No Script

سافر إلى ذاتك

هل أنت محتال؟

تصغير
تكبير

كم مرة نجحت بأمر ولم تفرح به، بل كان القلق هو الشعور السائد؟

كم ترقية لم تفرح بها، لأنك شعرت أنك غير كفؤ؟

كم صديقاً تخليت عنه، لأنك شعرت بأنك لست جيداً؟

وكم من المعارف خسرناهم لأننا نشعر أنهم لا يستحقوننا؟

وكم فرصة عبرت منك لأنك لا تجد أي كفاءة فيك؟

هذا على صعيد العمل والعلاقات، لنقرب المجهر أكثر ونسأل بشكل أعمق على صعيد الحياة الأسرية.

كم امرأة تزوجت رجلاً وشعرت أنها لا تستحقه، لأنه رجل مثالي وأيقنت أنها ستخسره لا محالة؟

وكم رجلاً تزوج من امرأة فيها كل الصفات التي يريدها، وشعر أنه لا يستحقها وأنها ستتركه يوماً، فشن الخلافات وبحث عن كل السبل الكفيلة في إبعادها عنه ليثبت لنفسه أنه لا يستحق؟

وكم أبناء اجتهدنا في إبعادهم عنا لأننا نظن أننا لسنا آباء جديرين بذلك كفاية؟

كم كلمة ثناء شعرنا أننا لا نستحقها، وكم مدحاً ضايقنا وضيق علينا شعورنا تجاه أنفسنا؟

عزيزي القارئ الذي وجدت نفسك بين هذه السطور، لا تقلق لست وحدك، أنت مع الكثير والكثير ممن يعانون من هذه المتلازمة.

إنها متلازمة المحتال، أو بتعريف أبسط من ذلك متلازمة الناجحين والمميزين والمتطورين والأذكياء والمتفوقين، فكرتها أنك كلما نجحت شعرت أنك لا تستحق ذلك.

وهي مرتبطة طردياً مع كل نجاح أو فوز أو سعادة في حياتنا تتلخص بـ(أنا لا أستحق ما أنا فيه، والجميع عاجلاً أم آجلاً سيكشف أمري وأفضح أمام الملأ والجميع).

وهي تصيب الأشخاص الذين لا يستوعبون ولا يدركون أنهم يستحقون ذكاءهم أو نجاحهم أو حتى حياتهم، فيكرسون وقتهم وحياتهم وهم يبحثون عن تميز أكثر ونجاح أكبر وعلم ومعرفة أكثر وأكثر، ولها كثير من الأعراض المهمة والواضحة بالكلام والسلوك، كالأعراض التالية:

- أنا أشعر أني مزيف وأني مخادع.

- سيأتي يوم ويكشف أمري.

- أخذت حق غيري وهم أولى فيه.

- أي شخص غيري يستطيع فعل ذلك.

- وضع أهداف صعبة جداً ليصعب تحقيقها وإثبات أنهم لا يستطيعون.

- يبالغون بالعلم والمعرفة ليثبتوا كفاءتهم للناس.

- يبذلون مجهوداً مبالغ فيه في طرق الوصول للنجاح.

- يزعجهم المدح والثناء لأنهم يشعرون أنهم لا يستحقون.

وعلى الرغم من وضوح الأعراض، إلا أن أصحاب المتلازمة يصرون وينكرون جدارتهم واستحقاقهم وأحقيتهم بكل ما يملكون، لذلك هذه المتلازمة مزعجة لأنها تستأصل كل شعور جميل بالنجاح والاستحقاق وتضع بدلاً منه مشاعر الخزي والخوف.

وهي تلازم الشخص بفكره وسلوكه وعلاقاته وتلاحقه كل وقت وبأي مكان، وهنا تكمن خطورتها لأنها أكبر بوابة للقلق وأسهل باب للاكتئاب.

يبقى سؤال مهم من أين تأتي؟

من التربية المثالية، أو الأسرة المنتقدة أو النجاح الذي يقتصر على النسب العالية أو عدم تعليم الأبناء اختبار مشاعرهم الجميلة بالإنجازات البسيطة، كصنع كعكة أو رسم لوحة أو تنظيف غرفة أو مساعدة في البيت، فالدراسات أثبتت أن العائلات التي تنتقد على الدوام وتربي أبناءها على القواعد الصارمة، هي العائلة التي تخرج شخصاً فيه هذه المتلازمة التي لا ترحمه في كل خطوة من خطوات حياته، وهي إصبع الاتهام له في كل نجاح يصل له، لذلك يجب أن تعالج هذه المتلازمة فور اكتشافها، لأنها ستفتح باباً من الخسارات غير المنتهية، ستخسر وظيفتك بها، وستخسر شريك حياتك من الشك الذي لن يرحمك وستخسر أصدقاءك، لأنك حكمت أحكاماً مسبقة عليهم، وستخسر أفراحك لأن قلقك أكبر وستخسر نفسك أيضاً، وستسأل هل أنا محتال؟

Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي