No Script

بالقلم والمسطرة

عدوى نتمنّى انتشارها!

تصغير
تكبير

في كتاب نظرية الفستق «الجزء الثاني» للكاتب الصحافي السعودي فهد عامر الأحمدي، وفي فصل «جان دارك كنموذج»، ذكر قصة عن أطول حرب في التاريخ وقعت بين عامي 1337 و1453 بين فرنسا وانكلترا وتدعى «حرب المئة عام».

انتصر الانكليز في معظم المعارك واحتلوا شمال فرنسا، بما في ذلك باريس، غير أن ظهور فتاة فرنسية مجهولة تدعى جان دارك، قلب الموازين بفضل إيمانها برسالتها وثقتها الخارقة بنفسها.

كانت مجرد فتاة فقيرة يتيمة أتت من قرية بعيدة تدعى دميريمي، وأصرت على مقابلة الملك تشارلز السابع... بقيت على بابه اياماً كثيرة تطلب مقابلته «بعناد»، حتى تمكنت اخيراً من الدخول عليه.

قالت له بكل ثقة «أيها الملك العظيم أتيت لمساعدتك على تحرير فرنسا وإعادتك للعرش».

ضحك الملك وسخر الحضور وتهكم قادة الجيش، وكاد الحرس ان يلقوها في الخارج، غير ان ثقتها بنفسها وثباتها على موقفها اثرا في الملك فعهد اليها «على سبيل التجربة» بقيادة فرقة صغيرة من الجنود...

نقلت جان دارك إلى جنودها عدوى الثقة بالنفس والايمان بالرسالة والإخلاص للهدف.

كانت تتقدم المعارك بنفسها ملهمة جميع الفرسان خلفها، فحققت خمسة انتصارات كاسحة على الانكليز امام دهشة الجميع.

وقد قدم الاحمدي تحليلاً وتقييماً رائعاً للقصة، ولخص الفصل المعني بنقاط عدة وهي: «الثقة تبنى على القناعة بالأهداف والقدرات اما الغرور فشعور زائف بالأهمية ومبالغة بتقدير الذات؛ ثقتك بنفسك تهز ثقة الاخرين بأنفسهم وايمانك برسالتك يكتسح العقبات امامك؛ الثقة معدية والقادة العظماء ينقلون لاتباعهم عدوى الايمان بأهدافهم».

وتعليقي على القصة المُلهمة في التاريخ وعلى هذا التحليل المنطقي والإيجابي، إننا بالفعل نحتاج في واقعنا الى تلك الثقة، فهي عدوى نتمنى انتشارها لفائدتها وانعكاسها على تحقيق الأهداف من دون خوف أو تردد، سواء للفرد او المجتمع أو من لديه منصب قيادي.

وتجد أحياناً مواطنين مكافحين، ولديهم ثقة مثل الجبال ولم يستطيعوا الحصول على فرصة لاثبات تفوقهم، وتفعيل تلك الثقة المتأججة مثل الفرصة التي حصلت عليها جان دارك... بينما تجد أن البعض، يحصل على الفرصة أو منصب قيادي أو وزاري أو تمثيل نيابي، وليس لديه الثقة المطلوبة، وكأنه غريب في مكان لا يستطيع التعامل معه وفقط متوشح بوشاح الوجاهة المصطنعة، ويمر مرور الكرام على منصبه أو كرسيه الوثير، إن لم يخربه بضعفه أو إهماله أو ربما أطماعه.

وبذلك يزيد الطين بلة كما يقال، والله تعالى العالم بالحال.

ومع ذلك، تظل الثقة مثل الشعلة المتوهجة التي تتوقد في قلب الإنسان، والاهم بالطبع الثقة بالله عز وجل ثم في نفس وقلب الانسان المخلص والمكافح نفسه والمتطلع للمساهمة في نهضة بلده.

ويبدأ بالتأكيد في تحسين نفسه أولاً الى الافضل، ويخلص في عمله حتى لو شاهد من حوله صراعات الكراسي بين المتنفذين وأصحاب المصالح الضيقة و«الباراشوتات» الذهبية...

لعل وعسى أن يحصل بعض الواثقين بأنفسهم على فرصة معتبرة لإثبات النجاح وتقديم نماذج ايجابية لأبناء وطنهم ومثل ذلك الشعور القوي يساهم في تحسين الاوضاع!

والله عز وجل المعين في كل الأحوال.

Twitter @Alsadhankw

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي