No Script

في حلقة نقاشية لمركز «ريكونسنس» حول تصاعد نزعات الإساءة للإسلام

إصلاح أحوال المسلمين... أولى خطوات المواجهة

تصغير
تكبير

أكد المشاركون في حلقة نقاشية نظمها مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، أن إصلاح البيت الإسلامي، بما يعنيه من نبذ التطرف والعنف وترسيخ قيم الحوار والتسامح وقبول الآخر داخلياً وخارجياً، وتعزيز العلاقة بين الحاكم والمحكوم، هي أولى خطوات المواجهة لظاهرة تصاعد نزعات الإساءة للإسلام والمسلمين.

وتباينت آراء المشاركين في الحلقة حول سلاح المقاطعة، وجدواه ومدى تضرر المجتمعات الإسلامية ذاتها منه، وتأثيره على الطرف الآخر، لكن الجميع أكد أهمية ما لدى الدول والحكومات من أدوات وإمكانيات مالية واقتصادية وديبلوماسية وشعبية، يمكن استثمارها والضغط بها، من أجل فرض احترام المقدسات الإسلامية على المجتمعات والدول الآخرى.

شارك في الحلقة النقاشية عضو مجلس الأمة أسامة الشاهين، والباحث في الدراسات العليا في العلوم السياسية خالد الخالدي، كمتحدثين رئيسيين. كما شارك في مداخلات السفير عبدالله يعقوب بشارة، وسفيرا سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية، إلى جانب الباحث المختص في القانون الدولي فهد الشمري، ومدير مدرسة مساعد بوزارة التربية محمد السداني. وفي ما يلي تفاصيل الحلقة:

العنجري: الحروب الدينية لن يستفيد منها إلا المتطرفون

أكد مؤسس رئيس مركز ريكونسنس للدراسات والبحوث عبدالعزيز العنجري، أن الإساءة للإسلام والمسلمين أصبحت ظاهرة متزايدة في عصرنا الحالي، تغذيها عوامل عدة، في عالم أصبحت فيه النزعات اليمينية المتطرفة الهادفة إلى تدمير الآخر، بدلاً من احترامه والقبول به هي السائدة، وهي الأعلى صوتاً والأكثر قبولاً بين بعض الجماهير المتعصبة، محذراً من أن السير في هذا الطريق سيقود حتماً إلى ظهور حروب دينية، لا يستفيد منها إلا المتطرفون وأصحاب النزعات العنصرية.

وأضاف أن على الدول التي ترفع شعارات القانون والحقوق، أن تكون صادقة في تعاطيها مع الجميع، فلا يمكن قبول التمييز بين دماء البشر وأن يكون تقدير هذه الدماء مختلفاً بشكل تتداخل فيه السياسات والمصالح. لأن أي تعامل همجي ووحشي تجاه أبرياء عزل، لا يمكن تبريره، ويجب أن يقابله رفض عالمي دون مواربة وتمييز، فالمعايير الإنسانية الأساسية غير قابلة للتجزئة.

وقال العنجري «نجد من واجبنا في مركز ريكونسنس دراسة هذه الظاهرة، ظاهرة تعاظم نزعات الإساءة للإسلام والمسلمين، وأن نبحث في أسبابها وسبل التصدي لها من منظور علمي، يسعى للعلاج بعيداً عن الانفعال العاطفي الجياش والمستحق من عموم جماهير الأمة الإسلامية».

وأوضح أن «حلقة نقاشية فردية كهذه من مركزنا، لن تكون كافية للتعامل مع الظاهرة، لكننا نحاول أن نسلط الضوء على الموضوع ونشره لعموم المهتمين، وأن نقرع به أجراس الإنذار، لعلها لا تكون صرخة في وادٍ».

وختم «نقول لمن يظن أنه في مأمن من سهام التطرف وضرباته: إن التطرف لن يفرق في عدوانه، فالجميع في نظر المتطرفين أهداف مشروعة. نحن بحاجة للتصدي لموجة عنف متزايدة ضد المسلمين وقودها الجهل».

خالد الخالدي: أدوات الضغط الاقتصادي كفيلة بفرض احترام مقدساتنا الإسلامية

قدم خالد الخالدي تفسيراً للهجمة على الإسلام في السنوات الأخيرة، باعتبارها أحد إفرازات صعود اليمين المتطرف في كثير من البلدان، بما فيها الديموقراطية الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى فرنسا والمجر وبريطانيا وغيرها، مشيراً إلى أن هذا التيار لا يؤمن بالتعددية ويعادي الأقليات والمهاجرين.

وقال الخالدي إن ما حدث في الهند أخيراً لا يهدف إلى الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، بل يرتبط بشكل عام بالتضييق على المسلمين هناك، معتبراً أن صعود اليمين المتطرف هناك يمثل تقويضاً للديموقراطية الهندية التي أنشأها غاندي، والتي تتسم بالتعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة.

واعتبر الخالدي أن التيار اليميني في الهند هو ذاته التيار الذي قام باغتيال المهاتما غاندي في 1948، على يد أحد دعاة القومية الهندوسية.

وأكد ضرورة أن تقوم الدول والحكومات الإسلامية والخليجية بشكل خاص، بالتواصل مع الأقليات المسلمة، لأن هذا سيمثل قوة لها وللأقليات، مشيراً إلى أن فترة السبعينات والثمانينيات شهدت تواصلاً قوياً بين الأقليات والحكومات والدول الخليجية، لكن هذا التواصل ضعف في الوقت الحالي، بل إن بعض الجاليات في الدول الغربية تعادي حكوماتها.

ورأى أن للأفراد والمجتمعات دوراً لابد من القيام به، لكن العبء الأكبر يقع على الحكومات بالأساس، بما تمتلكه من إمكانيات مادية وديبلوماسية وأدوات مختلفة للضغط، مشيراً إلى أن أزمة ارتفاع النفط الأخيرة أثبتت قوة دول الخليج، وكيف وظفت السعودية قوتها في السوق النفطية العالمية من أجل الحصول على علاقة متوازنة مع الولايات المتحدة، وهو مثال يمكن تكراره في التعامل مع القضايا التي تمس المقدسات الإسلامية.

واعتبر الخالدي أن أدوات الضغط الاقتصادي التي تمتلكها دول الخليج كثيرة ومتنوعة، ويمكن التركيز عليها لفرض احترام مقدساتنا الإسلامية مع دول كالصين والهند والولايات المتحدة ودول أوروبا، مؤكداً ضرورة أن يكون التحرك في مثل هذه القضايا على شكل تكتلات دولية وليس انفرادياً حتى يحقق الغاية المرجوة.

أسامة الشاهين: دفاع الحكومات عن الإسلام يعطيها تأثيراً أكبر في المجتمع الدولي

أعرب النائب أسامة الشاهين عن الأسف، أن تستمر الإساءات للإسلام والمسلمين، خصوصا في الهند، وهي أكبر ديموقراطية في العالم، ملاحظاً تشابه الأساليب الهندوسية والصهيونية في قمع المسلمين، من خلال هدم المنازل، ومعاقبة الأهالي حتى لا يوفروا بيئة حاضنة للمدافعين عن الإسلام.

وأشار إلى ضرورة تحرك الحكومات، لوضع الاتفاقيات المقترحة لمنع الإساءة للأديان والتعدي على الرسل والمقدسات، ضمن أولويات الأجندة الدولية، وكذلك تحويل سفارات الدول الإسلامية إلى مراكز ثقافية للتعريف بالإسلام.

وتساءل «لماذا لا يكون هناك تقرير دوري يرصد الإساءة للإسلام والمسلمين، على غرار التقارير الأميركية السنوية، التي ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في دول العالم؟»، لافتاً إلى أن دفاع الدول والحكومات عن الإسلام سيعطيها تأثيراً وحضوراً في الساحة الدولية، ويساهم في تعظيم تأثيرها، معتبراً أن الجهود الحكومية وحدها لن تكون كافية، وإنما نحتاج لجهود الفرد الذي ينبغي عليه استثمار موهبته وحرفته أيا كانت في الدفاع عن الإسلام، ونحتاج أيضا لدور الأسرة التي ينبغي عليها تربية أبنائها وتنشئتهم على حب الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنه.

وقال إنه اعتذر عن عدم مقابلة مسؤولين فرنسيين أخيراً، مشيراً إلى أنه ليس من اللائق أن نستضيفهم ونتبادل الابتسامات، في الوقت الذي تقوم فيه حكومتهم بالإساءة لمشاعر وشعائر الإسلام والمسلمين، بقرارات ومواقف متعاقبة.

بشارة: التطرف الإسلامي سبب الإسلاموفوبيا...والعلاج بالحوار العلمي ونبذ التطرف

نبه السفير عبدالله يعقوب بشارة، إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا في الدول غير الإسلامية، لم توجد دون مبررات، وإنما جاءت كرد فعل وإفراز لظاهرة التطرف الإسلامي في المجتمعات العربية والإسلامية.

وأضاف بشارة أن الفوبيا واقع، وللأسف المسلمون مشغولون عنها، ولا يعالجونها بالطريقة الصحيحة التي تبحث في الأسباب، ويكتفون بردات فعل صوتية لإبراء الذمة، لا أكثر.

وأشار إلى أنه عايش هذا الخوف مع مجموعة من الديبلوماسيين الخليجيين «عندما ركبنا قطاراً من فرنسا إلى ألمانيا منتصف الثمانينات، واستشعرنا قلق الركاب الأوروبيين من هؤلاء العرب المتجمعين في عربة واحدة».

وقال إن الخوف من الإسلام ظاهرة عالمية، وعلينا كمسلمين معالجتها بالطريقة الصحيحة، عن طريق تكثيف التواصل وزيادة مستوى الحوار معهم وليس بقطع العلاقات. كما انه علينا التجمّل بالصبر وتكريس التعددية الفكرية والسياسية، في ظل محاولات مستدامة لعلاج المشكلة.

وأشار إلى أن البيئة العربية للأسف لم تعمل على تطويق العنف بأشكاله ولم تعالجه المعالجة الصحيحة، لاسيما في الأنظمة ذات الحكم العسكري، التي تسببت في زيادة التطرف، وأمدته بوقود جديد من خلال القمع وترهيب المخالفين، وتكريس الظلم وتكميم الأفواه، وجعلت من هؤلاء المخالفين الساعين لحقوق وحريات، جعلتهم لا يجدون وسيلة للدفاع عن أنفسهم إلا بالتوجه للعنف والتطرف، وبذلك دخلنا دائرة صراع مغلقة.

وأكد بشارة أنه لا جدوى حقيقية من الاحتجاج على الإساءة للإسلام، من خلال سحب السفراء أو اتخاذ خطوات ديبلوماسية شديدة، وإنما الحل يكمن في معالجة الظاهرة من داخل المجتمعات الإسلامية، بالأسلوب العلمي والحوار ونبذ التطرف. وبتكثيف محاولات شرح قيمنا للآخر، وهو مالا يتم.

الشمري: القانون الدولي يؤكد على مبدأ التعايش السلمي

لفت الباحث المختص في القانون الدولي الكاتب بجريدة القبس فهد الشمري، إلى أن القانون الدولي يدعو في كل موقع وكل حين إلى تأكيد مبدأ التعايش السلمي للمحافظة على السلم والأمن الدوليين، وذلك بنبذ أي دعوة للتحريض على الكراهية العنصرية أو الدينية ويتضح ذلك من خلال ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي أكدت على التسامح والعيش في سلام وحسن جوار.

ووأضاف «لهذا اهتم القانون الدولي بمعالجة ظواهر خارجة عن عالمية حقوق الإنسان، من خلال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وحظر نشر الأفكار القائمة على الكراهية العنصرية أو التفوق الديني أو أي دعوة لإلغاء الآخر.

كما أكد هذه النقطة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 20 بحظر أي دعوة للكراهية القومية أو الدينية أو العنصرية.

محمد السداني: ضرورة تعزيز مبدأ قبول الآخر

أكد محمد السداني، مدير مدرسة مساعد في وزارة التربية، ضرورة تعزيز مبدأ قبول الآخر أو المختلف، مشيراً إلى أن الافتقار لاحترام هذه المبادئ من أهم أسباب الاضطرابات بالإضافة لبروز سطوة اليمين المتطرف.

وقال إن غالبية الدول العربية والإسلامية تفتقر إلى هذا المبدأ، ويتجلى الأمر في النزاعات التي تنشأ في كثير منها، حيث يعد مبعثها الأول التفرد بالرأي وإقصاء الآخر.

ورأى أن الحري بالدول الإسلامية أن تقف موقفاً واحداً يعكس رأيها وتوجهها في رفض التعدي على رموز ومقدسات المسلمين من قبل أي شخص، وهذا لا يتأتى بجهود فردية، بل يتحقق من خلال تضافر الجهود الإسلامية في رسم المشهد الإسلامي على خارطة العالم وبالأخص حاجتهم لخلق أنموذج جديد يسهم في التخفيف من الإسلاموفوبيا في الغرب ودول العالم.

وأكد السداني أن دعوات المقاطعة لن تجدي نفعاً في وجود سبل ديبلوماسية ذات أدوات ناجعة ومؤثرة مثل الاتفاقيات الاقتصادية والتعاون المشترك في مجالات متعددة التي من الممكن أن تحقق أضعاف ما ستحققه المقاطعة مع الدول التي تنشأ فيها التعديات على المسلمين ورموزهم ومقدساتهم.

بشارة: تراجع رونق مجلس التعاون بسبب المفهوم الحاد للسيادة

على هامش الندوة، سُئل السفير عبدالله بشارة، عن تراجع رونق ووهج مجلس التعاون الخليجي في الفترة الأخيرة، فقال، إجابة أن الرونق تأثر بالقادة في مرحلة التأسيس والذين تعاملوا بايجابية مع خطوات المجلس، ومع مرور عقود من التوسع في العمل، فإن الجيل الجديد من القادة شددوا كأولوية على حماية السيادة، وتهيئة مرونة ديبلوماسية خليجية بمرعاة الواقع الجغرافي للدول الاعضاء. وقال إن النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي «مرن جداً».

وقال إن عظمة مجلس التعاون لدول الخليج تنبع من نظرته الواقعية، وهذا ما جعل له مكانة محترمة في الكوكب الديبلوماسي العالمي، حيث تمكنت دول الخليج من الضغط على الولايات المتحدة في حرب 1973 من خلال النفط. وقال بشارة إن العالم أصبح مرتاحاً للواقعية الخليجية في التعامل مع النفط الذي هو أهم سلعة في الأمن العالمي وفي الازدهار العالمي، فلا أمن للعالم إذا اضطربت منطقة الخليج ولا أمن للعالم إذا جاء التطرف إلى منطقة الخليج.

سفير عمان: معرض متنقل للتسامح والتفاهم بين الأديان

في مداخلته، أكد سفير سلطنة عمان لدى البلاد الدكتور صالح بن عامر الخروصي، ضرورة أن يكون للدول العربية والإسلامية رد منطقي وعقلاني وقائم على أسس صحيحة للتعامل مع ظاهرة الإساءة للإسلام، بحيث يكون هناك تفعيل للقوانين والأعراف الدولية التي تمنع الإساءة لمختلف الأديان.

وقال إن بلاده أنشأت معرضاً للتسامح والتفاهم بين الأديان، وهو يتنقل بين الكثير من الدول في مختلف القارات، ويحظى بحضور جماهيري كبير لمن يريدون أن يتعرفوا عن الإسلام والحضارة الإسلامية وكيف أنها حضارة ناصعة وتحارب كل تفرقة وتمييز بين البشر.

وأكد أن «ريكونسنس» أصبح من منارات الكويت الثقافية، وندواته تعكس أجواء الديوانية الكويتية، مشيراً إلى تنوع الموضوعات التي يطرحها، والتي تمثل شيئاً جيداً وهادفاً.

سفير الأردن: موقع «رسالة عمان» بـ11 لغة

قال السفير الأردني في الكويت صقر أبوشتال، إن بلاده اهتمت بمخاطبة العالم حول الإسلام وتوضيح حقيقته، حيث أطلق ملك الأردن عبدالله الثاني موقع «رسالة عمان» بـ11 لغة، لتوضيح الطبيعة الحقيقية للإسلام للعالم الحديث.

وأشار في مداخلة في الورشة إلى أن الملك عبدالله أطلق في الأمم المتحدة أسبوع الوئام العالمي لشرح الدين الإسلامي والتقارب بين المذاهب، و يتم الاحتفال به سنوياً في الأسبوع الأول من فبراير.

كما تم إنشاء جامعة آل البيت التي تقوم بتدريس المذاهب السبعة، واطلاق الأمير غازي بن محمد لمبادرة (كلمة سواء) التي جمعت رجال دين مسلمين ومسيحيين.وقال أبوشتال إن مقاطعة السفارات لن تجدي نفعاً، بينما الحوار والتواصل هو الأجدى والأنفع، مشيراً إلى أن هذا يستلزم تعديل النظم التعليمية في البلدان العربية والإسلامية بحيث يتم انتقاء واختيار الدعاة الذين يعبرون عن الإسلام وألا يلتحق بالكليات الشرعية أصحاب المعدلات الدراسية المتواضعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي