د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / دوامة الصراعات الشخصية

تصغير
تكبير
الصراع سنة من سنن الله في الكون، إذ نجده في عالم الحيوان، كما هو واضح وضوح الشمس في عالم الإنسان، بل هو من ضرورات البقاء «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين»، (سورة البقرة آية 251).

والصراع أنواع منه الفكري والديني والسياسي والاقتصادي، وهي متداخلة متشابكة، فالصراعات السياسية أو الاقتصادية قد تستخدم أطراف الصراع الفكري والديني، كما أن الصراعات الدينية والفكرية لربما استخدمت السياسة والمال وسخرتهما لخدمتها، وخير دليل على ذلك استخدام المعتزلة للخليفة العباسي المأمون لنشر معتقدهم في خلق القرآن.

ما يحدث في الكويت على المستوى السياسي من صراعات ومشاحنات ومماحكات يعتبر ظاهرة صحية في المجمل، وانعدامها يعني وجود خلل ما في المنظومة السياسية، فالطبيعي أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر، والطبيعي أن نستطيع التعبير عن وجهة نظرنا بكل وسيلة ممكنة من دون قهر أو استبداد، والطبيعي أن نكون قادرين كحكومة وكشعب على التعاطي مع تلك الاختلافات وفق آلية ارتضيناها، ألا وهي الدستور.

مكمن الخطورة أن تضيق صدورنا بالرأي الآخر، والأخطر أن نبدأ بتصنيف الآخر بالفساد والتآمر على الشعب بسبب اختلافنا معه في وجهات النظر، فلنا الحق أن ننتقد ما نراه مستحقاً للنقد، كما أن للآخر الحق في الدفاع عن وجهة نظره، بل والاستماتة في الدفاع عنها، بل إننا من دون قبولنا لهذا الصراع والاختلاف نكون قد حكمنا على أنفسنا بالفشل مقدماً.

لقد وصلت بنا الحال أن انتقلنا من صراع الأفكار والمبادئ إلى صراع الأشخاص والمجاميع، فأصبح بعضنا يدافع عن فلان لمجرد أنه فلان، وليس لديه استعداد أن يرى مثالبه، وإن كانت مثل الجبال، بينما هو على أهبة الاستعداد لتضخيم أخطاء علان لكونه خصماً لفلان فقط لا غير، وهكذا أصبحنا ندور في دوامة صراعات شخصية لا تسمن ولا تغني من جوع.

قراءة سريعة لمقالات بعض الزملاء الكتاب من جميع التوجهات كفيلة لإثبات صدق ما ذكرته آنفاً، ولن أقول لك تابع المدونات والصحف الإلكترونية ولا المنتديات فتلك عوالم أخرى، تشعر معها أننا على شفير حرب أهلية... لا قدّر الله!



في الأفق

ويقبح من سواك الفعل عندي

وتفعله فيحسن منك ذاكا



د. عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي