No Script

الاقتصاد نقدي والشركات تعزف عن قبول السداد بالبطاقات

المودعون اللبنانيون اليائسون يُحاكمون بنوكهم

تصغير
تكبير

- المغتربون لن يضخوا أموالهم في البنوك بعد الآن
- غياب القانون ترك المصارف تفرض قواعدها الخاصة
- إذا أفلتت البنوك اللبنانية قانونياً فصناعتها محطّمة لجيل كامل

لم تكن هذه هي الطريقة التي خططت بها ريبيكا إيجو لاستخدام شهادتها في القانون. ففي عام 2020 تم قبولها في برنامج الماجستير في الولايات المتحدة الذي كان سيُكلفها 20000 دولار بعد المنح الدراسية، وهو مبلغ كانت تملكه في البنك.

لكن في لبنان، يكاد يكون سحب الأموال من البنوك أمراً مستحيلاً، إذ فرضت البنوك قيوداً صارمة وتعسفية على رأس المال وسط أزمة مالية، وتم إبلاغ إيجو أنها لا تستطيع سحب أموالها.

وعلى غرار مئات اللبنانيين، تفيد مجلة ذي إيكونوميست في مقال نشرته بعددها الأخير، بأن إيجو رفعت دعوى قضائية ضد مصرفها لخرق العقد، وأن القضية قائمة منذ عامين، فيما أغلق بعدها أحد البنوك حسابها وصرف مدخراتها بشيك لن يقبله أي بنك آخر.وتقول إيجو معلقة على ما حصل معها: «لا يوجد أساس قانوني لأيّ من هذا، ولكن لا يوجد قاضٍ سيقول ذلك».

وأوضحت «إيكونوميست» أنه «منذ ما يقارب 3 سنوات، كانت بنوك لبنان عبارة عن زومبي، فيما تعود الأزمة إلى عام 1997، عندما ربط مصرف لبنان (البنك المركزي) العملة عند 1500 ليرة للدولار، وحافظ على ربط العملة بالدولار من خلال اقتراض الدولارات من البنوك التجارية بأسعار فائدة من رقمين، وهو مخطط بونزي تديره الدولة انهار في 2019، في حين تخلف لبنان عن السداد في العام التالي».

خسائر القطاع

وأضافت المجلة أن خسائر القطاع المالي في لبنان تُقدّر بـ68 مليار دولار (130 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة).

وفي وقت سابق من هذا العام، انخفضت الليرة إلى 34000 في السوق الموازية، لتفقد 96 في المئة من قيمتها.

وفي السابع من أبريل، توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مع لبنان، قد يتضمن قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار، وقبل أن يصوّت مجلس إدارة الصندوق على الحزمة، فإنه يريد من الحكومة اللبنانية أن تتخذ خطوات لإعادة هيكلة القطاع المالي، مثل إقرار قانون يُعزز ضوابط رأس المال (Capital controls).

وتردد البرلمان في هذه المسألة لمدة عامين، ثم تم تأجيل التصويت الذي كان مقرراً عقده في 20 أبريل الماضي، ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في 15 مايو الجاري، ليس من الواضح متى سيتم إقرار القانون.

فراغ البنوك

وترى المجلة البريطانية أن هذا الفراغ ترك البنوك اللبنانية لتفرض قواعدها الخاصة، فمعظم المودعين لا يمكنهم سوى سحب مبالغ صغيرة وبالليرة فقط، أما عمليات السحب من الحسابات بالدولار فتستخدم سعر صرف غير مناسب.

من جهتها، لا تقدم المحاكم المحلية إلا عوناً بسيطاً.

ويعتقد اتحاد المودعين، الذي يمثل الآلاف من المدخرين، أنه تم رفع أكثر من 300 دعوى قضائية ضد البنوك حتى الآن، لكن عدداً قليلاً منها تمت تسويته.

ولفتت «إيكونوميست» إلى أن استجابة القضاة الأجانب كانت أسرع، ففي ديسمبر الماضي، أمرت محكمة فرنسية بنك سرادار بدفع 2.8 مليون دولار لعميل في باريس، وفي فبراير، أصدرت محكمة في لندن حكماً مماثلاً لصالح رجل أعمال لبناني بريطاني.

وحذّر بنك عودة، أحد المقرضين الذين حصل على أمر بتحويل أمواله، من أن الحكم سيؤدي إلى «عدم المساواة في المعاملة» للمودعين.

وكي يظهر التزامه بالعدالة، أغلق بنك عودة عشرات الحسابات التي يملكها مواطنون بريطانيون أو مقيمون.

ويقول المودعون إنه عرض عليهم فرصة لإعادة فتح حساباتهم إذا وقعوا عقداً يتنازلون فيه عن حقهم في رفع دعوى وينص على عدم قدرتهم على إجراء تحويلات إلى الخارج، وإلّا، فسيتم سداد أرصدتهم بشيك، وكل ذلك غير مجد في بلد نظامه المصرفي معطّل.

القوة والقانون

وحاول عدد قليل منهم اتخاذ إجراءات أكثر يأساً، ففي شهر يناير الماضي، قام صاحب مقهى في وادي البقاع الشرقي بإغراق ردهة مصرفه بالبنزين وطالب بمبلغ 50 ألف دولار من حسابه، وحصل على نقوده (تقول أخته إنه وقّع على إيصال).

هلل بعض اللبنانيين بجرأة صاحب المقهى، فيما رأى آخرون عوارض كل ما يُعانيه بلدهم، حيث تتفوق القوة على حكم القانون.

وقد يكون للدعاوى القضائية تأثير ضئيل قريباً، بحسب المجلة التي ترى أن قانون ضوابط رأس المال (الكابيتال كونترول) سيبطلها.

وقال فؤاد دبس من رابطة أصحاب الودائع: «إن الأمر بمثابة إصدار عفو عن المصرفيين».

من جانبها، اقترحت الحكومة ضمان حسابات أقل من 100 ألف دولار، على الرغم من أن المودعين قد يضطرون إلى الانتظار لمدة تصل إلى 8 سنوات لسحب مدخراتهم بالكامل.

ونوهت المجلة إلى أنه حتى لو أفلتت البنوك اللبنانية من الحساب القانوني، فإن صناعتها تبدو محطمة لجيل كامل، مشيرة إلى أن اقتصاد لبنان أصبح نقدياً، إذ لم تعد العديد من الشركات تقبل الدفع بالبطاقات.

وعليه، فمن المحتمل أن يحتفظ الشتات المترامي الأطراف، الذي كان يضخ المليارات في البنوك اللبنانية، بأمواله في الخارج. تقول إيجو: «إذا لم نرَ البنوك تدفع ثمن ما حدث، فلا يُمكننا أن نثق بها مرة أخرى».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي