No Script

بدأتْ تجربتها من الكويت وعُينت سفيرة لـ«المجلس العالمي للمرأة في القطاع المالي»

عاليا الصبوري لـ «الراي»: أهل الكويت سبّاقون بدعم المرأة في المجال المصرفي

عاليا الصبوري وهناء الهلالي
عاليا الصبوري وهناء الهلالي
تصغير
تكبير

- إطلاق «المجلس العالمي للمرأة في القطاع المالي» من بيروت

حَدَثٌ مصرفي مميّز شهدتْه بيروت في عز أزمتها المالية والمصرفية أثبتت من خلاله مرة جديدة أن هذه العاصمة عصية على الموت ولا يليق بها إلا أن تكون منارة مشعة وملتقى لكل الرواد والمبدعين في عالم المصارف والأعمال.

فقد شهدت بيروت يوم 16 يونيو إطلاق «المجلس العالمي للمرأة في القطاع المالي» بدعم من مجموعة لافرتي العالمية، وأعلن خلاله عن تعيين المصرفية اللبنانية عاليا الصبوري سفيرة للمجلس لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وبهذا يضاف إنجازٌ نسائي لبناني آخَر إلى لائحة الشرف التي تمثل لبنان بأبهى صوره.

فمن هي عاليا الصبوري وماذا تقول لـ «الراي» عن دورها كسفيرة لـ«المجلس العالمي للمرأة في القطاع المالي»؟

عاليا الصبوري سيدةٌ عصامية بنت لنفسها مداميك النجاح في ميدانٍ كان التقدم فيه وارتقاء سلّم النجاح مقتصراً على الرجال. لم تنتظر أن يعبّد لها أحدٌ الطريقَ بل عملت بإصرار وثبات وقوة على حجْز موقع متقدم لها في العمل المصرفي. تفانيها وسعيها الدائم إلى تطوير مهاراتها وخبراتها وعلاقاتها كانت عوامل أوصلتْها إلى تبوؤ منصب مديرة إقليمية في أحد المصارف لمنطقة البقاع اللبنانية.

بعد تَخَرُّجِها من جامعة القديس يوسف في بيروت في إدارة الأعمال والشركات، انطلقت مسيرة عاليا الصابوري المهنية من دولة الكويت حيث عملتْ في بنك الكويت الوطني بعدما انتقلت إلى هناك نتيجة الأوضاع اللبنانية الصعبة في ذلك الحين عام 1996. وتقول: «في دولة الكويت التي أكنّ لها كل احترام تعلّمتُ الكثيرَ وشعرتُ بأن المرأة التي تعمل وتعطي من قلبها تنال كل التقدير، وقد كان أهل الكويت سبّاقين في دعم المرأة وتقديرها في المجال المصرفي».

ظروفها الخاصة جعلتْها تعود إلى لبنان، وهنا عملتْ أولاً في أحد المصارف لفترة قصيرة ثم انتقلتْ إلى مصرف آخر لتبدأ فيه رحلة التأسيس للنجاح والتواصل المباشر المثمر مع الزبائن.

بلا كللٍ عملتْ هذه الشابة الديناميكية في المصرف الذي شعرتْ بأنها فرد من أسرته ووضعت لنفسها هدفاً يتخطى النجاح الشخصي ويمتدّ إلى تأسيس فروع جديدة له ومساعدة أكبر عدد من العملاء للحصول على قروض تُغَيِّر حياتهم وخدماتٍ مصرفية تساعدهم في كل شؤون حياتهم.

من العمل على الكونتوار انتقلتْ إلى قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، وكانت تنال الترقية تلو الأخرى وتُعَدّ دائماً بين الأوائل لا بل الأولى على مدى 18 عاماً.

في البقاع افتتحت أربعة فروع للمصرف التي تعمل فيه وكانت أول مديرة إقليمية أنثى في منطقة البقاع وسط مجتمع صعب يتوجّب على المرأة فيه أن تثبت ثقةً كبيرة بالنفس ونزاهة وشفافية مُطْلَقة وأن تتمتع بالقوة والصلابة. هذه الصفات ساعدتْها على تكوين أفضل العلاقات مع العملاء، وهي تمكّنت بفضل إيمانها ببلدها وناسه وبدور المصرف من أن تساعد الكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأن تساهم في لعب دور تنموي في البقاع من خلال القروض التي تدعم هذه المؤسسات.

«كنت مقتنعة بأنني يجب أن أبثّ الأمل لدى الناس ولا سيما فئة الشباب لأساعدهم على البقاء في أرضهم ومنعهم من الهجرة. وقد ساعدتْ القروض التي منحها المصرف في الحضّ على تجارب ناجحة لأشخاص استطاعوا تأسيس أعمال مزدهرة أو الخروج من أزماتهم المالية والحياتية. كنت أسوّق لهذه القروض وألعب دوراً إستشارياً إلى جانب العملاء لنصحهم وتوفير فرص عمل لهم ومساعدتهم على النجاح. وقد عملتُ مع USAID وUKAID وESFD لتشجيع القروض الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة SME».

هذا العمل الدؤوب بلا استراحة جاء، كما تقول عاليا الصبوري، على حساب حياتها الخاصة لكنها كانت سعيدة بما تقوم به وشعرت بأنها مقابل ما تعطيه تحصد كل التقدير والدعم.

«بعد جائحة كورونا وأزمة القطاع المصرفي بتنا في الواجهة واستطعنا الصمود واكتسبنا خبرة كبيرة في التعامل مع الأزمات، وهذا ما سلط الضوء علينا. وقبل شهر ونيف كان السيد مايكل لافرتي، مؤسس مجموعة لافرتي، يبحث عن ممثل له في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا من أجل «إطلاق المجلس العالمي للمرأة» وقد كان يقوم بمقابلات عبر تقنية زووم. وأثناء مقابلته لي تَعَرَّفَ إلى خبرتي في العمل المصرفي وحياتي العملية وإلى نواح في شخصيتي وجرأتي وثقتي بنفسي، ما جعله يقول لي إن حماستي تذكّره بنفسه حين كان في عمر أصغر وأنه لم يجد هذه الحماسة عند آخَرين. ومن بين عدد كبير من المُشارِكات تم إختياري لأكون سفيرة لمجموعة لافرتي Lafferty للمساهمة في إطلاق المجلس العالمي للسيدات التنفيذيات المتخصصات في المجال المصرفي والتكنولوجيا المالية Fintech».

ومعروف أن مجموعة لافرتي بدأت نشاطها في أوائل الثمانينات، عندما بدأ رئيسها التنفيذي مايكل لافرتي بإصدار نشرة إخبارية لإعلام البنوك وتثقيفها حول التطورات العالمية في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد ومن ثم حول مشاريع التكنولوجيا المالية أو ما يعرف بـ Fintech، التي بشرت بموجة عالمية من الابتكار والمنافسة. وفي العام 2020 حصلت لافرتي على إذن للعمل باسم «معهد الخدمات المصرفية للأفراد».

عن مجموعة لافرتي، تؤكد الصبوري أنها مجموعة عالمية ذات كفاءة عالية، لديها شبكة اتصالات وعملاء واسعة في كل القارات، وقد ساهمت في إيصال العديد من الأشخاص إلى أعلى المناصب من خلال المحاضرات والمنشورات وتَبادُل الخبرات والمعلومات.

وبدعمٍ من مجموعة لافرتي تم تأسيس المجلس العالمي للمرأة في القطاع المالي، الذي بادرت إلى تأسيسه سيدات مصرفيات مخضرمات يشغلْن مناصب في الإدارات التنفيذية في القطاع المالي. وستضطلع السيدات المصرفيات من منطقة الشرق الأوسط بدور رائد في هذا المجلس الذي تم إطلاقه من بيروت يوم 16 يونيو.

المجلس تقول الصبوري «هدفه إصلاح الخلل في التوازن والمساواة بين الجنسين وإيجاد توازن عالمي سواء في المؤسسات الحكومية أوالقطاع الخاص بين الرجال والنساء ولا سيما بوجود عدم توازن ظاهر حتى اليوم بين الجنسين. مهمتي فيه حضّ النساء الرائدات اللواتي يتولين مسؤوليات إدارية في القطاع المالي على الدخول إلى هذا المجلس ليكنّ أعضاء فيه، وذلك عبر التواصل معهن وإطلاعهن على ما يمكن أن يقدمه المجلس لمساعدتهن على التطور والتقدم في القطاع الذي يعملن فيه، والإضاءة على عملهن».

ويَثق المجلس العالمي للمرأة بضرورة أن تَشغل السيدات مناصفةً مع الرجال المناصب التنفيذية في قطاع الخدمات المصرفية، ومؤسسات التكنولوجيا المالية «Fintech» والخدمات المالية عموماً.

وفي مناسبة إطلاق المجلس تحدثت هناء الهلالي، المصرفية المصرية العربية البارزة التي تقلدت أرفع المناصب القيادية في القطاع المصرفي في بنوك عالمية وإقليمية ومحلية في أميركا وأوروبا والبحرين ومصر على مدار 25 عاماً وتم اختيارها ضمن أقوى 50 سيدة مؤثرة في المجال الاقتصادي في مصر، وأكدت أن «المجلس العالمي للمرأة يعكس الدور الحيوي الذي تؤديه المصرفيات في التنمية الاقتصادية، وسيكون منصّة فريدة يتم من خلالها تَبادُل أفضل الممارسات والخبرات والمعرفة على الصعيديْن الإقليمي والعالمي، بل سيساعد أيضاً على تمكين القيادات النسائية في القطاع المالي وإلهامهن».

وتقول الصبوري: «لقد أعاد إليّ تعييني كسفيرة للمجلس العالمي للمرأة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا كل الحماسة وأعطاني دفعاً كبيراً لأكمل الدور الذي رسمتُه لنفسي. وشعرتُ بأن عملي طوال هذه السنوات قد أثمر ولقي كل التقدير المعنوي. لا شك في أن هذا المنصب يحملني مسؤولية كبيرة لكنني في الوقت ذاته أشعر بالفخر أولاً لكوني لبنانية تم تعيينها في هذا المنصب، وثانياً لأنني سألعب دوراً في ردم الهوة في المجال المصرفي والمالي بين النساء والرجال وأساعد المرأة حيثما كانت في السعي دائماً نحو التقدم وبلوغ النجاح في عملها والوصول إلى أعلى المراكز. أما شخصياً فقد وضعني هذا المنصب تحت الأضواء وفَتَحَ أمامي الفرصة لشبكةِ علاقات واسعة في أنحاء العالم انطلاقاً من بلدي لبنان».

المنصب الجديد لن يبعد عاليا الصبوري عن دورها في المصرف الذي تعمل فيه (BLC)، والذي لقيت منه كل التشجيع في منصبها الجديد ولا سيما أنه كان من أول المصارف التي آمنت بأهمية دور المرأة وخصصت له مبادرة WE Initiative الرائدة، وستستمر في تأدية مهامها في وطنها وتواصل تشجيع الشابات والشبان على التشبث بوطنهم. وللشابات توجه عاليا كلمة قائلة: «ليس هناك طريق قصير للنجاح، لا تنغرّي بالطريق القصير بل تسلّحي بالعلم والثقافة والخبرة للوصول، ولا تدَعي الإحباط الذي يمر به لبنان اليوم يسيطر عليك، فكل نزلة لا بد أن تليها طلعة واستغلي، فرصة التوازن الذي بدأ يولد بين النساء والرجال للتجرؤ واقتحام كل المجالات».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي