No Script

موجات غلاء على الأبواب تؤجج التضخم المفرط

الخدمات الحكومية المترهلّة تُفاقِم الضغوط المعيشة في لبنان

موجات غلاء على الأبواب تؤجج التضخم المفرط
موجات غلاء على الأبواب تؤجج التضخم المفرط
تصغير
تكبير

تتربّص باللبنانيين والمقيمين في ربوعهم موجاتٌ جديدة من الغلاء مدفوعةً بارتفاعاتٍ وشيكة في منظومةِ أكلاف الخدمات الحكومية العامة سيجري تدشينها الشهر المقبل بمضاعفةِ بدلاتِ الاتصالات الهاتفية وحزمات الشبكة العنكبوتية (الانترنت) بواقع 3 مرات بالحدّ الأدنى، عبر ربطٍ يحاكي، ولو بحسوماتٍ موقتة، احتسابَ الدولار بالسعر المتداول لليرة على منصة البنك المركزي.

ويُرجح، وفق توقعات خبراء ومحلّلين، تسجيل ارتفاعاتٍ أشد وطأة في الاختلالات المعيشية الحادة أساساً والتي يعانيها المستهلكون جراء فقدان الملاذ الأخير لحساباتِ الأكلاف وفق السعر الرسمي للدولار البالغ 1515 ليرة، إذ يحمل مشروع قانون موازنة العام الجاري الذي تستعجل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي أن يقرّه البرلمان، مجموعة من التدابير التي ستُفْضي عملياً إلى التخلي عن «سعر الصرف الرسمي» واعتماد مستويات تتدرج صعوداً لتقترب من أسعار المنصة، والبالغة حالياً نحو 25 ألف ليرة لكل دولار.

وما لم تحمل الأشهر المقبلة تحولات جدية من شأنها إعادة وضْع البلاد على مسار التعافي الاقتصادي والمالي مع قرب انتهاء العام الثالث من التدهور المريع من دون هوادة، والذي أوقع نحو 85 في المئة من السكان تحت خانتيْ الفقر والفقر المدقع، تبدو الترقباتُ غارقةً في توصيفاتِ قتامة المشهد المعيشي المُشْرِف على تلقي صدماتٍ تضخّمية جديدة وثقيلة سواء بينها الناشئة عن تداعيات التضخم في العالم، أو الأقسى المتأججة جراء العجز المتمادي للسلطات عن إنضاج خطة إنقاذ تكفل تصويبَ الانحرافات الحادة على الأصعدة كافة.

ولا تقتصر سودوية التوصيف في جانب ارتفاع الاكلاف حصراً. فالخدمات الحكومية من كهرباء وماء وصحة وتعليم وسواها من أساسيات مقومات الحياة، وبما يشمل قطاع الاتصالات، تشهد تدهوراً متواصلاً بلغ أخيراً حدود التحلّل شبه التام، وهو ما يحتّم على جموع المقيمين البحث المضني عن حلولٍ بديلة بأكلاف تنوء غالبيتهم عن حمْلها.

وفي الانتظار الثقيل لصيفٍ ملتهب بارتفاعاتٍ لا تستكين في أسعار السلع والمواد الغذائية والمواد كافة، ويليه تَحَسُّب أشدّ ثقلاً لهموم الموسم الدراسي ومتطلبات التدفئة في الشتاء المقبل، يُمْضي المقيمون يومياتهم في تأمينٍ صعب للخبز والماء وسائر مستلزمات العيش والانتقال، بعدما تخلت غالبيتهم عن «عادات» الترفيه إذ باتت العطل والأعياد رفاهية، ليصبحوا رهائن منازلهم الخاوية كجيوبهم، وبالمثل حساباتهم المصرفية الخاضعة للتقطير في السحوبات ضمن حصص شهرية لا تسمن ولا تكافىء تَعاظُم احتياجات الإنفاق.

ولا يقلّ سودويةً إضرابُ موظفي القطاع العام بمَن فيهم موظّفو وزارة المال ما يهدّد بعدم إنجازِ صرْف رواتب الموظّفين والعسكريين والمتقاعدين، وهو ما قوبل بتحذيراتٍ من تحركات على الأرض ولا سيما من العسكريين المتقاعدين الذين لوّحوا «بأن ذلك قد يوصل الأمور إلى كارثة كبرى لا يتمنونها، فأي تأخير قد يضطرنا إلى المبيت ودخول مبنى وزارة المال ومبنى الصرفيات، اعتباراً من أول يوليو المقبل»، معتبرين أن «بإمكان الوزارة وموظفيها إقفالها كلياً بعد صرف الرواتب والمشاركة معنا بالمطالبة برفع الرواتب التي أصبحت قروشاً لا قيمة لها وليس فقط المطالبة برفع زيادات خاصة بهم أو لموظفين دون سواهم».

وفي المعطيات الرقمية ذات الصلة، وإلى حين ضمّ تأثيرات موجات الغلاء الوافدة، سَجَّلَ مؤشِّر تضخُّم الأسعار زيادةً نسبتها 211.43 في المئة ليرتقي المجموع التراكمي الى نحو 1180 نقطة مئوية مع نهاية شهر مايو الماضي، مقارنةً بمستوى بلغ 378.25 نقطة في مايو 2021.

وفي التفصيل، أَظْهَرتْ الإحصاءات الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي إرتفاعاً شهريّاً بنسبة 7.85 في المئة في مؤشِّر أسعار الإستهلاك في لبنان خلال مايو 2022، مقارنةً بنسبة 7.1 في المئة في الشهر الذي سبقه. ليبلغ بذلك متوسّط الزيادة السنويّة في مؤشّر تضخّم الأسعار 216.02 في المئة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق.

ويأتي الإرتفاع السنويّ في مؤشّر تضخّم الأسعار نتيجة تسجيل جميع مكوّنات المؤشّر زيادةً في أسعارها حيث إرتفعت أسعار المواد الغذائيّة والمشروبات غير الروحيّة بنسبة 363.78 في المئة (تثقيل بنسبة 20 في المئة)، وتسجيل زيادة في أسعار النقل بنسبة 515.36 في المئة (تثقيل بنسبة 13.1 في المئة) وزيادة في أسعار المسكن، وبما يشمل الماء والغاز والكهرباء والمحروقات الأخرى بنسبة 445.18 في المئة (تثقيل بنسبة 11.8 في المئة)، وارتفاع أسعار الألبسة والأحذية بنسبة بلغت 184.32 في المئة (تثقيل بنسبة 5.2 في المئة)، مع التنويه بشريحة لا تعني مباشرة غالبية المواطنين وهي تسجيل زيادة كبيرة في أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 278.54 في المئة (تثقيل بنسبة 2.8 في المئة).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي