No Script

من الخميس إلى الخميس

فقط... كن شمعة صغيرة

تصغير
تكبير

لا يصلحُ الناسُ فوضى لا سراةَ لهم

ولا سراةَ إذا جُهّالهم سادوا

تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت

فإن تولّت فبالأشرار تنقاد

بيتان للشاعر العربي (صلاءة بن عمرو بن مالك أود) الملقّب

بـ ( الأفوه الأودي) المتوفى عام 68 قبل الهجرة، وكان الشيخ (عبدالله السالم)، رحمه الله، ينشدهما في المناسبات الوطنية ومنها افتتاح مجلس الأمة.

كان رحمه الله، يُحذّر من خلال هذين البيتين من طائفتين، الجهّال والأشرار. ومن أعظم الفتن أن يحيا الإنسان في وطن فيه تحالف بين الجهال والأشرار، وهو ما نراه في دول حولنا تحولت إلى دول فاشلة يقودها جهال ويدعمهم الأشرار.

إنّ الذي حذّر منه الشيخ (عبدالله السالم) ويُحذّر منه المُصلِحون لدينا لا بد أن يكون عنوان المرحلة المقبلة.

لنتذكر دائماً أنه متى ما تحالف المال الحرام مع سلطة الشر فإنهما قادران على خلق قوة ليس من السهولة التغلب عليها، في العالم كله لا تخلو دولة من الدول من جهال وأشرار، أحياناً يتصارعان داخلهما أو في ما بينهما، وأحياناً يتفقان داخلهما أو في ما بينهما، لكن مقابل هؤلاء وهؤلاء يوجد هناك تحالفات من أهل العلم والأخيار يواجهون تحالف الشر والجهل.

إن المتأمل يرى الدول تعلو بقوة علمائها وأخيارها وتهبط بضعفهما؛ في الكويت تتوسع رقعة الخلاف وقد اكتشفنا أن بعضا من مثقفينا هم مجرد نمور من ورق، يطالبون بالحريات وهم يدافعون عن الأشرار، يطالبون بحرية التعليم وهم في الحقيقة يطالبون الأمة أن تنسلخ عن قيمها ودينها، ثقافتهم بضع كلمات أجنبية ومصطلحات منقولة لا يدركون حتى أبعادها؛ تلبّسوا العلمانية وجعلوها مجرد أداة لتحقيق شهوات ومصالح الشر ليس أكثر؛ وفي الكويت أيضا تتوسع ببطء بقعة الجهل، ارتقى بعض الجهلاء تجمعات عصبية وتجارية ودينية وصعدوا فوق الأشهاد كممثلين عن أجزاء من الشعب، دغدغوا مشاعر البسطاء وأقاموا سلطانهم فوق أحلام الأمة؛ يتكلّمون بالقيم نهاراً ليهدموها ليلاً والنتيجة، جزء من الشعب محتار، مُرتبك لا يعرف من يُصدّق أو حتى من هو الصالح الحقيقي.

لقد نجح تحالف الشر بنشر ثقافة الاتكال والواسطة بين جيل المستقبل، حتى أصبح العمل الجاد والمتقن يُقابل بالتشكيك، فالكثير ملكوا الملايين دون عمل، برأيهم أن الواسطة تُنهي كل شيء، والمعرفة المصلحية أساس النجاح؛ ولكل مسؤول ثمن عرفه من عرفه وجهله من جهله، أصبح لدينا جزء من الشعب لا يبحث عن المُخْلِصين (بتسكين الخاء وكسر اللام) بل على المخَلّصين (بفتح الخاء وتشديد اللام وكسرها)؛ اليوم تتوسّع رقعة القلق في نفوس الكويتيين، ومع القلق هناك الأمل دائماً بالانتظار.

قصيدة (الأفوه الأودي) لها تكملة مهمة تقول:

والبيتُ لا يُبنى إلّا له عمَدٌ

ولا عمادَ إذا لم تُرس أوتادُ

فإنّ تجمّع أوتادٌ وأعمدةٌ

لمعشرٍ بلغوا الأمرَ الذي كادوا

هذا الذي نحتاج إليه اليوم، تجمع أوتاد من أهل الخير، من الذين سكتوا طويلاً وحان وقت كلامهم، حان وقت وقوفهم ضد سياسيين مستغربين جهلاء يتكلمون ولا يعملون، وأشرار هم أعداءٌ لقيم العمل والإخلاص؛ نعم حان وقت وقوف أوتاد الخير مع العماد والأعمدة الذين يريدون خيراً للكويت من أجل إيقاف مدّ الجهل والشر، إن الكويت اليوم على مفترق طرق، وحده شعب الكويت الطيب المتعلم قادر على قيادتها إلى بر الأمان.

المطلوب اليوم أن يُشعل كل منا شمعة في حب الكويت، شمعة صغيرة تحارب الجهل والشر، ليس بالغناء والأشعار بل بالعمل، فقط التزم بعملك مهما كان نوعه وكن مؤتمناً فيه، واحذر دعاوى الفتن والتشكيك بالوطن، تلك هي أداة قيام الدول ونجاحها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي