No Script

رؤية ورأي

حتى لا نرجع إلى «المربّع الأوّل»

تصغير
تكبير

الكلمة التي ألقاها قبل أسبوعين، سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله - نيابة عن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نوّاف الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله - تضمّنت خارطة طريق للخروج من المشهد السياسي الحالي، والمضي نحو استعادة استقرار البلاد واستكمال نهضته وترسيخ ممارسته الديموقراطية وتحقيق طموح وتطلّعات وآمال الشعب.

مرتكز هذه الخارطة، هو الشعب وحده، وليس غيره ومن دون غيره، حيث دعته القيادة السياسية إلى إعادة تصحيح مسار المشهد السياسي، وطالبته بحسن الاختيار في الانتخابات المقبلة، وحذّرت من مغبّة العودة إلى المربّع الأول (المشهد السياسي الحالي)، التي سوف تتصدّى لها القيادة السياسية بإجراءات ثقيلة الوقع والحدث.

بشكل عام، التفاعل الشعبي مع الكلمة السامية وخارطة الطريق كان إيجابياً، متّسقاً مع وجوب اختيار القوي الأمين في الانتخابات المرتقبة، ومنسجماً مع ضرورة التصدّي لعوامل تغييب العقل وتغليب العاطفة، كالتعصّب الطائفي والقبلي والعائلي خلال كامل الدورة الانتخابية، ابتداءً من قرب إنهاء أو انتهاء مدّة مجلس الأمة الحالي، ومروراً بانتخاب مجلس جديد، وانتهاءً بختامه.

ولكن، بالرغم من تناغم الشعب الفوري والعفوي مع الكلمة والخارطة، إلا أن مجموعة من المراقبين السياسيين يرجحون عودتنا إلى «المربّع الأول» من خلال الانتخابات المقبلة، لأننا كسائر المجتمعات المعاصرة في منطقة الشرق الأوسط، عاجزين عن التشخيص الموضوعي للأحداث وعن المشاركة الرشيدة في المشهد السياسي، لأن مبادئنا وقيمنا الإنسانية والوطنية، مشوّهة نتيجة لما تعرضنا له من موجات تطرّف وما تناولناه من جرعات تعصّب، طائفي حيناً وعنصري حيناً آخر، وسياسي منذ بداية «مسلسل الربيع العربي».

لذلك يرى هؤلاء المراقبون، أن توالي وتزايد المطالبات بمنع الانتخابات الفرعيّة ونبذ الاصطفاف الطائفي، ليست شواهد على تنامي الثقافة الديموقراطية في المجتمع. لأن معظم تلك المطالبات صادرة من قبل أفراد وكيانات اعتادت على التوظيف المباشر وغير المباشر للتعصب الطائفي والعنصري لخدمة أجنداتهم الانتخابية والسياسية. بل إن هذه المطالبات مجرّد تغيير مرحلي تطلّب استبدال التعصّب الطائفي والعنصري، بالتعصّب السياسي، وذلك منذ قرار المشاركة في انتخابات «الصوت الواحد» في 2016.

القدر المتفق عليه محليّاً، أنّه لولا التعصّب لما نجحت غالبية نوّاب مجالس الأمّة. وهذا التعصّب وصل إلى ذروته في انتخابات 2020 الذي أنتج مجلساً متطرّفاً اخترق جهاراً ومراراً الدستور واللائحة المنظّمة لعمل السلطة التشريعية، فضلاً عن الأطر الأخلاقية البرلمانية.

لولا التعصّب السياسي، الذي يفرز النوّاب إلى «أحرار» و«خونة»، لتمّت محاسبة معظم نوّاب المجلس الحالي من قبل الشعب على تقاعسهم عن أداء الحد الأدنى من واجباتهم الدستورية والأخلاقية. لأن من بين النوّاب من تغيّب عن الجلسات التنسيقية لانتخابات اللجان في دور الانعقاد الحالي، فلم يُكلّف بعضوية أي لجنة، ومن بينهم من اكتسب عضوية لجنة أو أكثر، لكنه تغيّب عن اجتماعاتها.

وتكفيني الإشارة هنا، إلى أحدث تقرير حول عمل لجان المجلس الدائمة والموقتة، وهو عن شهر مايو 2022.

هذا التقرير - مثل سواه - يوثّق تقاعس معظم نوّاب المجلس الحالي. فرغم عدم ارتباطهم بجلسات المجلس الاعتياديّة الدورية، وتكدّس 1767 موضوعاً في أدراج اللجان الدائمة و178 موضوعاً في اللجان الموقتة، عقدت اللجان الدائمة البالغ عددها 11 لجنة 12 اجتماعاً فقط لا غير، مجموع ساعاتها أقل من 19! وعقدت اللجان الموقتة البالغ عددها 9 لجان 4 اجتماعات فقط، مجموع ساعاتها أقل من 5 ساعات!

خارطة الطريق التي أعدّتها القيادة السياسية لا يمكن أن يستثمرها الشعب للخروج من المربع الأول، إلا إذا أخضع جميع المرشحين لتقييم موضوعي يُسقط عنهم حصانتهم المكتسبة من التعصّب الفئوي و«السياسي»... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي