No Script

مجرد رأي

حارس الصندوق

تصغير
تكبير

قبل نحو أسبوعين، قدمت الحكومة استقالتها لسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، وبعيداً عن استحقاق هذه الخطوة من عدمه خلفت هذه الاستقالة حالة من الراحة لدى بعض المواطنين واستياء لدى البعض الآخر.

وربما لا يعد سراً القول إنه من المرات القلائل التي تشعر فيها غالبية المجتمع بمختلف مكوناته بأن الوضع السياسي المحلي بات أكثر تعقيداً، وبدرجة تثير المخاوف على واقع الأجيال الحالية ومستقبل الأجيال المقبلة!

وأمام ذلك يتشكل لدى الشريحة الأكبر من المواطنين اعتقاد راسخ بأنه لن يتغير شيء في الكويت ما لم يسبقه تغيير جوهري في تركيبتي الحكومة ومجلس الأمة المقبلين وقبلهما في المواطن نفسه.

فحالة عدم الرضا عن الاداء الحكومي والنيابي بدأت تتسع، وتتعمق في الفترة الأخيرة، وسط الحرائق السياسية المشتعلة باستمرار بين جميع المسؤولين، والذين يبدو واضحاً أنهم لا يدركون أن خلفهم وطناً يرزح تحت ضغط غير معهود اقتصادياً ومالياً وسط منطقة تتزايد فيها المخاطر الجيوسياسية يوماً بعد يوم.

ومن ناحية المحاسبة لم تقدم الحكومات الأربع السابقة وكذلك النواب الموازون أي إضافة تنموية للبلاد، بل بالعكس تراجع في عهدها كل شيء اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، علاوة على انخفاض التصنيف السيادي للدولة.

وأمام هذه الوضعية تبرز سلسلة أسئلة مستحقة، لعل أبرزها لماذا فشلت الحكومات الأربع السابقة، في تحقيق الوعد بأن نكون أفضل حالاً، وبتوفير الفرص الاقتصادية، والوظيفية والتنموية؟ لماذا انتشر الصراع الحكومي ـ النيابي على نطاق واسع وبهذه الصورة المستهجنة؟ وكيف نستطيع الاستفادة من رأس المال البشري في ظل ضعف إمكانات صانع القرار الحكومي والنيابي على تحقيق التنمية المأمولة؟ وحقيقة تقليد تحميل المسؤولية للوزراء، وقبلهم رئيس الحكومة لم تعد واقعية، لا سيما بعد تنامي القناعات المجتمعية بأن مجلس الأمة شريك في تعزيز موجة التراجع التي تمر بها الكويت على مختلف الأصعدة.

فواقع الخلاف المتنامي حكومياً ـ نيابياً أثبت أنه غير صحي بالمرة، وبموضوعية أكثر أثبت أن الديموقراطية في الكويت نظرية وشكلية، فمن نافل القول إن نتائج هذه الديموقراطية غير ملموسة بأي شكل ما يفقدها شرعيتها.

وإذا كانت استقالة الحكومة نالت استحساناً شعبياً لدى البعض إلا أن الحديث حالياً عن ضرورة أن يوازي ذلك انتخاب مجلس أمة جديد قادر على صياغة مستقبل البلاد بعيداً عن أجندات سياسية تحقق مصالح خاصة.

وهنا تتعاظم مسؤولية حارس الصندوق الانتخابي وهو المواطن، الذي يتعين أن يكون أكثر إدراكاً لدوره الغائب في صناعة التغيير وأميناً في توجيه صوته للنائب الذي يستحق أن يمثله مستقبلاً.

ومن أجل ذلك يتعين أن يمتزج الناخب بالمترشح، على كامل الجغرافيا الوطنية، ليقدمه لوظيفة على أعلى المستويات الوطنية والتي تمس المصير الوطني في صميم كيانه ومسيرته النهضوية، على أن يكون النائب المحتمل قادراً على انتشال الكويت إلى آفاق الدولة المعيارية على قياس الديموقراطية الحديثة والتي تبني برجالها ولا تهدم بهم.

الخلاصة:

السير على درب تحقيق نظام ديموقراطي مؤسسي بات مسؤولية مستحقة على الجميع، لا سيما في ظل ما تمر به البلاد من منعطف تاريخي حاد، لا يمكن التعامل مع مقتضياته من مواقع المصالح الفردية أو الفئوية أو الطائفية.

إننا أمام منعطف تاريخي يتحدد فيه مصير الوطن في مجمله، إما سيراً إلى الامام أو المراوحة في المكان نفسه دون أي تقدم أو التراجع إلى ما لا تحمد عقباه، ما يجعل الخيار الأمثل لنا جميعاً هو حسم اختيار من يمثلنا بالمرحلة المقبلة، والقادر فعلاً وليس قولاً على إخراج الكويت من محطة الانتظار إلى أخرى تستحقها،عنوانها التنمية الشاملة والمستدامة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي