علي غلوم محمد / لن ينالوا من ديموقراطيتنا

تصغير
تكبير
إن الحركة الديموقراطية في أي مجتمع ينبغي أن تتجذر في بنيته وتُسقى بمجهودات أبنائه، وبالتالي فإن أي تغيير وتطور في ذلك المجتمع لابد أن يحملا سمات الشعب ومدى وعيه ليكونا في سياق تعزيز الديموقراطية. ولذلك، فإن لكل بلد تاريخاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً يميزه عن الآخر.

نحن في الكويت لا نخالف هذه القاعدة، ذلك أن لنا تاريخاً يختلف جذرياً عن تاريخ الشعوب والأمم الأخرى. فلو أخذنا بريطانيا مثلاً لوجدنا أن مجتمعنا لم يمر بالسياقات الإصلاحية التي مر بها المجتمع الإنكليزي. ولذلك فإن لبنة الحراك النهضوي لابد أن تكون منبثقة من المجتمع ذاته، ما يجعل لكل ديموقراطية طبعها وطابعها الناجمين عن التطور والأفكار التي تسود في البلاد. من هنا، فإن فرنسا، الدولة العريقة بالديموقراطية، وصاحبة الثورة الشهيرة في الغرب، كرست مبادئ وحقوقاً وحريات إنسانية ونظماً انتخابية تختلف عن تلك الموجودة في بريطانيا أو في أي بلد آخر. فالديموقراطية الفرنسية تحمل في طياتها روحا وهوية وأعراف الشعب الفرنسي الذي أنتج ثورته التاريخية.

وبناء على ما تقدم، فإن أهم مسألة لابد أن نركز عليها ونعمل لأجلها في الكويت هي تأصيل المبدأ الديموقراطي العام بجميع تجلياته ومظاهره، شريطة أن يحمل هذا المبدأ الديموقراطي هوية ومزاج الشعب السياسي من خلال توسيع نطاق الممارسة الديموقراطية. وهذا العمل ليس فردياً، بل لابد أن يكون من الجميع، حكاماً ومحكومين، كي يتم ترسيخ الديموقراطية الكويتية التي ينزعج منها البعض ويسعى إلى النيل منها.

من هنا، نجد خطابات صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التي تدعونا إلى المحافظة على الديموقراطية، لأنها النهج الذي ارتضيناه جميعاً. فنحن، ولله الحمد، ننعم بديموقراطية وحريات يحسدنا عليها القريب قبل البعيد من حرية الصحافة والرأي والمساواة بين أفراد المجتمع وحق المرأة بالمشاركة السياسية والسماحة في العلاقة بين الشعب والأسرة الحاكمة المتواضعة، فضلاً عما يدعم هذا النسيج المتلاحم من خلال أواصر المصاهرات بين فئات المجتمع كافة.

إن ما شهده، ويشهده، بلدنا، قل نظيره في دول المنطقة. سمو رئيس الوزراء يصعد إلى منصة الاستجواب الذي قدّمه أحد ممثلي الأمة. هذا المشهد الذي يُعد حلماً في الكثير من الدول هو حقيقة تحسدنا عليها غالبية من الدول العربية والإسلامية.

لذلك رسالتي للجميع الله الله في الكويت، الله الله في الوحدة الوطنية... وإلى المغرضين موتوا بغيظكم فلن تنالوا من ديموقراطيتنا.





علي غلوم محمد

كاتب كويتي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي