No Script

ارتفاع الأسعار بمقاطعة النفط الروسي شكل ضغطا عليها

«أوابك»: الإدارة الأميركية ترمي الكرة في ملعب الآخر بقانون «نوبك»

تصغير
تكبير

- «نوبك» موجه لـ (أوبك) ويشهد معارضة مؤسسات أميركية تخوفاً من ضرب الصناعة النفطية الأميركية
- تأمين مصادر بديلة للنفط والغاز الروسي بات أكثر أهمية من البيئة على المدى الطويل
- تراجع الاكتشافات النفطية في 2021 تسبب بتراجع الاحتياطيات العالمية بنسبة 1 في المئة
- «عصر ما بعد النفط» تعبيرٍ فضفاض والعالم يتجه لاستخدام مزيج من مصادر الطاقة
- بقاء أسعار النفط عند مستويات معقولة ومقبولة من المنتجين والمستهلكين والمستثمرين

قال الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» علي بن سبت ان المنظمة حذرت من خطورة تراجع الاستثمارات في مجال الاستكشاف والإنتاج وأهمية ضخ الاستثمارات في الصناعة البترولية عموماً، وفي مجال الاستكشاف والإنتاج خصوصاً، للحفاظ على توازن أسواق الطاقة في العالم، والحفاظ على إنتاج مستقر يلبي الطلب العالمي ويواجه تذبذب مصادر التوريد في الأحوال الطارئة وخاصة التغيرات الجيوسياسية. وأضاف بن سبت في تصريح صحافي انه في إطار المواجهة المعلنة بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية دعت أخيراً أغلب دول الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية إلى التوقف عن استخدام النفط الروسي والبحث عن دول بديلة لتعويض وارداتها.

وقال بن سبت ضمن المساعي الأوروبية الأميركية المحمومة في هذا المجال استجابت الأسواق البترولية بارتفاع ملحوظ في أسعار النفط والغاز والمشتقات النفطية، مما شكل ضغوطاً كبيرة لم تجد الإدارة الأميركية الحالية متنفساً لها إلا عبر محاولة رمي الكرة في ملعب الآخر، حيث مررت اللجنة القضائية التابعة للكونغرس الأميركي، مشروع قانون أطلق عليه اختصاراً «نوبك «NOPEC وهو قانون موجه لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) كانت صيغته الأولى قد وضعت عام 2000 في مسعى لرفع الحصانة عن شركات النفط الوطنية في دول (أوبك)، ويهدف مشروع القانون إلى تمكين وزارة العدل الأميركية من اتخاذ إجراءات قضائية ضد هذه الشركات بموجب قانون مكافحة الاحتكار الأميركي، بدعوى «محاولة الحد من المعروض من النفط، وتأثير ذلك على الأسعار. واشار بن سبت إلى انه تم تقديم نسخ مختلفة من مشروع القانون ومناقشتها في الكونغرس الأميركي لما يقرب من 20 عاماُ، ولكن ذلك المشروع لم يتم تمريره إلى قانون قط. ولفت إلى أن مشروع القانون شهد معارضة المجموعات التجارية الرئيسية تخوفاً من النتائج التي ستضرب صناعة النفط والغاز الأميركية، ومن أهم تلك المجموعات غرفة التجارة الأميركية ومعهد البترول الأميركي (API) ومنتجي زيت السجيل (النفط الصخري) الذين حققوا (بحسب تقديرات الأمانة العامة) عائدات تجاوزت 1.2 تريليون دولار منذ عام 2000 حتى تاريخه.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط في الماضي القريب ساهم في تشجيع الاستثمار في مجال التحول نحو مصادر بديلة للطاقة، لكن المنظور الحالي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه البدائل لا تزال بعيدة كل البعد عن إمكانية إزاحة مصادر الطاقة الأحفورية عن عرشها. ورغم ما يشاع من أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية هي الحل للخلاص من الأزمة التي يمكن أن تنتج عن خروج النفط الروسي من الأسواق، لكن الواقع أن حصة مصادر الطاقة المتجددة، وبعد أكثر من 20 عاماً من التوسع والأبحاث، لم تشكل إلا أقل من 6 في المئة من مزيج الطاقة المستهلكة عالمياً في عام 2020. كما أن السعة المركبة من هذه الطاقات ليست موزعة بما يضمن أن تشكل مساهمة فعالة في مزيج الطاقة في الحالات الطارئة، مثل الطقس شديد القسوة، أو التغيرات الجيوسياسية غير المتوقعة.

وقال كما هو الحال في الأزمة الروسية الأوكرانية فقد مثل استهلاك أوروبا من الطاقة المتجددة عام 2020 نحو 28 في المئة من إجمالي استهلاك العالم، لكن أكثر من نصف تلك الطاقة تركز في 5 دول فقط (ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، فرنسا، إيطاليا)، كما لا يخفى أن العناصر المعدنية والفلزية النادرة تشكل العمود الفقري لصناعة الطاقة المتجددة.

وأضاف بن سبت أنه وعلى نفس الصعيد لم تخفِي أي جهة أن الأصوات المطالبة بخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون قد أصبحت أقل حدة، إذ تم تعديل الأولويات حيث بات تأمين مصادر بديلة للنفط والغاز الروسي أكثر أهمية من موضوع البيئة ليس في الوقت الراهن فحسب، بل على المدى الطويل حيث بدأت مساعي أوروبا في بناء محطات لاستقبال الغاز الطبيعي المسال كبديل محتمل للغاز الروسي، وعادت بعض المحطات العاملة على الفحم الحجري إلى العمل بعد أن تم إيقافها لأسباب بيئية بحتة.

وأكد أنه وبالرغم من الاكتشافات التي تحققت أخيراًً في بعض دول العالم، وعمليات التطوير الحديثة لبعض الحقول والتي تستقطب الاهتمام دوماً، إلا أن الحقول الناضجة تعتبر العمود الفقري لتلبية الطلب على الطاقة، حيث تساهم في أكثر من 66 في المئة من إنتاج النفط في العالم، ولا يخفى دور الحقول الناضجة في المنطقة العربية في هذا المجال، والتي تحمل عبء تلبية الطلب المحلي المتنامي علاوة على تلبية جزء لا يستهان به من الطلب العالمي.

وقال لما كان الهدف الرئيسي لعمليات الاستكشاف هو الوصول إلى أفضل المصادر المتوافرة، فمن نافل القول أن الصناعة البترولية وللحصول على أعلى مردود لاستثماراتها، تعتمد دوماً على التقنيات الحديثة لتجاوز عقبة بيئة الأسعار المتذبذبة للنفط، وعقبة طول المدة اللازمة لتنفيذ المشاريع البترولية.

وشدد على ان التقنيات الحديثة بحد ذاتها تمثل تحدياً لا يستهان به، إذ أن التغيرات التقنية تنمو بشكل متسارع مرتبطة إلى حد بعيد بالحوافز التي تدعم تطوير هذه التقنية.

وتراجع الاستثمارات في مجال الاستكشاف والإنتاج يعني بوضوح احتمال تراجع الإمدادات البترولية، وتراجع السعات الإنتاجية، وهو ما سوف ينعكس على الأسعار والاقتصاد العالمي.

وأضاف ان العالم شهد تراجع الاكتشافات في عام 2021 تسبب في تراجع احتياطيات النفط والغاز في العالم بنسبة 1 في المئة بين عامي 2020 و2021، بينما كانت التقديرات قد بينت أن احتياطيات العالم من النفط ارتفعت بنسبة 2.6 في المئة بين عامي 2019 و2020.

وأكد على أن تراجع الاستثمارات يؤدي أيضاً إلى تراجع تطوير احتياطيات الحقول المعروفة، مما يعني عدم القدرة على تعويض ما يتم إنتاجه منها، وهنا يجب التأكيد على أهمية عامل التكلفة إذ أن كمية النفط الإجمالية الموجودة في باطن الأرض لا تهم بحد ذاتها بقدر أهمية الكميات القابلة للإنتاج بشكل اقتصادي، فوصول أسعار النفط إلى مستوى مقبول من المنتجين والمستهلكين يساهم في زيادة الاستثمارات في الاستكشاف والحفر وإنشاء البنى التحتية، بينما تنخفض الاحتياطيات القابلة للإنتاج مع انخفاض الأسعار أو مع ارتفاع تكلفة البرميل حيث يصبح بعضها خارج هامش المردود الاقتصادي. وأضاف بشكل عام، ورغم ارتفاع العديد من الأصوات في السنوات الأخيرة تأييداً للانتقال أو التحول الطاقوي وما بعده من المراحل، إلا أن هذا التحول في حال نجاحه يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة، مما يعني أن النفط والغاز سوف يبقيان من أهم مصادر الطاقة في العالم في المدى المنظور، بل ويمكن التأكيد أن عصر ما بعد النفط هو مجرد تعبيرٍ فضفاض لأن العالم يتجه اليوم إلى استخدام مزيج من مصادر الطاقة قد ترتفع فيه حصة مصدرٍ ما على حساب مصدر آخر، لكنه بالتأكيد لن يتخلى عن النفط والغاز.

وتوقع بن سبت بقاء أسعار النفط عند مستويات معقولة مقبولة من المنتجين والمستهلكين والمستثمرين على حد سواء، كما أن الأوضاع الحالية التي يمر بها العالم، تؤكد على الأهمية الاستراتيجية للدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول كصمام أمان لمنظومة الطاقة في العالم، من ناحية موقعها بالنسبة للأسواق العالمية من جهة، ومن الجهة الأخرى كونها تمتلك 54.5 في المئة من إجمالي احتياطيات النفط العالمية، وتنتج أكثر من 27.5 في المئة من إجمالي ما ينتجه العالم من السوائل الهيدروكربونية، كما تمتلك 26 في المئة من احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي، وتسوق ما يزيد على 15 في المئة من إجمالي الغاز المسوق في العالم. واشار بن سبت إلى أنه مضى نحو العام على»خارطة الطريق للوصول إلى انبعاثات صفرية في عام 2050"، والتي نشرتها وكالة الطاقة الدولية في شهر مايو 2021، ومنذ ذلك التاريخ، أوابك سلسلة مقالات بينت فيها حذرت فيها من تراجع الاستثمارات للحفاظ على توازن الاسواق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي