No Script

رسالتي

العنصرية... وسنغافورة أفريقيا!

تصغير
تكبير

العنصرية من أخطر الآفات التي تُمزق المجتمع وتُضعف كيانه، عندما تعتقد فئة من المجتمع أنها الأعلى والأفضل، وأنها الأصل والبقية فروع، وهي الجوهر والبقية قشور، فهنا يكون مكمن الخطر.

لقد حارب الرسول عليه الصلاة والسلام جميع أنواع العنصرية، واعتبر الأفضلية والسبق لمن اتقى وصدق (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى).

وعندما أساء أحد الصحابة لآخر فعيّره بأمه السوداء، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (إنك امرؤٌ فيك جاهلية).

لا يمكن لأي مجتمع أن يثبت في مواجهة الصعاب، وينطلق نحو التقدم والازدهار إلا إذا بنى أساساته على قواعد قوية متينة، ومن أهمها العدل والمساواة ونبذ العنصرية.

عاشت (رواندا) صراعات وحروباً داخلية لعشرات السنين بين عرقيتي (الهوتو) و(التوتسي) وقتل منهم مئات الآلاف خلال عقود، بسبب العصبية القبلية، والنزعة العرقية.

واستمروا على تلك الحال إلى أن تولى الحكم الرئيس بول كاغامي، والذي عمل على نزع فتيل شرارة الصراعات، فأصدر قانوناً يمنع الحديث عن العرقية، وألغى كتابة نوع العرق في الهوية الشخصية، وشكّل محاكم تنتخب المجتمعات المحلية قضاتها، وأجرى مصالحة وطنية دعا فيها إلى التسامح وقبول الصلح، وحث على قبول التعويضات بدلاً من المطالبة بالدماء.

فسادت روح التسامح في المجتمع، بعد أن تعبوا جميعاً من رؤية الدماء.

عمل على تحقيق العدالة والمساواة فرفض أن يمنح أحداً بسبب انتمائه العرقي أو القبلي امتيازاً خاصاً.

سعى إلى محاربة الفساد وإجراء إصلاحات كبيرة في البلاد، فمنع الرشاوى، ورفع مستوى الخدمات الصحية، واهتم بالتعليم المتميز، وأصبح أبناء الأغنياء والفقراء يشتركون في فصل واحد، وأصلح الطُرُق، وسهّل تأسيس الشركات، لتصبح (رواندا) واحدة من أهم عشر دول أفريقية جاذبة للاستثمارات الأجنبية، حتى أصبح يُطلق عليها الآن بـ(سنغافورة أفريقيا).

الكويت هي أم الجميع، ساهم في تأسيسها وبنائها جميع أطياف المجتمع بدرجات متفاوتة، ليس لأحد في ذلك فضل على أحد، ولا يحق لأحد أن يحتكر صكوك الوطنية على فئته أو عائلته أو قبيلته أو طائفته.

لذلك لننبذ جميع أشكال العنصرية، إذا كنا صادقين في محبة الكويت، وليكن لنا فيما جرى ويجري في المجتمعات الأخرى عظة وعبرة.

Twitter: @abdulaziz2002

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي