No Script

مدينة الكويت وباديتها شكّلتا ثنائياً متناسقاً في تحرّيه

هلال العيد قديماً... تتبّع منازل القمر لإثبات رؤيته

تصغير
تكبير

- عادل السعدون: قد تختلف بداية رمضان أو العيد بين القرى والمدينة لبعد المسافات وصعوبة التواصل
- أحمد بن برجس: قبائل البادية كانت تمتلك دراية كبيرة بطرق النجوم وحساب الأيام والأشهر والمواسم

اختلفت طرق تحري هلال عيد الفطر السعيد وأساليبه في البلاد قديماً بين سكان مدينة الكويت وباديتها، وفقاً للخبرات والموروثات المتراكمة، لكنهما شكلا ثنائياً متناسقاً أكملا مهمة الاستهلال، بعيداً عن علم الفلك الحديث وتقنياته، مع عدم وجود مختلف وسائل الإعلام.

وقال المؤرخ والفلكي عادل السعدون لـ«كونا» إن البعض، في القديم، كانت لديه معرفة لإرشاد المترائين عن الجهة التي سيغرب منها القمر، لتتوجه أبصارهم إلى موقعه بغية رؤيته، وفي حال ثبوت رؤية الهلال أو عدم رؤيته يتوجه كبيرهم وبمعيته عدد من الأفراد الذين رأوا الهلال، إلى الحاكم أو القاضي لإبلاغه بالأمر الذي يقبل بدوره شهادة الشهود، ويعلن إتمام شهر رمضان أو دخول شهر شوال (العيد) أي أنهم كانوا يصومون أو يفطرون على الرؤية البصرية المباشرة.

وبين أن الرجال المشهود لهم بمعرفة طرق استهلال الهلال كانوا يوجدون دوماً، ومنذ القدم في كل مهمة استهلال، كما كان «الحسابة» الذين يحسبون الأشهر الهجرية يبدأون بالتمهيد لحساب دخول شهر رمضان من بداية دخول شهر رجب، ليتأكدوا من موعد دخول رمضان ثم حسبة عيد الفطر، لأن الأشهر الهجرية غير متساوية فبعضها 29 يوما وبعضها 30، لعدم توافر التقويمات الفلكية التي تحسب أشهر السنة الهجرية.

وعن القرى خارج مدينة الكويت أفاد السعدون بأن القرى، مثل الفنطاس وأبوحليفة والفحيحيل والشعيبة وواره وجعيدان والصبيحية والوفرة والجهراء، كانت توافر رجالاً يتولون تحري الهلال، حيث يصوم ويفطر أهالي تلك القرى على شهادتهم، وقد يصدف أحيانا أن تختلف بداية شهر رمضان وعيد الفطر بين القرى وبين مدينة الكويت، لبعد المسافات وعدم توافر وسائل الاتصال السريع.

من جانبه، قال الباحث في التراث الشعبي الكويتي أحمد بن برجس إن القبائل التي كانت تقطن في البادية قديماً، كانت تمتلك دراية كبيرة بطرق النجوم ومعرفة دقيقة بحساب الأيام والأشهر والمواسم، بسبب ارتباطها بالأرض والمطر والمواسم وأشكال القمر.

وأضاف أن هذا الارتباط جعل من أفراد هذه القبائل خبراء في الرصد والتوقع والمتابعة، لدرجة أنه كان بإمكان بعض أفراد القبائل تحديد الليلة التي من المؤكد أن يظهر بها هلال رمضان أو هلال شوال (العيد).

وبناء على ذلك أوضح أن هؤلاء كانوا يستعدون كمجاميع استهلال منذ عصر يوم 29 شهر شعبان أو 29 شهر رمضان، وقد اختاروا الموقع والوقت المناسبين ومعظمهم كانوا على دراية ومعرفة بالاستهلال، ويمتلكون قوة النظر التي تساعدهم في رؤية الهلال.

وعن تباشير العيد، أفاد بن برجس بأنه كان يتم تحديد الليلة التي يمكن للناس الاستهلال بها للعيد بنفس الطريقة التي حددت بها ليلة استهلال رمضان، فالحسابات الفلكية عند البدو تتكرر في كل شهر ولا تخطئ إلا نادراً، لذا فإن تحديد الليلة غالباً ما يكون دقيقاً لكن المعضلة تكمن أحيانا في الحالة الجوية سواء كانت تسمح بالرؤية أم لا. وتابع «مع حدوث الرؤية وثبوت الهلال كان صوت إطلاق الرصاص يستمر ساعة لتتمكن كل الفرجان القريبة من سماعه، كما اعتادت بعض القبائل على إضرام النار فوق تل أو مرتفع قريب طوال الليل، كعلامة على أن غداً سيكون أول أيام العيد السعيد».

وبيّن أنه «في هذه الأثناء كان أفراد القبيلة يجتمعون ويتسامرون، ويتبادلون أطراف الحديث وأخبار وعلوم الأولين، وما علموه من أحكام شرعية والعديد من الأخبار والموضوعات. وبعض أبناء قبائل البادية كانوا يعملون على جمع الحجارة ورصها بطريقة متجاورة، كتخطيط للأرض بطريقة مربعة أو مستطيلة مع إبراز منبر في جهة القبلة وفتحة تشبه الباب في جهة الشرق بما يشبه المسجد، فيتم فرش المساحة المحددة بالحصير وإبقاؤها نظيفة لصلاة العيد.

ولما كان لعادة التجمع وتناول القهوة مكانة كبيرة في نفوس أهل البادية، ونظراً لاقتصارها على الفترة المسائية في شهر رمضان، فتقتصر على مجلسين أو ثلاثة في الفريج الواحد من فرجان البادية، لكن عدد الضيوف عادة ما يكون كبيراً، بالتالي فإن نقل الأخبار المتعلقة بالتجمع للاستهلال أو الإعلان عن العيد تكون متوافرة للجميع بسبب تداولها في مكان محدود وبتجمع كبير».

وأوضح بن برجس أنه «لم يكن لدى أبناء البادية وسائل دقيقة لتحديد موعد الإفطار، إذ لم يكن المذياع قد عرف بعد، كما أن مدفع الإفطار لم يستعمل في مناطق البادية، لذا اعتادوا على تحديد المواقيت اعتمادا على خبرتهم وتوقعاتهم، إذ لم تصادفهم غالبا أي مشاكل أو أخطاء في مواعيد الصلوات في فترة الصيف حيث السماء صافية والأرض منبسطة».

وأشار إلى أن المشكلة كانت تكمن في وقت الشتاء أو الربيع والغيوم التي تحجب أشعة الشمس فقد كان مجال الخطأ وارداً وهذا ما ينطبق أيضا على ما يتعلق باستهلال الشهر الفضيل والعيد السعيد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي