للحكومة في عهد شهاب «اتخذنا موقفاً إسلامياً موحداً لجهة تسمية رئيس الوزراء المقبل، وهو رشيد كرامي الذي نعتبر أنفسنا جميعاً ممثَّلين به... وكانت تلك المرة الأولى في لبنان التي يُختار فيها ممثلاً للمسلمين جميعاً لرئاسة الحكومة، وقد مَنح هذا الإجماع الرئيس كرامي قوة جماعية لم نتقن استعمالها في ما بعد مع الأسف».

وأضاف «لم يكن من الواضح أن رشيد كرامي يتحمل بعض المسؤولية في المواقف التي يبديها رئيس الجمهورية، سامحه الله، إنه اليوم - كما كان سامي الصلح في السابق - يدير ظهر المجن لمسؤولياته الوطنية والعربية والإسلامية، ويقتصر عمله على تيسير مصالح أقاربه وأخصامه».

كما انتقد الرؤساء، تقي الدين الصلح مرات عدة، ورشيد الصلح، وسليم الحص، وشفيق الوزان.

وفي مرحلة لاحقة تحدث عن دور الرئيس رفيق الحريري، فقال «لا مآخذ عليه في الواقع، صرت أحب الحريري وأقدّره، وليس عندي من مآخذ عليه أبداً، بل له عندي كل تقدير. وأنا لا أدع فرصة إلا أكلمه فيها لأنني أقدّر له ما قام ويقوم به في صيدا وفي بيروت، وهذا الاندفاع الذي عنده. وها هم أصحاب المال يتشددون في حفظ مالهم بينما هذا الرجل أعطاه الله نعمة العطاء، مع ماله، فبارك الله فيه، وأتمنى لو يعطيه أكثر مما عنده».

لكنه أحياناً يستخدم كلمة «مندوب السعودية»، لتوصيفه ومن ثم انه «رجل الخير».

ولاحقاً يقول عن مرحلة الرئاسيات عام 1988 «مسكين الحريري... ربما أخذ منه الغرور مأخذه فأصبح يتصرف على غير هدى (...)».

ووصف مستشاريه بأنهم «أكثر منه غباوة في السياسة وتقلباتها»، ليتحدث لاحقاً عن إمداده المقاصد بالمساعدة المالية فيقول «(...) ولولا نخوة رفيق الحريري وإمداده تمام قبل سنتين للمرة الأولى، بنصف مليون دولار وثاني مرة بمليون دولار، لتوقفت تلك المؤسسة العريقة ووقعت في عجز لا قبل لها بتداركه، والعياذ بالله».

خفايا العلاقة مع جنبلاط... الأب والابن

هاجم سلام (الزعيم الدرزي) رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط، واتهمه بأنه كان أحياناً يساير «المكتب الثاني» ضده، وينقل عنه في ثورة 1958 قوله له: «سألني جنبلاط عما تملكه بيروت من قطع السلاح أجبتُه: 1500 بندقية، فقال: سأرسل لك عدة آلاف ومنتخلص من هؤلاء - القلاعيط - وكان يقصد أبناء الجميزة والكتائب وعلى رأسهم بيار الجميل، وأقول الجميزة لأن الإعلام الغربي أطلق على الصراع في لبنان صراعاً بين البسطة والجميزة، أي بين المسلمين والمسيحيين. فسألته: افترض يا كمال أننا هزمنا الآن المسيحيين، فماذا سيحصل بعد ذلك؟ هل تعود هنالك من إمكانية لإعادة بلدنا إلى طبيعته بعد انتهاء ولاية شمعون؟ فأجابني: عمرو ما يعود لبنان إلى طبيعته».

ولاحقاً انتقد دور وليد جنبلاط في الحركة الوطنية، وقال: «كان جنبلاط يعلن تكراراً أن لا أمل إطلاقاً بإنقاذ لبنان، سوى بزوال أمين الجميل وحكم الكتائب. والحق أن كثيرين أصبحوا يرون رأيه، مع أن الواقع هو أن ما أسميه جبليات كان دائماً سبب الصراع بين جنبلاط ووالده كمال من قبل، وبين كل رئيس جمهورية ماروني، وهذا من رواسب التاريخ في التقاتل بين الموارنة والدروز على مَن يجب أن يحكم لبنان القديم، ثم انتقل هذا الصراع إلى لبنان الجديد، ولطالما تَضَرَّرَ منه اللبنانيون بما كان البعض يسميه في لبنان الحديث العقدة الجنبلاطية الهدامة، تلك التي استحكمت بكمال جنبلاط وبعده بولده وليد. وأعترف بأنني أصبحت أخيراً مقتنعاً مع جنبلاط بأن أمين الجميل، وقد غرق في الفساد مع كل مَن حوله، بالإضافة إلى خفّته وعدم تقيّده بأي قواعد خلقية، لم يعد بإمكانه اكتساب ثقة الشعب».

وتناول كلام جنبلاط عنه، وقال: «سكتُ أولاً وثانياً عن وليد جنبلاط وما يصدر عنه من قباحات. ففي جنيف كان قليل أدب، وقبل جنيف غمز من قناتي، وقبل عشرة أيام قال إنني حليف - الجبهة اللبنانية - فلم أردّ على كل ذلك».

وفي مكان آخر يروي أن الرئيس حسين الحسيني زاره «وروى لي أشياء عن زيارته مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين لدمشق. وفي جملة ما رواه، على حد قوله، ما وقع من صِدام بين الشيخ ووليد جنبلاط بسببي، إذ تعرض لي فصده شمس الدين بقسوة. والأهم من ذلك، أن جنبلاط أراد أن يقنعهما بأن ما لدى الشيعة والدروز من روابط تجعلهما في مركز القوة ليجابها جماعة السنّة، وعلى حد قول الحسيني فإن النقاش عندها تأزم إلى أقصى حد، حتى إن الشيخ شمس الدين قال له: أرجوك أن تفهم أننا والسنّة جسم إسلامي واحد، بل إنني لأعتبر نفسي سنياً مثلي شيعياً، فأنا مسلم وكفى».... الجلسة المغرية

... الجلسة المُغرية

في روايته لأحداث داخلية، يتوقف سلام، عند كثير من الشخصيات السياسية من الصف الأول والثاني، فيعطي لمحةً عنهم أو يشير إليهم بسبب أحداث وقعت بينه وبينهم أو لقاءات عقدت.

مثلاً يقول «تغدى عندي نواف سلام وسمير فرنجية ومنح الصلح، وكانت جلسة مُغْرِية، تناول الحديث فيها شؤوننا الحاضرة والأوضاع العربية، كما كان البحث في نواح فكرية مع منح وسمير اللذين يعدهما الكثيرون من المفكّرين الواعين في لبنان. والواقع أنني أجد متعة في التحدث إلى مثل هؤلاء الشباب، مهما اختلفت الآراء، إذ أرى نفسي في أجواء بعيدة نوعاً عن أجواء كثير من السياسيين، وما يطغى عليها بوضوح من سخافات وشهوة للاستيزار، مع العلم بأن عقدة منح الصلح، وهو ولا شك صاحب فكر وقلم، هي شهوة للاستيزار أيضاً مستمرة، ولطالما عطلت تَجَرُّده كمفكر.

وكذلك هي عقدة سمير فرنجية ولا شك، لأنه ابن حميد فرنجية صاحب الزعامة الموروثة الأصلية، وصاحب الحق فيها، وهو يجد نفسه اليوم مغموراً بعد وفاة والده، وانتقال الزعامة إلى عمه سليمان وأبنائه، وهو الذي كان بعيداً عنها ويقوم بدور مساعد مغمور لوالده حميد، بالإضافة إلى أنه كشاب مفكر لديه كفاءة إلا أنه بلا شك لا يقاس بأبناء عمه سليمان. وكم من البشر يعيشون في عقدهم النفسية».

لبنان قام على التوافق وليس على صفقة بين المسلمين والمسيحيين
يحرص الرئيس صائب سلام على شرح معنى الميثاق والصيغة اللبنانية والالتباس الذي وقع فيه البعض، عن قصد أو عن غير قصد، ما بين مضمون الميثاق الوطني وبين بعض الصيغ الأخرى، ومنها توزيع الرئاسات في لبنان على الطوائف الثلاث: رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة الوزارة للسنّة ورئاسة المجلس النيابي للشيعة.

ويقول «تَكَرَّسَ انتخاب بشارة الخوري رئيساً للجمهورية بتعهد كتابي، وانتخاب صبري حمادة رئيساً لمجلس النواب بتعهد شفوي، لكونه من أقدم النواب في المجلس، وليس بسبب كونه شيعياً، لأنني لم أفرّق يوماً بين السني والشيعي.

أما رئاسة الوزارة فلم تكن أمراً مستحدَثاً، فقد شغلها السنّة أيام الانتداب الفرنسي قبل 1943 وجرى تشكيل ست حكومات بين يناير 1936 ومارس 1943 وتولى رئاستها خير الدين الأحدب، خالد شهاب، عبدالله اليافي، أحمد الداعوق وسامي الصلح، يضاف إليهم عبدالله بيهم الذي كان أميناً لسر الدولة مع النظام الموقت، وتلك كانت بمثابة رئاسة وزارة».

ويوضح «وهكذا... فالجديد في الأمر هو انتخاب صبري حمادة وليس موضوع رئاسة الحكومة. أما الميثاق الوطني، وهو غير مكتوب، فيمثل تفاهماً وتوافقاً إسلامياً - مسيحياً على نبذ الاحتلال والحماية الأجنبية على بلد حر مستقل هو لبنان.

فلبنان قام على هذا التوافق، وليس بناء على صفقة بين المسلمين والمسيحيين كما يردد البعض، وهو لا يستمر من دون هذا التوافق الإسلامي - المسيحي، كما أن الميثاق ليس الصيغة السياسية أو غيرها من الصيغ كما يظن البعض، فالصيغة غير الميثاق والميثاق غير الصيغة».
مشنقة وغرام ونفي وقبضايات
في الكتاب الأول، تتحوّل المذكرات لوحةً اجتماعيةً عن بيروت التي نشأتْ فيها عائلة سلام، حيث كان والده سليم علي سلام، لاعباً سياسياً أساسياً، ورجل أعمال، في بيروت وفلسطين.

اللوحةُ الاجتماعية للعاصمة تتناول الحالة الاجتماعية للعائلة، لكن أيضاً لمنطقة بيروت والمصيطبة، ببيوتها وقبضاياتها ورجالاتها والاتجاهات السياسية الناشئة فيها في زمن العثمانيين وإفلات الوالد من حبل مشنقة جمال باشا السفاح، إلى مناصرة القضية الفلسطينية.

يقول صائب سلام عن والده «كان الوالد عاملاً فاعلاً في محيطه، يمارس المسؤوليات المهمة على كل صعيد عائلي وشعبي ورسمي، مناضلاً عربياً، ووطنياً تحررياً. دخل السجن العثماني مرتين، اقتربتْ رقبتُه في إحداهما من مشنقة جمال باشا السفاح يوم محاكمات الديوان العُرفي في مدينة عاليه، ثم سُجن في عهد الاستعمار الفرنسي مرات عدة انتهى في آخرها إلى النفي والتشريد عام 1922، يوم حاك له الفرنسيون مؤامرة دنيئة خبيثة، فاعتقلوه مع رفاقه سليم الطيارة وحسن القاضي وصلاح الدين بيهم، وزجّوهم في سجن القلعة في رأس بيروت، حيث قضى مدة من الزمن في الزنزانة، وعندما لم يتمكنوا من إثبات أي تهمة عليه وعلى رفاقه، سمحوا لهم بالخروج أولاً إلى ساحة السجن ثم نفوهم إلى بلدة دوما في أعالي جبال البترون».

هذه المشهدية تكاد تكون شاملةً بالمعنى الواسع لأعمال العائلة في الدولة والأضرار التي لحقت بها، إلى رحلات الصيد وركوب الخيل، ومحطات السفر الكثيرة وفي مقدمها لندن والإقامة فيها، إلى دور الجامعات الغربية منها تحديداً، كالجامعة الأميركية والمدارس، إلى دوره كرجل أعمال وتأسيسه طيران الشرق الأوسط، وصولاً إلى العلاقات الشخصية.

الزعيم البيروتي يروي حياته الخاصة قبل زواجه برفيقة عمره السيدة تميمة مردم بك، ولا سيما قصة غرامه بالسيدة ليلى شقيقة ايريس التي أصبحت لاحقاً زوجة الرئيس سليمان فرنجية. علاقة 12 عاماً انتهت بانفصالٍ عزف بعده سلام عن الزواج، إلى أن التقى بزوجته تميمة التي أحبها وتزوج منها.

في رحلته الشخصية، يروي سلام علاقات الاخوة والعائلة والبيت ومن ثم دور المقاصد كصرح تربوي عريق.

كما يروي سعيه في السعودية وليبيا والدول العربية إلى تأمين تمويل لها، ولا يتردد في ذكر مَن وفى بوعده كالرياض، ومَن لم يفِ بوعده كالعقيد الليبي معمر القذافي.

لكن الحَدَث يبقى أولاً وآخراً الدور السياسي لصائب سلام، الذي كان يرافق والده في عمله السياسي وورثه عنه كما ورث زعامة العائلة، فأصبح نائباً ووزيراً ورئيساً للحكومة

شهادة ذاتية
لا شك أن قراءة مذكرات صائب سلام، تعطي فكرة شاملة عن أعوام السلم والحرب في لبنان، خفايا اللقاءات الحوارية والعلاقة مع سورية وأدوار الدول العربية والعواصم الغربية، وشخصيات القادة اللبنانيين، وهي التي تمتد على نحو مئة عام حافلة بالأحداث الكبيرة والصغيرة... عنوانها الأساسي أنها شهادة من قلب الحَدَث حول الصيغة اللبنانية ومسببات الحرب وآفاق السلم والإصلاحات. وتبقى شهادة ذاتية لشخصية عرفت كيف تكون في مقدمة الحدث السياسي، وهي اليوم تعود إليه عبر ثلاثة كتب من المذكرات الحافلة، والتي يصعب اختزالها بصفحات أو لمحات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي