سعود عبدالعزيز العصفور / بصراحة / احتكار الحرية لا يجمل

تصغير
تكبير
يبدو أنني كنت متفائلاً عندما كتبت الأسبوع الماضي بأن تضييق الفضاءات أمام المعارضة السياسية سوف يدفعها إما إلى الخروج على القانون وإما الخروج خارج البلاد، وكنت واهماً عندما ظننت أنني قرعت أجراس الخطر بوقت مبكر جداً! تفاؤلي بأن الوقت مبكر جداً نسفه مقال الزميل ناصر العبدلي الذي نُشر في جريدة القدس العربي عن احتمالات الحل غير الدستوري، وصراع أجنحة الأسرة المؤمنة وغير المؤمنة بالنهج الديموقراطي.

نبهنا في المقال السابق، وسنعيد تكرار التنبيه بأن محاصرة قوى المعارضة إعلامياً وسياسياً بالسلطة والمال السياسي لن تقود إلى استقرار الحكومة، بل ستدفع بمتطرفي الطرح والأساليب إلى السطح وستغيب أصوات العقل والاتزان في طرفي الصراع السياسي. ومقال الزميل العبدلي، وإن كنا نختلف معه في بعض جزئياته، إلا أنه كان مقالاً متزناً طرح بأسلوب توصيفي هادئ، فمن يضمن أن تكون المقالات واللقاءات التلفزيونية والصحافية، من آخرين، بمثل ذلك الاتزان والهدوء؟ وهنالك عشرات الصحف والقنوات الفضائية المتعطشة لمثل هذا الطرح المكبوت داخلياً، وأكثر من «قدس عربي» في انتظار الآخرين.

احتكار مساحات الرأي والتعبير وقصرِها على مؤيدي الحكومة، وتجييرها للهجوم على معارضيها، لن يجعل من أخطاء الحكومة حسنات، ولن يجعل من كوارثها إنجازات، مهما طبل المطبلون وهلل المهللون ورقص الراقصون. لأن مليون خطاب تأييد ودعم ومؤازرة على غير حق يسقطها خطاب حق واحد مبني على مبدأ إنساني عظيم يقول ان «أعظم الجهاد كلمة حق». وآلاف الساعات من الردح الإعلامي المتواصل لن تجمل صورة أي مسؤول يفشل في أداء مهامه، ويخفق في تحقيق طموحات المواطنين وآمالهم، ويعجز عن ملء منصبه قدراً وإنجازاً، حتى وإن جند المشبوهين والمشبوهات في سبيل ذلك، لأن إطلالة فارس واحد، فقط، من فرسان العزة على منبر من منابر الأمة كفيلة بأن تعيد الكثيرين إلى أحجامهم الحقيقية، فلا تجبروهم على الخروج، ولا تضيقوا عليهم، لأن البلد يتسع للجميع، ومن لا يتحمل الصوت المعارض والرأي الآخر في هذا البلد «الديموقراطي»، فليجمع قواه وحاجياته وليرحل إلى حيث لا توجد معارضة ولا مجلس ولا «نواب تأزيم» ولا أحمد السعدون.





سعود عبدالعزيز العصفور

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي