450 كيلومتراً تفصله عن رام الله... المنطقة الأقرب في الضفة

مطار رامون الإسرائيلي... هل يصبح بديلاً لسفر الفلسطينيين عبر الأردن؟

مطار رامون
مطار رامون
تصغير
تكبير

لم يكن مفاجئاً للفلسطينيين الإعلان عن السماح بسفرهم عبر مطار رامون الإسرائيلي، ذلك أنهم كانوا على قناعة أن أزمة السفر إلى الأردن كانت مفتعلة لتمرير مخطط جديد للاحتلال.

وبالفعل، مع اشتداد الأزمة وكثرة الحديث عنها، عرضت إسرائيل السفر عبر مطار رامون وفق ما نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية السبت الماضي.

وذكرت الصحيفة أن سلطة المطارات الإسرائيلية تستعد لتشغيل أولى الرحلات الدولية للفلسطينيين من مطار رامون إلى تركيا مطلع أغسطس المقبل.

الصحيفة وصفت هذه الخطوة بـ«التاريخية»، حيث سيتمكن الفلسطينيون من السفر للخارج من دون الحاجة للمرور بالأردن.

ورغم أن الصحيفة العبرية لم توضح آلية السفر، إلا أن الفلسطينيين انقسموا بين قبول السفر عبر مطار رامون بشروط إسرائيلية وبين رفضه.

ومعظم الذين أبدوا استعدادهم للسفر عبر هذا المطار برروا ذلك بمعاناة الفلسطينيين عبر معبر الكرامة والتكلفة المالية المرتفعة التي يتكبدها الفلسطيني.

آلية سفر الفلسطيني عبر الأردن

تبدأ نقطة سفر الفلسطيني من مدينة أريحا، في ما يعرف بـ«الاستراحة»، وهي نقطة يسيطر عليها الجانب الفلسطيني بالكامل.

وهناك يُسلم الفلسطيني حقائبه ويدفع رسوم نقلها إلى الجانب الأردني، ثم يدفع ضريبة المغادرة عن كل فرد يتجاوز عمره العامين، والتي وصلت إلى 158 شيكلا (أكثر من 46 دولاراً).

وبعد ختم الجواز يتم نقل المسافرين عبر حافلة إلى منطقة الجسر التي تسيطر عليها إسرائيل، أو ما يسمى إسرائيليا بـ«جسر اللنبي».

وهناك يتم - في عملية أمنية دقيقة - تفتيش المسافر وفحص الأوراق الثبوتية (جواز السفر الفلسطيني لحملته، وتصريح سفر مع الهوية الفلسطينية لحملة الجواز الأردني)، ثم ينتقل المسافر عبر حافلات إلى الجانب الذي يسيطر عليه الأردن «جسر الملك حسين»، وهناك يتم فحص وختم الجوازات للمرة الثالثة.

وبعد الانتهاء من فحص الجوازات، يدفع المسافرون الفلسطينيون الذين يحملون بطاقات السفر الخضراء (أي غير حاملي الجوازات الأردنية) 10 دنانير (ما يعادل 14 دولاراً)، بالإضافة إلى رسوم على الأمتعة.

وفي حال كانت وجه السفر إلى أي دولة أخرى، ينتقل المسافر للمحطة الرابعة، وهي مطار الملكة علياء الذي يغادر منه إلى الخارج.

وعملية السفر هذه تكون على المعابر الثلاثة من الساعة السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء، وفي يومي الجمعة والسبت حتى الساعة 12 ظهراً، بينما يغلق المعبر بالكامل في عيد الأضحى ويوم الغفران اليهودي.

وفي حالات الزحام الشديد، في فصل الصيف غالباً، يتضاعف الوقت الذي يحتاجه المسافر من الأردن إلى فلسطين، وهنا تحدد إسرائيل عدد الحافلات التي تدخل إلى الجزء الذي تسيطر عليه، وهو ما يخلق أزمة للمسافرين الذين يتكدسون عند الجانب الأردني من المعبر أو في الحافلات بين المنطقتين لساعات طويلة.

العبور بكرامة

والمحطات الثلاث التي يمر بها المسافر حالياً كانت قبل العام 2016 ست محطات، حيث عملت «الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين بكرامة» لسنوات على تقليصها، إلى جانب تمكنها في 2017 من الضغط لعمل المعبر 24 ساعة خلال فترة الصيف وزيادة حركة المسافرين عبر المعبر.

ولكن مع إجراءات تقييد السفر في ظل انتشار جائحة «كورونا»، عاد الحال إلى ما هو عليه، وفق ما أوضحه لـ«الجزيرة نت» طلعت علوي رئيس الحملة.

وأضاف علوي: «نعمل وفقا لمبدأ أن للفلسطيني الحق بالسفر من أي معبر يشاء ووقت ما يشاء طوال الـ24 ساعة وبأقل تكلفة».

ووفق علوي، فإن الوضع الحالي للمعبر يشجع الفلسطينيين بالتوجه لخيار السفر من مطار رامون، الذي من الواضح أن هناك جدية إسرائيلية في تشغيله على حد قوله.

ورأى أنه من الأسهل للفلسطيني الوصول إلى مطار رامون، خصوصاً أنه سيسافر من دون الحاجة للمبيت في الأردن في الذهاب والإياب بسبب تحديد ساعات عمل المعبر، «في أكبر عملية ترانزيت تستنزف ماله ووقته».

واعتبر علوي أنه على الجانبين الأردني والفلسطيني قطع الطريق على الجانب الإسرائيلي من خلال العمل 24 ساعة في المعابر وتخفيض التكلفة، والسماح للفلسطينيين بالسفر عبر مركباتهم وتقديم التسهيلات الإضافية.

رفض رسمي

رسمياً، رفض الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية موسى رحال المخطط الإسرائيلي، مطالباً بتسليم مطار القدس الدولي إلى دولة فلسطين، وإعادة العمل في مطار غزة وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

إلا أن هذا الموقف لا يعول عليه، ويمكن أن يتغير بضغوط أميركية أو إسرائيلية، وفق ما يقوله عمر رحال مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديموقراطية «شمس».

وطالب عمر رحال بضغط سياسي وشعبي لرفض المخطط الإسرائيلي وتطبيق الاتفاقيات الدولية بعودة العمل بمطار غزة وتسلم «مطار القدس- قلنديا» لإعادة تشغيله.

وقال إن إسرائيل تهدف من خلال هذه الخطوة إلى أمرين، أولهما القول للرأي العام الدولي إن بإمكان الفلسطيني أن يتنقل لكل العالم من خلال مطار، وثانيهما القضاء على خيار إنشاء مطار يُدار من الجانب الفلسطيني.

وعلى المستوى الاقتصادي، يمكن لإسرائيل تشغيل مطار «ساقط اقتصاديا» حالياً، على «أكتاف الفلسطينيين»، وفق مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديموقراطية.

مزيد من الهيمنة الاقتصادية والأمنية

ورغم محاولات تسويق المطار إسرائيلياً، والإعلان رسمياً عن تسيير الرحلات التجريبية لتركيا، وهي من أكثر الوجهات السياحية والتجارية التي يقصدها الفلسطينيون خلال السنوات الأخيرة، إلا أن البعض يقلل من إمكانية الإقبال عليه نظراً لبعده جغرافياً.

ويقول المحلل المتابع للشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوشة إن بُعد المطار جغرافيا سيؤثر على استخدامه رغم كل التسهيلات الإسرائيلية المعلنة. ويضيف: «نحن نتحدث عن مسافة تصل إلى 450 كيلومتراً، أي 6 ساعات للمسافر من مدينة رام الله وهي المنطقة الأقرب بالضفة».

وهذا المطار الذي بدأ الطيران منه في العام 2019، هو ثاني أكبر مطار في إسرائيل بعد مطار اللد (مطار بن غوريون)، وكان التوجه لبنائه بعد حرب إسرائيل على قطاع غزة 2014، حينما خلصت لجنة أمنية أن مطار اللد (بن غوريون) ساقط أمنيا بعد توقف عمله عقب قصفه من قبل المقاومة الفلسطينية.

وأشار أبو غوشة إلى أن إسرائيل تحاول تسويق أزمة السفر عبر معبر الكرامة على أنها بسبب الإجراءات الأردنية والفلسطينية، بينما في الواقع الإجراءات التي تفرضها هي المسبب الرئيسي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي