حروف باسمة
أولادُنا أكبادُنا
الأولاد نعمة كبيرة تضفي على البيت بهجةً وسروراً في مراحهم ولهوهم ولعبهم وتساؤلاتهم... حتى في بكائهم وصراخهم، فإنهم يعطون الأجواء تجدّداً والأوساط تنوعاً في الحركة والإشارة والرمز.
واهتم الأدب العربي بالطفولة بالأطفال، فهذه أعرابية تداعب طفلها، وتقول:
يا حبذا ريح الولد
مثل الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد
أم لم يلد مثلي أحد
أنجبت إحداهن البنات وهو يرغب في البنين، فتزوّج أخرى، لكن في بيت بقرب بيتها فأخذت ترقص طفلتها وتقول:
ما لأبي حمزة لا يأتينا
ويسكن البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا
تالله ما ذلك في أيدينا
فقد أحدهم ولده وقرّر عدم الخروج من المنزل حتى لا يلتقي بأحد فيكنيه بابنه.
بعد فترة قرّر الخروج فقابله أحدهم فكناه بولده، فأنشد يقول:
كيف السلو وكيف أنسى ذِكرهُ
وإذا دعيت فإنما ادعى به
ثم خر سريعاً
نماذج للتعامل مع الطفولة والانشداد إلى الأطفال والعمل على تربيتهم وتنشئتهم وإعدادهم وتأهيلهم تأهيلاً طيباً لمواجهة الحياة.
كم يكون الإنسان متحيّراً عندما ينظر إلى أطفال يحرمون من طفولتهم ويجبرون على العمل.
هناك 160 مليون طفل يجبرون أو يضطرون للعمل وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.
هذه الظاهرة تعرّض حياة آلاف الأشخاص حول العالم للخطر سنوياً، فأكثر من خمسة آلاف طفل عبروا منذ مطلع عام 2022 أدغال دارن بين كولومبيا وبنما في طريقهم للهجرة إلى أميركا، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) التي أحصت نحو 170 طفلاً غير مصحوبين بذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم ولا يملك بعضهم أوراق هوية أو شهادة ميلاد.
وأشارت المنظمة إلى تزايد الفتيان والفتيات الذين اجبروا على مغادرة منازلهم كحل وحيد للبقاء على قيد الحياة.
يواجه الأطفال في هجرتهم خطر الغرق والعنف الجسدي والاستغلال والمرض.
في 2021 عَبَرَ أكثر من 133 ألف شخص غابات دارن، بحسب مكتب الهجرة في بنما.
مآسٍ كثيرة تعانيها الطفولة في أصقاع مختلفة من بقاع هذا العام الفسيح، جوع ومرض وحروب وويلات أدت بالأطفال ومحت سمات الطفولة وبراءتها وخصائصها ومميزاتها وصفاتها ونعوتها.
لنشكر الكريم على نعمه ونبتهل إليه بأن يتمم الخير والنعمة على ربوع هذا الوطن العزيز وتنعم الأسر بالاهتمام بأبنائها ويجتمع الجميع في توفير سبل الاهتمام والرعاية للأطفال، وهم يعيشون في أجواء تتوافر فيها جميعاً سُبل التهيئة والتربية والتعليم وصدق القائل:
وأولادنا مثل الجوارح أيها
فقدناه كان الفاجع البين الفقد
هل العين بعد السمع تكفي مكانه
أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي
