No Script

قيم ومبادئ

... هل فيه أملٌ؟

تصغير
تكبير

في الحكومات النيابية يختلف تمثيل الشعب حسب اختلاف قانون الانتخاب، فقد ينتهي الانتخاب عن طريقة من طرقه الكثيرة إلى تمثيل طبقة واحدة من دون طبقات المجتمع، مثلما حصل أخيراً في انتخابات غرفة التجارة، أو ينتهي الانتخاب إلى تمثيل جميع العناصر على نسبة متوازنة يشعر كل عنصر فيها أنه مشارك في تكوين الحكومة مع القدرة السلمية على تبديلها بالوسائل الدستورية.

وعلى الرغم من كثرة التجارب التي مرت بها الحياة النيابية خلال ستين عاماً مضت لم تثبت التجربة أن حصر الأصوات أو تضييق حقوق الانتخاب أفضل لتسيير الأمور ومراقبة الحكومة من التوسع بالتصويت - صوتين مثلاً-... بل ثبت نقيض ذلك بأن أصبح المال السياسي - دُولةً بين الأغنياء منكم - سواء في خارج أو داخل المجلس كما شاع الإكراه و- الباركود - وعامة الوسائل الشائنه مثل الجلوس على كراسي الوزراء واستعمال - ميكروفون الحراج - للتوجيه داخل قاعة عبدالله السالم؟!

ولعل لهذا المسلك نظير تاريخي... ففي إنكلترا قبل قانون سنة 1832 كان الانتخاب أشبه بسوق علنية لشراء الأصوات - مزاد - لمساومة الناخبين ومازالت هذه الآفة متفشية فيهم إلى سنة 1885 ثم توسّعت شيئاً فشيئاً بمشاركة الناس حتى أنذر بعض المحافظين المتخوفين من تفاقم الحركة الشعبية وتقييد التاج الملكي ومجلس النبلاء، والسبب الأكبر من هذا التخوف هو حل المجلس ومواجهة الحرب الانتخابية، وخسارة الامتيازات والمرتبات للنواب!

وسواء كان هذا السبب في تخوف حزب المحافظين أو أن هناك أسباباً أخرى تقولها - المعارضة - فينبغي لنا جميعاً أن نتذكر أن الديموقراطية - إن كان لها مزية - فهي لا تعدو عن إيجاد موازنة بين المصالح المتباينة لتوزيع الكعكة!

وليست الديموقراطية معنية بتطهير القلوب البشرية من التفكير في مصالحها أو حتى إنشاء نواب لسياسة الأمم زهّاداً وقدّيسين!

وليس بالأمر المستهجن وليس بقبيح من جهة الصالح العام - ألا يكون إسقاط رئيس الوزراء- سهلاً هيّناً بحيث يندفع بهذا الاتجاه النواب مع أول خاطر يخطر على البال!

وهناك في الجانب الآخر الرقابة الشعبية على النائب وضمان الرأي العام والخوف على المستقبل السياسي والسمعة السياسية تحول بين النائب وبين التمادي في مجاراة الوزارة إلى حد الإفراط في الصالح الخاص والتفريط في الصالح العام كما حصل إبان مجلس 2013 وما بعده.

هذا جانب، ومن جانب آخر نجد القوميين العرب والناصريين والاشتراكيين المتطرفين يهزأون بالحكومات النيابية ويقولون عنها: إنها حكومة طبقات أو حكومة ماليين، لأن أصوات الناخبين لا تقاوم النفوذ الذي يناله الماليون بالتواطؤ مع النخب السياسية مع توظيف الصحف والصحافيين ومواقع التواصل لخدمة أغراضهم، فكيف يمكن أن يدار البلد إذا أصبح الألوف من العمال والفقراء - وهم يطالبون بالموت في الدفاع عن الوطن - لا أصوات لهم في الانتخابات، ولا رأي لهم على الإطلاق إلى جانب آراء التجار والملاك وذوي النفوذ؟ ومن المغالطة تلك المزاعم التي تقول إن الديموقراطية تسوّي بين العالِم والجاهل والغني والفقير لأنها تعطي كلاً منهم صوتاً واحداً في الانتخاب ولكنها لا تسوّي بين رجل له نفوذ شعبي ورجل لا نفوذ له على غير نفسه أو لعله لا يملك النفوذ حتى على نفسه إلا لينقاد به لسلطان الآخرين؟ وأما إذا تجرّد العالِم أو التاجر من النفوذ الشعبي فذلك - على الأعم الأرجح - دليل على أنه لا يصلح للأعمال الشعبية وأن مجال صلاحه وإنتاجه من ناحية أخرى بعيد عن أصوات الناخبين.

والحقيقة التي لا يمكن القفز عليها إن - باستور المجلس - لم يمنعه أن يكون باستوراً وأن يملأ الأرض بعلمه، أنه جاء من مجلس - أبو صوت - فإذا فرضنا أن شهرته وصلاحه وكثرة تجارته لم توله كلمة مسموعة في سياسة قومه وأنه لم يتسع له الوقت لقيادة الجماهير فلا خسارة عليه ولا خسارة على الجماهير في التفريق بين كفاءته الشعبية وكفاءته التجارية في دائرة - البزنس -!

والبرلمان الذي انتخبه الملكيون في فرنسا بعد هزيمة نابليون لم يفلح في شيء قط حتى في خدمة الملكية التي انتخبته!

والحكم النيابي الايرلندي رغم ثرواته الذي تقرّر إلغاؤه سنة 1801م لم يفلح في اختلاس ثقة الشعب، فثار الشعب وطلب الانفصال عن بريطانيا؟

الخلاصة،

الديموقراطية لا تأتي من الخارج ولابد من إعادة غربلتها وإنتاجها وفق دين الدولة الإسلام... فهي في الإسلام إما أن تكون ثقة شعبية أو لا تكون شيئاً لأنها حين تزيّف أو تُحصر أو تنحرف عن الجادة فلن يطول عليها تعويل الشعب ولا تعويل المستبدين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي