عبدالله زمان / حينما لا نعرف ما نريد

تصغير
تكبير
في مقالنا السابق تحدثت عن واقع الوحدة الوطنية في حادثة بذاتها والانعكاس التدريجي لتلك الوحدة التي نتجت وسرعان ما تلاشت بعد أعوام عدة. ومازلت أبحث عن سبب ذلك، فكلّما قلت إنني اكتفيت اكتشف أموراً أخرى من الضروري أن نسلط الضوء عليها. لذلك اسمحوا لي بأن أتناول الفكرة من زاوية أخرى.

يُقال في الموروث الإسلامي «إن نعمة لا تشكر، كسيئة لا تغفر». ومن هنا يمكن لمقالنا السابق أن يشرح القسم الأول من الحديث، لأنه بين أيدينا نعمة لا نشكر الله عليها. ولكن اليوم استعرض حقيقة السيئات والذنوب التي نقترفها بحق هذا الوطن وكيف أنها لا تُغفر.

ونحن نعيش الحريات، والديموقراطية وسبل المشاركة في الحكم، فنحن أمام نعم كان يجب علينا أن نشكر الله سبحانه عليها، ولكن أن نشوه العمل الديموقراطي، وأن نكون شريكين سيئين في الحكم، وأن نعمل على قلع أعيننا بأيدينا، فتلك السيئات التي لا تغفر بحقنا.

منذ أن تأسست الكويت، وهاجر إليها من هاجر، واستوطن فيها من استوطن، نشأت الدولة الحديثة تدريجياً واحتوت من عليها ليؤسسوا شعباً كانوا أحد أهم مكونات نظرية بناء الدولة التي تنقسم إلى ثلاثة تكوينات (الأرض - الحاكم - الشعب). فلم ينبت أحد على هذه الأرض وهي حقيقة يجب أن نجعلها بالحسبان، بل الكل استوطنها لسبب أو لآخر والناتج أنهم أصبحوا شعباً لهذه الدولة.

ومرّت الدولة الجديدة بعدد من محطات تاريخية، حتى استقرت بمفهومها الحالي كدولة ذات مؤسسات دستورية وقانونية، وشرّعت لنفسها دستوراً ارتضيناه كمرجع وميثاق للعلاقة بين الشعب والسلطة، وبين الشعب في ما بين بعضهم البعض. فما الجديد اليوم؟

بكل بساطة، نحن شعب لا نعرف ما نريد، فحينما ادعى الليبراليون بأن الكويت دولة مدنية، تضافرت القوى الإسلامية (سنّة وشيعة) ليعلنوا بأن الكويت دولة مسلمة. وحينما انفردت بعض القوى الإسلامية بمذهب الدولة، خرج الليبراليون والشيعة متضامنين على أن الشريعة «مصدر للتشريع» وليست المصدر الحصري. كذلك، حينما ناصرت القوى الإسلامية المقاومة الإسلامية التي تقاوم الكيان الصهيوني تضافر الشيعة والسنّة أمام هذا الاستحقاق الإسلامي، واعترض على ذلك «بعض» الليبراليون. حتى بالمجلس، اتحد الشيعة والسنّة في التصويت على لجنة الظواهر السلبية، والأمثلة كثيرة. وتلك المحطات كلها، ونحن مازلنا لا نعرف ما نريد.

الجواب يا سادة بكل بساطة موجود بالدستور الكويتي، الذي سابق عهده حينما وضعوه، بل وتعدى أزمانه حينما أصدروه. هذا الدستور الشامخ الذي أصبح محل نزاع الدخلاء على العمل السياسي والدستوري، فلم يزل البعض يعمل على تكفير الشعب بجدوى الحياة الديموقراطية، وتسفيه المبادئ الدستورية، ذلك كله لأنها لا تستقيم وأجندته الداخلية أو الخارجية.

فمن لا يريد العمل بالدستور، هو بالتأكيد صاحب مآرب عارية، وأجزم بأن عورته انكشفت للجميع وإن تستر بورقة التوت. فقد تبين ممارسة بعض الدخلاء من جرّاء معاداتهم للدستور حتى لو أعلنوا تأييدهم له مليون مرّة.

ومازلت أصر على السؤال، وهو عنوان المقال، إذا الشعب هو من يوصل هؤلاء «الممثلين» عليهم لا الممثلين لهم، فنحن لأننا لا نعرف ما نريد، ترانا بالضرورة نوصل من لا يعرف ما يريد هو أيضاً. وهذا دليل لا يقبل الشك أو الرد، على أننا أمام ذنوب نقترفها ضد مستقبل بلدنا، وهي ذنوب بالطبع لا تُغفر.



عبدالله زمان

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي