No Script

خواطر صعلوك

المواطن المُعارض الملتهب!

تصغير
تكبير

كان على مكتبي ثلاثة مواضيع للكتابة، الأول عن المحاولات الفاشلة للدايت في رمضان، والثاني عن فوائد الجوز واللوز، إذا ما تمت زراعته في تربة «أورغانيك». والموضوع الثالث، عن المواطن المُلتهب والمصاب بالاحتقان السياسي.

في البداية، أقسم لكم بقانون الكشافة وشرفها، إنني رجل أحترم حرية الرأي والتعبير وحق التجمعات والمطالب وحق المجتمع المدني، وحق المشاهد أن يعرف، وحق القارئ أن يطلع... وحق الكل أن يكتشف.

لكن أيضاً ينبغي أن نشير بكلتا يدينا، إلى أن هذه الأدوات كلها لا يجب أن ينتج عنها مواطن مُعارض مُلتهب ومصاب بحساسية على صدره وفي أفكاره... مواطن يعيش حالة الاستقطاب بين الأقطاب، مُتمحور حول الوضع السياسي من دون أن يسأل نفسه ولو لمرة واحدة: ما الذي لا أعرفه؟ وما هي صحة مصادري؟ ومن يدير المشهد ومن الحاكم ومن المحكوم ومن الخادم ومن المخدوم ومن الخاتم ومن المختوم؟

هذه الأسئلة ليست فقط للمواطن المعارض المُلتهب، لكنها أيضاً للمواطن الحكومي المرتبك والذي أصبح هو الآخر يدافع لمجرد الدفاع، فاغراً فاهه تجاه الجميع، وهو يقول «الكويت بخير... ولكنكم قوماً تجهلون».

وعندما تسأله عن ما نجهل، نجده يتكلّم بكلام فارغ، فوقه كلام فارغ وتحته كلام فارغ، يجعلك تشعر بإحساس سلفي، مار في شارع لبيع العود والغيتار والناي والطبل والدفوف والبيانو، وكل معدات «مزامير الشيطان» التي تأخذنا لمساحات من الرقص على جراح أحلام وآمال الشباب، الذين هم مبعث الرجاء ومعقد الأمل.

فعندما أشاهد هذه الحالة من الاحتقان والتراص خلف الأشخاص وليس المشاريع، وإقامة المتاريس والإساءة ومتابعة حسابات إلكترونية تدار بالدينار، وتناقل القيل والقال، وعدم الإقبال على الإنصاف، والإقبال على الإرجاف والخوض في الأخبار السيئة، وكان وكان، وأخبرني فلان عن فلان وإيش الخبر وما الخبر...

لذلك لا يسعني في هذه الأيام الشريفة، والأوقات الرائقة المنيفة، إلا أن أتذكر مقولة «أبا النيزك»، عامله الله تعالى بفضله وإحسانه وجوده وكرمه وامتنانه عندما قال:

واعلم عاملك الله بلطفه، أن المطلوب منك أن تُصلح في ما أقامك الله، فمن بحث في غير مقامه وما وضع الله تحت يده، كان كمن زرع الجوز واللوز في صحراء قاحلة، فركز بالله عليك واعلم أن أعضاء مجلس الأمة بجناحيهما، ورئاسة مجلس الوزراء، بمناصبها القيادة الشاغرة، لن ينفعوك بشيء إلا بشيء قد كتبه الله لك، وأن الإصلاح يبدأ من وظيفتك وديوانيتك، وليس من أكاونتك وعدد المتابعين.

عزيزي القارئ، ربما تقول لنفسك الآن إن الكتابة عن فوائد الجوز واللوز أكثر نفعاً لنا اليوم من الكتابة عن الوضع السياسي، وهي ملاحظة قالها لي أحد القراء منذ مدة... ولأنني قررت من فترة أن أصفي ذهني من مصادر القلق غير الضرورية، وجدت أن في تعليقه فائدة كبيرة. كذلك لاحظت أنني أعجز عن إقامة علاقة طويلة مع الأصدقاء المتمترسين خلف الحكومة أو المعارضة...

لذلك، في الفترة القادمة سأكتب عن زراعة الجرجير تحت السرير.

وكل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك. وتذكّروا أن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي