No Script

رؤية ورأي

حارس المرمى واعتصام بيت الأمّة

تصغير
تكبير

عقد مجلس الأمة جلسة خاصة في يوم الثلاثاء الماضي، وأقر فيها المنحة المالية والزيادة السنوية للمتقاعدين، ومعهما أقر دفعات سنوية لا تقل الواحدة منها عن نصف المليار دينار كويتي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية من الخزانة العامة للدولة من دون تحديد القيمة الإجمالية للدفعات.

ولذلك، وجبت إضافة هذه الجلسة إلى مسلسل الجولات البرلمانية التي خسرتها كتلة المعارضة في مجلس الأمة الحالي، وقائمة الجلسات التي أضرّت مكتسبات الشعب وعاثت في الصالح العام للدولة.

الجولات التي خسرتها المعارضة يمكن فرزها، من حيث المنهجيّات التي تبنتها المعارضة في تلك الجولات، إلى فئتين: الغوغائية والانهزامية.

ففي المرحلة الأولى من عمر المجلس الحالي، خسرت كتلة المعارضة جولاتها الأولى بانتهاجها الغوغائية، وأشهرها الجلسة الأولى، التي انتهكت فيها الكتلة اللائحة الداخلية بالاستعانة بالباركود والتصوير بالموبايل في تصويت سرّي.

ثم في مراحل لاحقة، بعد تكرار فشل وإخفاق منهجياتها الغوغائية، لجأت المعارضة إلى منهجيّات انهزامية، وأشهرها جلسة إعلان بطلان عضوية النائب السابق بدر الداهوم، التي قاطعها نوّاب الكتلة دون جدوى.

هشاشة كتلة المعارضة ووهن أدائها النيابي وشحّ إنجازاتها التشريعية حقيقة ساطعة لكل مراقب محايد ونتيجة ثابتة ومؤكّدة لدى كل محلل موضوعي.

ولكن كتلة المعارضة مازالت صامدة متينة لأنها تمتلك ماكينة إعلامية جبّارة تفوق بدرجات القدرات الإعلامية الحكومية، بالإضافة لكون نوّابها بارعون في الخطاب الجماهيري وماهرون في التوظيف والتكسب السياسي.

هذا التباين الشديد والتناقض الجلي بين اكتساحها منصات الخطابة والإعلام وبين إخفاقاتها في ميادين العمل النيابي والسياسي، تسبب في خسارة كتلة المعارضة الحالية دعم ومباركة عدد من رموز المعارضة المخضرمين والعديد من أنصارها الواعين.

وهذه الحالة الأزمة التي تعاني منها كتلة المعارضة الحاليّة، تجدّدت شواهدها وأعراضها في جلسة الثلاثاء الماضي، حيث فشلت الكتلة بجدارة في قاعة عبدالله السالم، حين قاطع نوّابها الجلسة متنازلين عن بعض اختصاصاتهم الدستورية، واندفعوا لتعويض فشلهم النيابي باللجوء إلى وسائل الإعلام لممارسة السّحر الإعلامي، كما لو أنهم مازالوا مرشحين لانتخابات برلمانية لا أعضاء منتخبين.

فشل الكتلة في جلسة الثلاثاء لم يكن وليد ساعات الجلسة، بل كان فشلاً تراكميّاً.

لأنه بدأ بعجزها عن تبنّي إصلاحات مؤسسية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عبر تشريعات تعزز شفافية ونزاهة وكفاءة إدارة المؤسسة لأموال المساهمين الموظفين والمتقاعدين.

ثم تقاعست الكتلة عن توظيف قدراتها وإمكاناتها الإعلامية في خلق رأي عام ضاغط على النواب للتصويت لصالح إلغاء بند سداد الخزانة العامة للدولة مليارات الدنانير للمؤسسة، من مشروع القانون، مثلما نجحت إبّان المجلس السابق باستبعاد «المشاريع الأخرى» من مشروع قانون ضمان دعم البنوك المحلية للمتضررين من جائحة كورونا.

لذلك، مهما طال أمد اعتصام بيت الأمة، ومهما تعدّدت خطابات نوّاب الأمة، ومهما تنوّعت أدوار ممثلي الأمة، لن تتغير حقيقة دور الكتلة في إلزام الخزانة العامة بتحمّل وسداد عجز المؤسسة الاكتواري، من دون تشريع إصلاحات في آليّات إدارة المؤسسة.

فوفق الموازين والمفاهيم البرلمانية، الكتلة ساهمت بسلبيتها في إقرار سداد عجز المؤسسة، واعتصامها الذي جاء متأخراً مشابه لقفزة حارس مرمى بعد دخول الكرة في مرماه، واصطدامه عمداً بأحد القائميْن لكسب تعاطف الجمهور وإلهائهم عن تقصيره أو فشله.

نحن بحاجة إلى خط برلماني ثالث، بين الموالاة المطلقة للحكومة وبين التبعيّة العُبوديّة لأقطاب المعارضة.

خط برلماني دستوري يحترم مبدأ فصل السلطات ويلتزم بمبدأ تعاون السلطات، وذلك وفق القيم والأطر الدستورية من دون تمييز فئوي وبعيداً عن الغوغائية والانهزامية.

خط برلماني رشيد قادر على انقاذ البلد مما انتهت إليه الأمم المماثلة التي انجرفت مع خطابات سياسييها الحماسية الجوفاء... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي