No Script

مجرد رأي

عود كبريت يحرق البلد

تصغير
تكبير

بعد عامين من انتشار فيروس كوفيدــ19 كان يتوق فيهما الجميع للعودة إلى «الحياة الطبيعية»، لا سيما بعد أن هدأت تداعيات الجائحة صحياً كثيراً، وجميع الدول عادت إلى السابق بكامل أنشطتها، بات واضحاً الآن أن هذا التفاؤل غير ممكن في الكويت حالياً، حيث الحرائق تشتعل في كل مكان.

من نيران سوق السلاح التي شعر الجميع بلهيبه، سواء المستثمر في السوق أو المتبضع، إلى الصداع السياسي الحاد الذي يواجهه رئيس الحكومة حالياً.

فبعد تسجيل النواب الذين قرروا عدم التعاون مع سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد رقماً صعباً، ببلوغه 26 صوتاً، يؤشر الوضع بأن التعرض لطريق مسدود ليس أقله استقالة الحكومة هو أقرب الاحتمالات، ومن هنا يصح القول إن الكويت تحترق تجارياً وسياسياً.

ووسط هذا الواقع لن يكون منطقياً جعل التنمية قريبة، فهذا الأمر بات غير مُمكن وسط كل هذا الدخان المتصاعد، والذي يمكن للجميع الشعور به، مهما كان موقعه الجغرافي، فالكل بات يشعر بالاختناق، لماذا؟ لأنه وببساطة يجد المواطن نفسه أنه لم يعد أولوية وغير مدرج في أي خطة، وذلك رغم تصاعد التحديات العميقة التي يواجهها مالياً وتعليمياً واجتماعياً.

كما لا يمكن إغفال خطورة الأوضاع الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة والعالم أجمع، وفي الكويت الطبقة المعنية سواء الحكومة أو مجلس الأمة منشغلة بكل شيء باستثناء الإجابة عن السؤال المستحق، كيف نصنع حياة كريمة مستدامة للمواطنين؟

استطاع مجلس الأمة تفعيل دور الرقابة والمساءلة السياسية لكن هذا وحده لا يكفي لإنقاذ البلد من التحديات التي تواجهه، وعلى المجلس دور كبير للاستقرار على أرض مشتركة بينه وبين الحكومة وصنع أبواب مشتركة تمر من خلالها قوانين انقاذ مستقبل البلد.

لا أحد ينكر قلقنا الحالي من الوضع السياسي المعقد محلياً، لكن لا ينبغى ألا يعمينا ذلك عن التهديدات الأخرى التي تفرضها التغيرات الاقتصادية والسياسية التي طرأت منذ سنوات على المواطن، والتي تتطلب وجود طبقة سياسية قادرة فعلاً على صناعة قرار يسهم في انتشال المواطن الذي يستحق حياة أفضل إلى مسايرة النقلة التي يمر بها العديد من الدول وفي مقدمتها دول الجوار.

الخلاصة:

رغم حدة المشكلات السياسية، التي تواجهها الكويت إلا أنها ليست على الإطلاق التهديدات الوحيدة للاستقرار في الكويت، حتى يمكن القول إن ما نشهده حالياً من عراك سياسي يشكل رفاهية فكرية وسط التعقيدات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الدولة.

فمن الواضح أن المشكلات التي يواجهها الاقتصاد، وعجز الموازنة التاريخي، وتهديد تصنيف الدولة السيادي وتباطؤ الانفاق الاستثماري وبناء المؤسسات، والخلافات الإقليمية لا تستحوذ على أهمية كبرى كما هو الحال بالنسبة إلى زيادة تصدع العلاقة الحكومية ـ النيابية رغم أنها مهمة بالدرجة نفسها.

وهنا من حق كل مواطن بغض النظر عن موقعه في الدولة، أن يقلق كثيراً وهو يرى الحرائق تشتعل في كل مكان بالكويت، والمواطن لوحده من سيدفع فاتورة تنظيف المخلفات بينما ينظر كل مجلس للآخر بأنه عود الكبريت الذي يحرق كل شيء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي