No Script

ألوان

أمي

تصغير
تكبير

عندما يفقد الإنسان أمه فإنه يفقد توازنه الذهني حتى لو كان كبيراً في السن، واكتسب خبرات متراكمة في تلك الحياة الفانية، وتحاول أن تتمسك برباطة الجأش إلا انك سرعان ما تنهار أمام موت الأم، بيد أنك مؤمن بقضاء الله وقدره فلا تملك إلا ان ترضى بالقضاء والقدر وتقول إنا لله وإنا إليه راجعون.

يقول العلماء إن أكبر ألم يتعرض له الإنسان هو أن يموت وهو يحترق، ثم يأتي ألم الأم وهي تلد ابنها أو ابنتها، ثم تتوالى بقية الآلام تدريجياً في تلك الحياة، وعليه فإننا مهما تحدثنا عن معاناة الأم بدءاً بفترة الحمل مروراً بمرحلة الولادة وانتهاء بتربية الأبن والسهر على راحته حتى عندما يكبر ويصبح رجلاً وينجب أولاداً، فإنها تبقى تنظر إلى ابنها على أنه طفلها الذي تمنحه الحنان.

إن الأب هو بمثابة عمود البيت لكل أسرة، بيد أن الأم هي نور البيت فهي التي تشع في منزلها وعلى أفراد أسرتها بالحب وبالحنان، وهي التي تقوم بمنح الثقة لمن حولها ليكونوا بصورة أفضل وتقدم كل ما لديها دون أن تنتظر المقابل.

وقال تعالى في كتابه المبين عن الأم «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير».

وفي السنة النبوية عن أبي هريرة، رضي الله، عنه قال، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من ؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك» متفق عليه.

وتناول الإنتاج الأدبي والفني الأم عبر الكثير من القصائد والقصص القصيرة والروايات والأعمال التشكيلية من رسم ونحت وخزف محلياً وخليجياً وعربياً وعالمياً، منها لوحة الفنان الإيطالي روبيرتو فيروتزي الذي توفي في عام 1934م ولوحته تلك للذكر وليس للحصر.

ويقوم السواد الأعظم من الناس بالعمل من أجل حب واحترام الوالدين بشكل عام، والأم بشكل خاص، والأمر لا يقتصر على الأمة الإسلامية فقط بل كل الديانات والثقافات تتطابق في مكانة الأم.

ومهما قام الإنسان منا في خدمة والديه وفي مساعدتهما مادياً ومعنوياً فإنه يبقى مقصراً مقارنة مع ما قدماه لأطفالهما، خصوصاً الأم التي تقوم بالحمل وبالولادة وبالرضاعة وبالتربية وبالسهر على كافة تفاصيل حياته حتى عندما يكبر ويصبح مسؤولاً عن نفسه، فالجنة تحت أقدام الأمهات.

وإني لاستغرب من الذين قاموا بعقوق والديهم بل إنهم يستكثرون مجرد الجلوس معهم والتحدث إليهم، بل إنهم يجدون ثقلاً عليهم أثناء وجودهم مع والديهم، متناسين أن ما سيفعلونه معهم سيجدونه مستقبلاً من قبل أبنائهم.

وإني لاستغرب من شخص غني يحاسب والده على شرائه لأمور بسيطة، سعرها ثمن بخس، متناسياً كل ما قدمه له والده ومازال يقدم، بل إنني استغرب من امرأة ليس لها عمل وهي بصحة جيدة ولا تراعي والدتها بتاتاً وهي تذوي أمامها، اما لأنها مريضة واما لأنها باتت كبيرة بالعمر، بل إني استغرب من يسيء معاملة والديه أو أن يقوم بضربهما أو بشتمهما ثم ينتظر أن يوفقه الله في حياته متناسياً إن عقاب الله سيكون في الدنيا ثم في الآخرة.

نعم، عندما نقوم بتربية الابنة إنما نقدم أنموذجاً رائعاً للمجتمع عن المرأة التي تتحلى بالإيمان وبالعادات والتقاليد الأصيلة التي تؤهلها لتكون أماً مثالية كي تمنح الأمة عناصر إيجابية، لذا قال الشاعر حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة اذا أعددتها

أعددت شعبا طيب الأعراق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي