No Script

المَهمّات موزَّعة على الحكومة والبرلمان والبنك المركزي

لبنان يخضع لاختبارِ الالتزام بشروط صندوق النقد

البرلمان اللبناني
البرلمان اللبناني
تصغير
تكبير

- مسؤول مالي لـ «الراي»: «الشطارة» المعهودة لم تعد تنطلي على المؤسسات الدولية المُمْسِكة بآخِر فرص الإنقاذ

وَضعتْ الدولةُ اللبنانية البلادَ واقتصادها على مشارف خياريْن لا ثالث لهما إثر إشهار الاتفاق الأولي على مستوى الموظّفين مع بعثة صندوق النقد الدولي التي غادرت بيروت، بعد جولاتٍ من المباحثات المكثفة خلال أسبوعيْ عمل توسعت لتشمل القطاع الخاص، إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وجمعيات مودعين في البنوك.

ومع تحديد البعثة حزمة الشروط المكمّلة المتوجب على الحكومة والبرلمان ملاقاتها من خلال الاستجابة عبر المراسيم والقوانين، ومثلها المَهمّات المتوجّبة على البنك المركزي، أضحى التخلي عن هذا المسار بمثابة الإفصاح الرسمي عن بلوغ القطار اللبناني محطة الدولة الفاشلة بكل معانيها وإسقاطاتها، وإطلاق رصاصة الرحمة على الاقتصاد المترنّح والوضع المعيشي المُنْهَك بانهيار العملة الوطنية وبالتنامي الحاد لمستويات الفقر.

ووفق مسؤول مالي مُتابِع تواصلت معه «الراي»، فإن خبراء الصندوق، وحكماً بالتنسيق المباشر مع مديريهم في المركز، أحسنوا اختيار التوقيت الذي يكفل حشر السلطات اللبنانية في زاوية القبول بتشريع الإصلاحات الهيكلية في ميادين المالية العامة والمصارف والقطاع العام وسدّ مَنافذ الفساد، ورفعوا عن كاهلهم شطط المفاوضات والمشاورات الطويلة على مدى أكثر من عامين من المماطلة والبطء الشديد في تنفيذ رزمة إصلاحات بديهية توطئة لكبح الانهيار والإعداد لسلوك مسار التعافي.

ويقرّ المسؤول بأن «الشطارة» المعهودة لم تعد تنطلي على المؤسسات الدولية، بعدما اكتشفت عن كثب خطورة انزلاق البلاد إلى ارتطامٍ يتعذّر معه الإنقاذ أو أقله تتعاظم كلفته إلى أضعاف ما يمكن للمجتمع الدولي تقديمه للبنان. ولذا، لم يَسَعْ وفد الصندوق ختْم الجولة الأخيرة على منوال سابقاتها بترحيل التفاوض إلى جولات جديدة، افتراضيةً كانت أم مباشرة، فعرض الاتفاق الأولي المشروط، وأرفقه بجزرة التمويل الموعود المنطلق من عتبة 3 مليارات دولار عبر برنامج متوسّط الأمد لأربع سنوات، ومعه أيضاً تشريع الأبواب لتدفق المعونات والقروض الميسرة من الدول والمؤسسات المانحة.

ونوّهت مصادر مالية متابعة بإحالة رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع القانون المعجل الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كونترول) على اللجان المشتركة في البرلمان، كأول الخطوات الجدية لالتزام السلطات الدستورية المعنية بالشروط الإصلاحية الضرورية لتسريع تطوير الإتفاقية وعرضها بصياغتها النهائية على مجلس إدارة صندوق النقد.

وبالتوازي، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان الاتفاق مع الصندوق حدَث إيجابي للبنان، وسيساهم في توحيد سعر الصرف. وأعرب عن أمله، في اتصال مع «رويترز»، في تلبية الشروط المسبقة التي حدّدها الصندوق في الاتفاق على مستوى الخبراء، من أجل الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج تمويلي متوسط الأمد. علماً ان بعثة الصندوق خصّت مصرف لبنان بشرط القيام «بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحساب الجاري المصرَّح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الإقتصادي، وإستعادة الصدقية والجدوى الخارجية، وسيتم دعمه من خلال تنفيذ ضوابط رسمية على رأس المال».

وتشمل لائحة الشروط المسبقة التي أودعتها بعثة الصندوق، موافقة مجلس الوزراء على إستراتيجية إعادة هيكلة البنوك التي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة. وموافقة البرلمان على تشريع قرار مصرفي طارئ مناسب وضروري لتنفيذ إستراتيجية إعادة هيكلة المصارف وبدء عملية إعادة القطاع المالي إلى حالته الصحية، وهو أمر أساسي لدعم النموـ والشروع في تقويم مصرف تلو الآخر بمساعدة خارجية لأكبر 14 مصرفاً من خلال توقيع الشروط المرجعية مع شركة دولية مرموقة.

ورحّبت جمعية مصارف لبنان بتوقيع الاتفاق المبدئي مع الصندوق، بوصفه «المخرج الوحيد الحيوي للأزمة الحالية غير المسبوقة، ويشكّل ضرورة لاستعادة الثقة ووضع حدّ للنزف الذي ما زال يطال الاحتياطيات المالية المتبقية». كما شددت على أهمية الإسراع في إقرار كافة التشريعات والإصلاحات اللازمة لتفعيل تطبيق برنامج كامل للصندوق، بما في ذلك قانون «الكابيتال كونترول» الذي طال انتظاره، وإستراتيجية اقتصادية شاملة وإدارة مستدامة للدين، بالإضافة إلى إصلاحات الحوكمة.

ولفتت الجمعية في بيانٍ عمَّمَتْه، إلى أنها ورغم عدم حصولها على تفاصيل الخطة المالية لإعادة الهيكلة وتوزيع الخسائر على كافة القطاعات المعنية، إلا أنها تُبْقي أبوابَ القطاع المصرفي مفتوحةً أمام أي حلّ للخروج من هذه الأزمة. وهي تتوقع أن تشمل الخطة توزيعاً عادلاً للخسائر على الحكومة ومصرف لبنان، نظراً لتراتبية المسؤوليات وبهدف تعزيز عملية استعادة المودعين لودائعهم. كذلك نوهت بأن «العمل الجدي بدأ اليوم والعبرة تكمن في إمكان تطبيق كافة الإصلاحات الطموحة المحدّدة في الاتفاقية والتي ترقى إلى درجة عالية من الأهمية. علماً أن القطاع المصرفي من جهته يبقى على أتم الاستعداد لدعم الحكومة للوصول إلى حل عادل يضمن مستقبلاً مزدهراً للبنان».

كذلك تتضمن حزمة الشروط، موافقة مجلس الوزراء على إستراتيجية متوسطة المدى لإعادة هيكلة المالية العامة والدين، وهو أمر ضروري لاستعادة القدرة على تحمل الديون، والتزام الصدقية في السياسات الاقتصادية، وتأمين حيز مالي للإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار الإضافي. أيضاً موافقة مجلس النواب على موازنة 2022، للبدء في استعادة المساءلة المالية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي