No Script

«خزنة الأرقام» وعين «الأمم» المفتوحة في كابول أفاد بتأسيس صندوق مشترك من 17 منظمة

عبدالله الدردري لـ «الراي»: أفغانستان المستقرة تدعم أمن الكويت... الغذائي

تصغير
تكبير

- لم نأتِ الكويت طلباً للتمويل الفوري بل للاستفادة من خبراتها الإنمائية
- الكويت رائدة بالعمل الإنساني وإسهاماتها تغطي الأرض
- «طالبان» تدرك أن المال لن يأتي دوننا ولا مساعدات للمانحين إلّا عبرنا
- ناقشنا مع «الهلال الأحمر» تمكين المرأة الأفغانية اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً
- خبرة الكويت إنسانياً تسهّل مهمتنا ومَن تحدثنا معهم يدركون المستهدفات
- نتعاون مع عشرات الجمعيات الأهلية المحلية والدولية تحت الرقابة
- لدينا مئات الموظفين وعشرات المكاتب وعلاقات بالمجتمع
- بوجود «طالبان» وصلنا أقصى أفغانستان واستفدنا من كل فرص الدعم
- التضخم في أفغانستان تحت السيطرة فحجم الأموال بالعملة المحلية محدود
- باختصار كل ما يتعلق بالحوكمة في أفغانستان أُغلق
- ما خسره الاقتصاد الأفغاني بـ 6 أشهر يعادل ما خسره الاقتصاد السوري بأول 6 سنوات
- قدرة سورية على استعادة زخم اقتصادها أكبر بكثير من دول عدة
- 90 في المئة وأكثر معدل الفقر في أفغانستان
- 700 ألف فقدوا وظائفهم منذ أغسطس 2021
- 513 ألف فرصة عمل موقتة وُفّرت ضمن البرنامج
- 750 مليون دولار نُقلت نقداً لأفغانستان
- 8.4 مليار طلبناها للبرنامج أنفقنا ربعها

عندما تلتقي المسؤول المقيم للأمم المتحدة في أفغانستان الدكتور عبدالله الدردري تشعر أنك أمام «خزنة أرقام»، كونه يمتلك محفظة خاصة تضم مئات «الشيفرات» الاقتصادية، وصاحب براءات حلول للكثير من القضايا المعقدة... مدعوماً بخبرته الواسعة في الشؤون الاقتصادية الدولية، منذ كان نائباً لرئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية بين 2006 و2011.

لكن نجاح ممثلي الأمم المتحدة في أي دولة لا يُبنى فقط على الخبرات ومفاتيح الحلول، بل على قدرة التكيّف مع الأزمات بطرق غير تقليدية، خصوصاً إذا كان عنوان المهمة أفغانستان حيث تحكم «طالبان»، وعنوان الإقامة كابول... تلك العاصمة التي تعتبره عيناً دولية ما زالت مفتوحة بينما أشاحت عيون كثيرة النظر عنها.

من هذه المداخل، بدأت «الراي» حوارها مع الدردري الذي زار الكويت أخيراً ضمن جولة خليجية تشمل السعودية وقطر والإمارات، لعرض برنامج الأمم المتحدة المصمم لإنعاش الأوضاع في أفغانستان اقتصادياً واجتماعياً، وللتعرّف على مهمته في الكويت، وكيفية إدارته للملف الإنمائي في كابول.

ويؤكد الدردري أن خبرة الكويت بالعمل الإنساني سهّلت مهمته، وأنه لم يأتِ طلباً للمال الفوري، بل للاستفادة من الخبرات المحلية أيضاً، ويقول: «ناقشنا مع (الهلال الأحمر الكويتي) تمكين المرأة الأفغانية اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً»، فيما يشدد على أن استقرار أفغانستان وخلق فرص عمل فيها مهم للمنطقة، «لأنها قادرة على تشكيل مصدر أساسي لدعم أمن الخليج غذائياً».

ويلفت الدردري إلى أنه بوجود طالبان وصل ممثلو الأمم المتحدة لأقصى أفغانستان واستفادوا من كل فرص الدعم، فيما لم يُخف قلقه من ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود، ويوضح أن التضخم في أفغانستان تحت السيطرة باعتبار أن حجم الأموال بالعملة المحلية محدود، ذاكراً أن ما خسره الاقتصاد الأفغاني في 6 أشهر يعادل ما خسره الاقتصاد السوري في أول 6 سنوات من الأزمة.

رقمياً، ينوّه الدردري إلى أن معدل الفقر في أفغانستان يتجاوز 90 في المئة، وأن 700 ألف شخص فقدوا وظائفهم منذ أغسطس 2021، ويبين أنه تم طلب تمويل البرنامج بـ8.4 مليار دولار منذ أغسطس الماضي أُنفق ربعها حتى الآن، كاشفاً عن نقل 750 مليون دولار نقداً لأفغانستان، وأن 300 مليون دولار جُمعت في 6 أشهر للشعب الأفغاني من المانحين. وفي ما يلي تفاصيل المقابلة:

اسمح لي أن تكون انطلاقتنا من الكويت والتعرّف على سبب زيارتك؟

- من حيث المبدأ، أودّ أن أشير إلى أن الكويت رائدة في العمل الإنساني وإسهاماتها تغطي مختلف بقاع الأرض، وهذا سبب رئيس يفسّر زيارتنا للكويت.

أما تفصيلاً، فقد وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي برنامجاً واسعاً للتنمية المحلية في أفغانستان، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن المتغيّرات السياسية التي جرت فيها منذ 15 أغسطس 2021.

وإذا كان ما حدث في أفغانستان يعدّ مفاجئاً من الناحية السياسية، إلا أنه أتى في إطار مشهد اقتصادي أوسع للدولة، كان يشهد تراجعاً مستمراً منذ 2019 وحتى منتصف 2021، وسط تراجع معدلات النمو وارتفاع البطالة نتيجة «كوفيد 19» وغيرها من الأزمات التي واجهت العالم، وتحديداً آخر 3 سنوات، ما أدّى إلى تفاقم تعقيدات الوضع الاقتصادي في البلاد على الصعد جميعها.

ونحن نقدّر جيداً صعوبة الوضع في أفغانستان، خصوصاً أنه وحسب تقديراتنا وتقديرات منظمة العمل الدولية تجاوز معدل الفقر في الدولة 90 في المئة، وبلغ أعداد من فقدوا وظائفهم أكثر من 700 ألف شخص منذ أغسطس 2021.

وهنا، كان يتوجب علينا القيام بأمر ما، إذ لم يعد بالإمكان تقديم المعونات والسلال الغذائية فقط، ولذا كان ينبغي البحث عن سبل جديدة للإنعاش الاقتصادي في البلاد، ولذلك صُمّم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، البرنامج المحلي لإنعاش المجتمعات المحلية اقتصادياً واجتماعياً.

وكان لا بد لنا من توفير الموارد المالية المطلوبة للبرنامج، وعرضه على الدول ذات الصلة والقريبة والبعيدة، خصوصاً تلك الرائدة في مجال حقوق الإنسان، وهنا يبرز اسم الكويت بالمقدّمة، بحكم تجربتها وريادتها بالعمل الإنساني على مرّ التاريخ بدور أثبت جدواه.

ولذلك تأتي زيارتنا لعرض ما نقوم به ضمن البرنامج، والاستفادة من الخبرات الكويتية، ولنستمع إلى نظرائنا ممن يملكون خبرات هائلة في الحكومة، وفي الصندوق الكويتي للتنمية، وجمعية الهلال الأحمر الكويتي، والجمعيات الخيرية التي تعمل في عشرات الدول حول العالم، في مسعى للاستفادة من خبراتها، ومساعدتها ضمن مبادراتنا المتنوعة للبرنامج.

ما الوعود التي حصلتم عليها من الكويت؟

- ما أريد التأكيد عليه أننا لم نأت إلى الكويت طلباً للتمويل الفوري، بل لنمدّ أيدينا للتعاون والاستفادة من الخبرات الكويتية، فإذا حصلنا على تمويل فهذا أمر جيد، لكن هدف زيارتنا للكويت أوسع إذ إن تواجدنا هنا لعرض أفكارنا، وما لدينا من خطط إنمائية لأفغانستان، ولطلب الشراكة مع الكويت للدخول في مشاريع مشتركة.

ويمكن القول إن الاجتماعات التي عقدناها مع الصندوق الكويتي للتنمية وغيره من الجهات الكويتية المعنية ببرامج الإنماء كانت فعّالة وبناءة، حيث ناقشنا الإستراتيجية والمجالات التي يمكن التعاون فيها، وقد سُئلنا عن الإطار القانوني، والبرامج التي نقدمها في البرنامج وسنقوم بالرد عليها قريباً.

في الوقت نفسه، كان هناك نقاش مع «الهلال الأحمر» للتعاون في 3 مواضيع أساسية، هي تمكين المرأة الأفغانية اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً، وتوفير التعليم المهني والمراكز الصحية، لا سيما المتخصصة في صحة الطفل والأم، إذ سنقوم بإعداد وثائق للمشاريع المقترحة، مع التنويه إلى أننا نقوم من ناحيتنا بتوفير تمويل مشترك لهذه المشاريع وليس فقط عن طريق الأطراف الكويتية.

هل هناك حصة محدّدة للكويت من تمويل مشاريعكم المستهدفة لتنمية أفغانستان؟

- لقد كان هناك تفاعل إيحابي للغاية من الكويت، ونشير هنا إلى أن الخبرة الكويتية الكبيرة في العمل الإنساني تجعل مهمتنا سهلة، فمن نتحدث معهم يدركون المستهدفات الإنمائية من خلال طرح أسئلة تفصيلية عن المشاريع التي نقوم بها، وبالتالي لسنا بحاجة لشرح طويل عن عملنا التنموي.

ولذلك كان الحوار مع جميع الجهات غنياً، مع التأكيد بأننا لسنا بصدد تحديد حصة للكويت في المشاريع التي ننفّذها ضمن البرنامج، بل نحن نبحث عن تطوير شراكتنا الثنائية معها على المدى الطويل، ومن واجبي ومسؤوليتي عرض الأفكار على الدول المانحة، علماً بأننا ما زلنا في بداية الحوار، وكما ذكرت هناك آذان صاغية، وعقول نيّرة تعرف كل هذه المواضيع، ولذلك لست بحاجة إلى إقناعها.

في ظل التعقيدات السياسية التي تميز المشهد الأفغاني، وما تفرضه من مخاوف مستحقة لدى المانحين، كيف يمكن أن تنال ثقة الكويت لقبول الشراكة معكم؟

-أثناء زيارتنا للكويت كنّا في المعهد الديبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الكويتية، وعقدنا اجتماع طاولة مستديرة مع الجمعيات الخيرية الكويتية، حيث سألني مسؤولو تلك الجمعيات عن مدى الثقة المتوافرة بالأمم المتحدة نفسها وليس بأفغانستان فقط؟ وما إذا كان يمكنهم الثقة بنا في منحنا الأموال؟

وحقيقة، كان ردي المباشر، بأن العمل الجماعي والمشترك هو الذي سيصنع الثقة بيننا، ويؤدي إلى موثوقية وشفافية عملنا، وقدرتنا على الوصول إلى أي أفغاني حتى لو كانت منطقة تواجده نائية حسب القانون الدولي والأنظمة.

ولا بد من التنويه إلى أن الشعب الأفغاني يعدّ شعباً نشيطاً، ويحب العمل، ويريد الحصول على فرصة عمل تثبت إمكاناته، وليس الحصول على معونة أو سلة غذائية فحسب، ما يدفعنا إلى تنفيذ العديد من المشاريع، وتوفير فرص العمل للمواطن الأفغاني.

في ظل فقدان الثقة العالمية بحكومة طالبان حتى الآن واعتبارها منظمة خارج السيطرة الدولية يكون السؤال مشروعاً حول ضماناتك الشخصية لسلامة توزيع ما تناله من مساعدات للمستحقين؟

- أتفق مع أن المخاوف المثارة دولياً مشروعة، لكن السبب الرئيسي الذي دفعنا لإطلاق البرنامج وثيق الصلة بالواقع المحلي، فنحن نريد أن نعمل من أسفل إلى أعلى وليس بالعكس، ولذلك نعمل مع المجتمع المحلي، ونتعاون مع عشرات الجمعيات الأهلية المحلية والدولية، مع وجود مراقبين كطرف ثالث يراقب نشاطنا من أجل ضمان الثقة في كل ما نقوم به على الصعد كلها.

واستطعنا أن نؤسس صندوقاً مشتركاً من 17 منظمة تابعة للأمم المتحدة، ولدينا بنية تحتية قوية جداً على الأرض في أفغانستان ومئات الموظفين وعشرات المكاتب، فضلاً عن علاقات وشبكات مع المجتمع والجهات المحلية، في حين أن قدرتنا على تنفيذ المشاريع قوية للغاية.

كما أن إمكانية وصولنا إلى أقصى أفغانستان بأريحية في وجود «طالبان» لم تكن متاحة قبلهم، بفضل الوضع الأمني الأفضل من السابق، ولذلك أصبح وصولنا للمجتمعات المحلية والتعامل معها مباشرة أسهل، ما يتيح لنا الاستفادة من كل فرص إيصال الدعم مباشرة إلى الجميع في أفغانستان.

بالمناسبة، هل فاتورة الدعم المطلوبة من المانحين لأفغانستان مفتوحة أم محدّدة السقف؟

- طلبنا كأمم متحدة منذ أغسطس 2021 وحتى أغسطس 2022 نحو 8.4 مليار دولار، وحصلنا حتى الآن على ما يعادل 25 في المئة. ونؤكد أن النسبة المتبقية كبيرة، ونلفت إلى أنه إذا وجهنا الأموال التي نحصل عليها بشكل جيد في الاستثمار الزراعي، وتعزيز القدرة الإنتاجية، وغيرها، فيمكننا الحصول على نتيجة جيدة، مع التأكيد أن تقديم السلال الغذائية فحسب لن يكون كافياً لسد الاحتياجات المطلوبة.

بصراحة، هل هناك تدخلات سياسية سواء من المانحين أو من «طالبان» أو غيرها في توزيع المساعدات؟

- لدينا في الأمم المتحدة موقع فريد، لأننا الجهة الدولية الوحيدة الموجودة على الأرض هناك، والجميع يحتاج إلينا، إذ تدرك طالبان أنه من دوننا لن يأتي المال إلى الدولة، وأن الوضع سيكون أكثر انفجاراً وتأزماً، وفي الوقت نفسه يدرك المانحون جيداً أنهم لو أرادوا إيصال أي مساعدات للشعب الأفغاني فلن يتحقق ذلك إلا عن طريقنا.

وبكل تواضع، نؤكد أننا استطعنا العمل بشكل مثالي على هذا الصعيد، وذلك منذ إطلاق البرنامج في منتصف أغسطس 2015، إذ استطعنا خلق 513 ألف فرصة عمل موقتة في مشاريع متنوعة، ونوفّر لهم دخلاً وعملاً.

في ظل بلوغ معدلات التضخم عالمياً مستويات تاريخية، هل تؤثر قفزة أسعار الغذاء الكبيرة على خطط مساعداتكم وجهودكم؟

- ما من شك في أن للوضع الأوكراني أثراً سلبياً على الموارد المتاحة من الدول المانحة لصالح أفغانستان، ولكن حتى الآن لم تتراجع هذه الدول عن التزاماتها منذ 15 أغسطس 2021 حتى اليوم، وقد أنفقنا 2.2 مليار من أموال المانحين، ونقلنا نقداً 750 مليون دولار إلى الدولة، ووزعنا مساعدات ومعدات طبية، ونفذنا مشاريع لسدود وبنى تحتية زراعية، والتي تشهد تطوراً كبيراً، ونوفّر الأموال للأفغانيين للعمل وبناء مراكز صحية.

ولا بد من التنويه إلى أن الإنتاج الزراعي الأفغاني كان جيداً هذا العام، إذ أدى مستوى الثلوج المرتفع إلى نمو الإنتاج، وخفف من أزمة وتخوفات الأمن الغذائي في الدولة.

وما يقلقنا فعلاً بالمرحلة المقبلة ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود، ولكن نشير هنا إلى أن أفغانستان تستطيع أن تنتج كل شيء، وهي مستقلة ذاتياً في الإنتاج الغذائي لو تمت إدارة الأمور بشكل صحيح، للدرجة التي يمكنها تشكيل مصدر أساسي لتحقيق الأمن الغذائي في الخليج.

ومحاسبياً، كم رفع عليكم التضخم من تكلفة إضافية غير مخططة؟

- للمفارقة، التضخم بأفغانستان الآن تحت السيطرة، لأن حجم الأموال المتوافرة بالعملة المحلية محدود، وبسبب العقوبات الدولية المفروضة على البنك المركزي لا يسمح له بطباعة عملة جديدة.

ولذا هناك توازن بين حجم السيولة الأجنبية التي تأتي إلى أفغانستان وكمية العملة المحلية المتوافرة، ما أدى إلى استقرار سعر الصرف ومن ثم كبح جماح التضخم.

لكن ما يستحق الإشارة أن استقرار معدلات التضخم بأفغانستان اصطناعي وموقت، ففي اللحظة التي ستبدأ فيها طباعة العملة سيصبح هناك تضخم عال، ولذلك ندرس الأمر ونضع سيناريوهات على المدى المتوسط والبعيد.

بخلاف ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود، ما أبرز مخاوفك المستقبلية في أفغانستان وعليها؟

- أتخوف من أمرين رئيسيين، الأول استمرار الوضع الراهن، لجهة عدم قدرة طالبان على الحفاظ على الأمن، وعدم إدارة شؤون الدولة للدرجة التي تسمح بالتوصل إلى اتفاق طويل الأجل، فمن دون استقرار متوسط وطويل الأمد سياسياً وأمنياً لن يكون هناك فرصة للحصول على تنمية متواصلة.

بصراحة وبعيداً عن الديبلوماسية، هل تقنع الدول المانحة لأفغانستان من باب أمني ولتفادي تهديدات قد تواجهها مستقبلاً لو فرط الأمن هناك أكثر، أم أخلاقي إنساني، أم لكل دولة مفتاح إقناع خاص بها؟

- ما يميّز الكويت تحديداً أنها دولة قامت على العمل الإنساني بمدّ يد العون بكل كرم بالتمويل الإنمائي إنسانياً، وهذا سبب مقنع لنطلب منها مساعدة أفغانستان، لكن أيضاً أفغانستان بلد قريب، وله تاريخ في الاضطرابات الإقليمية والعالمية، ولذلك يكون للاستقرار وخلق فرص العمل فيه اعتبارات مهمة للمنطقة.

فتفادي الضرر وتحري المنفعة لأفغانستان يمكن أن يشكلا لدول الخليج كما أشرت سابقاً مصدراً للأمن الغذائي.

ألم تتعرضوا لأي نوع من التضييق في أعمالكم؟

- بالعكس، فبشكل عام تعهدت قيادات طالبان لنا بعدم التدخل في عملياتنا، ونحن نقوم بمشاريعنا دون تدخل.

والحقيقة أن الأمور تسير بشكل إيجابي والخزانة الأميركية أصدرت استثناءات عدة من العقوبات، حيث سمحت لنا ولغيرنا من المنظمات الدولية بالتوسع بأنشطتها في أفغانستان. ولكن عندما يصدُر قرار مثل منع البنات من التعليم الثانوي فهذا يؤثر.

كيف يؤثر على دوركم؟

- هكذا قرار يصعّب مهمتنا مع الدول المانحة، فعندما يطالب وزير التنمية في أي دولة من دول المنطقة حكومته بمنح أموال سيجاوبونه بأن طالبان تمنع تعلّم البنات، ما يجعل قرار المنح أصعب بكثير.

عندما تواجهون طالبان بمخاوف المانحين ماذا تكون إجابتهم، خصوصاً في ما يتعلق بتعليم الفتيات؟

- يقولون إنهم مع تعليمهن، لكن ضمن شروط وقواعد وضوابط شرعية معينة، مثل الفصل وغير ذلك. وقد أبدينا تعاوناً كبيراً لتحقيق هذه الشروط بتوفير مدرسات لتعليم البنات أو فصول مستقلة وغير ذلك. وهناك حوار يومي مستمر وصعب بهذا الخصوص.

هل يوجد بينكم أي حوار حول استعدادهم لإجراء انتخابات؟

- كان لدينا مشروع لإدارة الانتخابات في أفغانستان ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي قبل قدوم طالبان، حيث كنا ندير الانتخابات من الناحية الفنية واللوجستية، ودعم اللجنة المستقلة للانتخابات واللجنة المستقلة للشكاوى، فضلاً عن دعم برنامج القضاء ومكتب المدعي العام وهذا كله أُغلق.

باختصار كل ما يتعلق بالحوكمة أغلق، والآن لا يوجد طلب ولا حوار في هذه المواضيع إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

هل أنت متفائل بمستقبل أفغانستان؟

- العمل الإغاثي لا يقوم على تفاؤل أو تشاؤم. فلو كنت متشائماً هل أحجم عن العمل؟ ولذلك يجب أن نكون مصممين على العمل من أجل أفغانستان، وعلينا أن نقوم بعملنا والباقي على الله.

بحكم موقعك الحكومي السابق في سورية كنائب لرئيس الوزراء ما الفارق بين المشهد السوري اقتصادياً وواقع أفغانستان؟

- كل ما أستطيع قوله إن ما خسره الاقتصاد الأفغاني في 6 أشهر يعادل ما خسره الاقتصاد السوري خلال السنوات الست الأولى للحرب، وكنسبة انخفاض بالناتج هذا يعني أن الاقتصاد السوري كان قوياً عندما دخلت سورية في الحرب وأكثر تنوعاً وقدرة وتوازناً وتماسكاً، إلى جانب القاعدة الإنتاجية المتنوعة.

برأيك هل سورية قادرة على استعادة الزخم لاقتصادها؟

- قدرة سورية على استعادة زخم الاقتصاد أكبر بكثير من العديد من الدول.

ماذا تودّ قوله للكويت؟

- أكرّر تقديري للكويت، واختيارنا للمجيء إليها نابع عن عملها الإنساني الهائل، وعندما يقال في الكويت عمل إنساني فذلك لا يعني سلة غذائية فقط بل مساهماً حقيقياً في بناء مجمعات وطرق ونهضة وغير ذلك.

300 مليون دولار جُمعت بـ 6 أشهر

حول أكثر الدول التي التقى الدردري مسؤوليها وكانوا متحمسين للتعاون في أفغانستان، يفيد الممثل المقيم بأنه تم القيام بجولة أوروبية أخيراً شملت ألمانيا والسويد النرويج، وكانت هناك نقاشات معمّقة، بعضها أسفر عن التزام جديد بالتمويل.

ويضيف «في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جمعنا حتى الآن أكثر من 300 مليون دولار خلال 6 أشهر، وبالتالي لا نستطيع القول إن هذه الدول لم تكن كريمة مع الشعب الأفغاني».

أما عن أكثرهم كرماً، فيجيب الدردري «الأمر نسبي حسب حجم اقتصاد كل دولة. لكن يمكن القول إن اليابان أكبر مانح ثنائي وألمانيا مانحة مهمة والسويد والنرويج، ونقوم بجولة حالياً تشمل قطر والكويت والسعودية والإمارات».

أجول في أفغانستان برفقة نخبة «طالبان»

قال الدردي «في 15 أغسطس الماضي وصلت طالبان كابول وقتها، وعند الساعة العاشرة والنصف صباح ذلك اليوم أبلغني مدير مكتبي وهو يرتجف رعباً، بأن قوى طالبان وصلت المجمع، حيث مقر عملنا.

وبعد بلوغهم مكتبي قالوا اطمئنوا نحن هنا لحمايتكم، ومنذ ذلك اليوم يقومون فعلاً بحمايتنا بشكل فعال، وقد كلّفوا قوات النخبة في طالبان «البدريين» لحماية مكتب الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الوقت وهم ملتزمون بوعدهم، حيث أجول في أفغانستان برفقتهم وهم من يحرسوننا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي