No Script

رؤية ورأي

انتخابات مجلس بلدي «رخوة»

تصغير
تكبير

أتقدم بالتهنئة إلى الأكْفَاء من الأعضاء الذين نالوا ثقة الناخبين في انتخابات المجلس البلدي التي نظمت يوم السبت الماضي، كما أحيّي الأكْفَاء من المرشحين الذين لم يوفقوا في تلك الانتخابات، متمنّياً لهم فرصة أفضل في الانتخابات البلدية اللاحقة أو في قرارات تسكين شواغر قيادية تتوافق مع اختصاصاتهم وخبراتهم.

بالرغم من الإشادات المتتالية من قبل مسؤولين وسياسيين وناخبين، إلا أن انتخابات المجلس البلدي الأخيرة كانت غير ديموقراطية، ومعيبة لمسيرتنا الدستورية التي أسسها الآباء والأجداد، وأضرّت بمقومات أساسية للمجتمع الكويتي وأهالت وصبّت التراب على قيم وطنية وديموقراطية أصيلة ونبشت عن نعرات عنصرية وطائفية.

فتلك الانتخابات لم تكن ديموقراطية لأنها بنيت على نتائج انتخابات فرعية مجرّمة محلّياً ومحرّمة في المجتمعات الديموقراطية ومرفوضة دولياً، لكونها عنصرية تأسيساً.

وهذه ليست الانتخابات الأولى التي تسبقها انتخابات فرعية، ولكننا وصلنا إلى مرحلة تعطيل وشل المنظومة الديموقراطية بالاستمرار والتوسّع في ممارسات غير دستورية كتنظيم «الفرعيّات».

الانتخابات الأخيرة معيبة لمسيرتنا الديموقراطية لأنها طفحت بالاستقطابات الفئوية الطائفية والعرقية، وفاحت رائحتها النتنة بمشاركة شخصيّات عامة سياسية وغير سياسية، من جميع شرائح المجتمع، مُصنّفة جهلاً بأنها شخصيّات وطنية.

الانتخابات الأخيرة كانت «رخوة» وفق المفهوم الذي طرحه الاقتصادي السويدي البروفيسور غونار ميردال Gunnar Myrdal، لأنها فاقمت حالة عدم الانضباط العامة في الدولة.

فالكثير من الذين كانوا وما زالوا يطالبون ليلاً ونهاراً بفرض سيادة القانون، لم يجدوا حرجاً في المشاركة بالانتخابات الفرعية المجرّمة، أو في تجاهل تنظيمها.

ومن بينهم نوّاب يدّعون أنهم إصلاحيون ومعارضون تغاضوا عن الدور السلبي للحكومة في هذا الملف المتضخم.

ومعظم المنادين بحماية اللحمة الوطنية، أيّام انتخابات مجلس الأمة وإبّان أزمات تضييق الآفاق الدستورية للحرية الدينية، لم يلاقوا استياءً مجتمعياً لدورهم الريادي في الاستقطابات الفئوية الطائفية والعرقية، أو لسكوتهم عنها.

ومن بينهم نوّاب يدّعون أنهم وطنيون وحدويّون تغافلوا عن الدور الخطير الذي مارسه رفاقهم.

التناقضات كانت ساطعة، وإن قل راصدوها، والأمثلة المخزية وافرة، ولكنني سأكتفي بالإشارة إلى الخبر الذي نشره أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية، مفاده أن أحد الأساتذة بجامعة الكويت – النشطاء في شؤون الانتخابات – وجّه دعوة إلى طائفة من الناخبين الحضر في دائرة انتخابية، للاتفاق على مرشّح واحد.

وبالفعل، ترشّح أحدهم، ونشر عبر حسابه على منصة «تويتر» توافد نوّاب حاليون وسابقون – يفترض أنهم وطنيون وحدويّون – من الشريحة المجتمعية ذاتها إلى ديوانه.

الانتخابات البلديّة «الرخوة» كشفت مرّة أخرى أن هناك من زَيّف مفهومي «الوطنية» و«الطائفية» في ثقافتنا المجتمعية. فنحن كمجتمع نرى أن المشاركة في انتخابات فرعية أو في لقاءات تصفية بين مرشحين – وفق إطار فئوي عرقي أو طائفي – لا تخدش وطنية المشاركين.

وجلنا اختزل الطائفية في الجهود التي من شأنها تحصين الآفاق الدستورية للحرية الدينية.

ولذلك، نسمح كمجتمع لمن قاد حملة استقطاب عرقية طائفية في الانتخابات «الرخوة» بتلك الدائرة، بتوزيع صكوك الوطنية على نوّاب شاركوا أو تغافلوا عن مساعي تيارات إقصائية قمعيّة تقييد الحرية الدينية وتقليص آفاقها، ونسمح له بإصدار أحكام الإدانة بالطائفية ضد نوّاب تصدّوا لتلك المساعي غير الدستورية الدخيلة منذ مجلس 1981على عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة.

المراد أن أزمتنا أعمق وأوسع بكثير من ما تطرحه المعارضة، التي تشارك وتنافس الحكومة في الفساد، وتسابق الحكومة في «إرخاء» الدولة، وتفوق الحكومة في التطرّف العنصري والطائفي.

والمنهجية التي تتبنّاها المعارضة – المشكلة من تحالف سرّاق مال عام وعنصريين وطائفيين وموالين لهم – لا يمكن أن تصلح ما أفسدته الحكومة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي