No Script

رؤية ورأي

الكويت في خطر

تصغير
تكبير

على مدى سنوات عديدة، يتجدد الحديث في شأن تضخّم درجات خريجي منظومة التعليم المحلّية، بشقّيها العام والخاص، بعد كل إعلان عن نتائج مرحلة الثانوية العامة، وكذلك عند استقبال دفعات الطلبة المستجدين في مؤسسات التعليم العالي، بفئتيها الحكومية والخاصة.

كما تتجدد بصورة دوريّة المناشدات والدعوات المحدودة للتصدّي ومعالجة معضلة تضخّم الدرجات المزمنة، وتُعقَد الاجتماعات والجلسات الحوارية والمداولات والمناقشات، ثم تُعَد تقارير الدراسات وتُنشر آراء بعض الأكاديميين والمختصّين عبر اللقاءات والمقالات.

ولكن في الغالب كل ما سبق لا يتبعه إجراءات ملموسة على أرض الواقع لمعالجة المعضلة، لذلك استمرّت واستفحلت.

من جانبها، اعتمدت جامعة الكويت - منذ زمن بعيد - اختبارات القدرات الأكاديمية والمعدّل المكافئ المرتبط بتلك الاختبارات كأداتين لاحتواء مساوئ تضخم الدرجات لدى الطلبة الراغبين في الالتحاق بكليّاتها.

ولكن بعض كليّاتها اضطرّت لاحقاً إلى تخفيف استعانتها بتلك الأداتين بعد أن رصدت عزوفاً من الطلبة الذين توجهوا نحو البرامج المناظرة المتوافرة في الجامعات المحليّة الخاصة.

لذلك أضم صوتي إلى صوت المطالبين بتعميم «اختبارات القدرات والمعدّل المكافئ» على جميع طلبات الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي المحليّة، المدنيّة والعسكرية، وفي جميع طلبات البعثات الدراسية الداخلية والخارجية.

خليجياً، لدى بعض الدول مجموعة اختبارات معيارية لتقييم أداء الطلبة في مراحل دراسية عدة، أغراضها أشمل وأوسع من القبول الجامعي.

فعلى سبيل المثال، تستخدم نتائج «اختبارات الإمارات القياسية» في أغراض عدة من بينها تقييم فعّاليّة أداء المدارس وقياس جودة نظام التعليم العام وترشيد القرارات العلاجيّة، فضلاً عن استخدامها في القبول الجامعي.

وفق البيانات المدوّنة في صفحة «اختبارات الإمارات القياسية» على شبكة الإنترنت، أول اختبار معياري في مدارس دولة الإمارات العربية هو اختبار «أساسي»، المعد لتقييم معلومات ومهارات طلبة الصف الأول فور بدئهم مرحلة التعليم العام.

ثم تتبعه سلسلة اختبارات «تتابعي» التي يقاس من خلالها مدى امتلاك الطلبة للمهارات والمفاهيم لمواد دراسية محدّدة في بداية العام الدراسي للصفوف الرابع والسادس والثامن والعاشر.

ثم اختبار «إنجاز - ثاني عشر» الذي يُنظُّم في مراكز معتمدة من قِبل وزارة التربية والتعليم الإماراتية، لتقييم أداء طلبة الصف الثاني عشر في اللغة العربية واللغة الإنكليزية والرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء وعلوم الحاسوب.

من حيث الموازين العلمية النظريّة، تعتبر مجموعة «اختبارات الإمارات القياسية» أداة شاملة ناجعة لرصد وضبط وتنمية جودة منظومة التعليم في الدولة.

ولكن تطبيقها أو فرض اختبارات معيارية مناظرة لها في الكويت قد لا يكون خياراً مجدياً نجيعاً، لأسباب ذات أبعاد ثقافية سلوكية.

فمن جانب، وزارة التربية في الكويت مثقلة بتركة ضخمة شبه خاملة على صعيد تطوير مخرجات التعليم.

ومن جانب آخر، يعاني المجتمع الكويتي من شرائح واسعة غير راغبة في معالجة معضلة تضخم الدرجات، أو على أقل تقدير لا تعتبرها أولوية وطنية.

لذلك تخلّى معظم نوّاب مجالس الأمّة عن تبنّي ملف معالجة المعضلة، وفي مقدمهم أعضاء في اللجان التعليمية، ومارس العديد من النوّاب ضغوطاً سياسية على وزراء التربية لمنعهم أو لإرجاعهم عن قرارات استهدفت ضبط جودة التعليم ومخرجاته، كتصريحات نوّاب في المجلس الحالي ضد قرار اعتماد الامتحانات الحضورية للثانوية العامة في العام الدراسي الماضي، وضد قرار العودة إلى التعليم الحضوري في العام الدراسي الحالي.

الكويت في خطر، بسبب أزمة التعليم وهشاشة الثروة البشرية.

والتصدّي لهذا الخطر يستوجب: جعل إصلاح التعليم أولوية قصوى لدى السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتنمية ثقافة المجتمع بما يمنع أولياء الأمور وغيرهم من مشاركة الطلبة بالغش، وتنقيح مدوّنات قواعد السلوك (code of ethics) في الجمعيّات المهنيّة إلى ما يُحرّم على بعض المهنيين - مثلاً - استغلال مهنتهم لتحصين طلبة ضبطوا متلبّسين بالغش... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي