ألوان
عاملة المنزل المثالية
نستقبل بعد أيام قليلة شهر رمضان المبارك لعام 2022م، سائلاً المولى أن تتحسن ظروف الأمتين العربية والإسلامية، كما أدعوه عز وجل أن يساعد أهل الكويت بمكافحة الفسادين المالي والإداري وفق القانون، وبالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تحت مظلة القضاء العادل.
ومن بين الظواهر التي تزداد في شهر رمضان المبارك كثرة المسلسلات، وازدياد معدل شراء المواد الغذائية بصورة تفوق الخيال، في الوقت الذي يفترض أن نشتري كمية أقل من بقية شهور السنة، إلا أن ذلك لا يحدث بل ويتكرر في كل عام، بل إن بعض الأبناء باتوا يطلبون وجبة الفطور من المطاعم، والتي عادة تكون من بين الوجبات السريعة.
إن اجتماع الأسرة في شهر رمضان المبارك على وجبة الفطور واتباع السنة بتناول بضع تمرات إنما هي أمر إيجابي من شأنه أن يعمل على توطيد العلاقة بين أفراد العائلة الواحدة بوجود الأبناء والأحفاد.
وتبرز أهمية كبرى لعاملات المنازل اللاتي يعملن في بيوتنا، حيث إنهن يعملن خلال شهر رمضان المبارك إلى ساعات متقدمة من الليل، الأمر الذي يشكل إنهاكاً متواصلاً لهن، لذا يرجى مراعاتهن، وإن كان هناك من يقول إننا بحاجة ماسة إليهن لتجهيز وجبة السحور فأقول لا بأس شرط منحهن فترة راحة لساعات عدة بعد الفطور، مع منحهن زيادة في الراتب تكريماً لهن، عندها تتحقق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى أنهن يشعرن بروح الإسلام وبسماحة شهر رمضان المبارك، وكذلك أصالة المجتمع الكويتي، حيث إنهن عندما يرجعن لبلادهن بعد سنوات سيتذكرن الأمور الإيجابية عن المجتمع الكويتي، ولا يتذكرن الأمور السلبية خاصة أن هناك اتهامات للكويت بسوء معاملة الخدم والمسألة نسبية.
إنني هنا أوجه التحية لكل عاملة منزل في الكويت، والتي تركت زوجها وأبناءها ووطنها وأهلها لسنوات عدة من أجل توفير لقمة العيش الكريمة لأفراد أسرتها، خاصة أن العملة الكويتية قوية وبالتالي فإن فكرة العمل فى الكويت ما زالت حاضرة لدى الكثير من الدول التي نجلب منها العمال.
إن كل عاملة منزل مخلصة في الكويت، إنما هي العاملة المثالية، كونها تقوم بأعمال التنظيف والطهي والترتيب وغسيل الملابس ورعاية الأطفال بوجود وبغياب الأم التي لا تحتمل حمل طفلها ثواني معدودات، بينما تتحمل العاملة المثالية الأطفال وتعاملهم كأنهم أبناؤها.
إن العاملة المثالية باتت عملة نادرة في المجتمع الكويتي، وقد تتلقى إغراءات مادية من قبل أسر أخرى لتعمل عندها، إلا أنها ترفض ترك الأسرة التي تعيش معها وكأنها فرد من أفراد العائلة.
إن العاملة المثالية هي إنسانة مثالية، وهي في بلدها دون النظر في ديانتها أو لغتها أو تعليمها أو ثقافتها، ولا علاقة لوضعها المادي بالأمر، وهي عندما حضرت إنما تنجح بسرعة بالتأقلم مع محيطها الصغير... الأسرة التي تعمل لديها، وبمحيطها الكبير المجتمع الكويتي، بل إنها تبدأ بتعلم بعض مفردات اللهجة الكويتية وبعض الأكلات الشعبية، إضافة إلى التعرف على سماحة الدين الإسلامي بالتعامل مع الآخر، وهناك جمعيات عدة لها دور كبير في التواصل مع العاملين في الكويت من الجنسين، مثل لجنة التعريف بالاسلام... وتلك اللجنة للذكر وليس للحصر.
وعلينا ألا ننسى المشرع الكويتي عبر مؤسسات الدولة، متمثلاً بالتعاون بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية في سن وتشريع قوانين من شأنها أن تعمل على حماية حقوق العاملين في الكويت بشكل عام.
إن العاملة المثالية تستحق منا كل خير، لأنه عندما نحسن التعامل معها إنما نحتفظ بقيمة إنسانية راقية مصدرها ديننا وعاداتنا الأصيلة التي لم تتغير، خاصة أن جنسيات العمال كثيرة ومتعددة في الكويت على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن.
إن العاملة المثالية تترك أثراً طيباً لدى أفراد الأسرة، وأذكر أنني أعرف موظفة كويتية أعادت عاملة منزلها وهي صغيرة إلى بلدها، وما زالت تلك الموظفة تتواصل معها وترسل لها المساعدة المالية عرفاناً للدور الذي قامت به طوال سنوات عملها لديها.
ولعل البعض يذكر بعض الجرائم والأخطاء التي قام بها بعض العمال بحق الأسر التي يعملون لديها، مع إيذاء شديد لبعض أفراد تلك الأسر وصل إلى القتل عمداً، ولكن رغم الألم إلا أننا لا نستطيع أن نلجأ إلى التعميم فكل شخص مسؤول عن تصرفاته مثل أفراد المجتمع الكويتي كل مسؤول أمام القانون.
إن العاملة المثالية عنصر إيجابي في المجتمع الكويتي، وبالتالي علينا أن نستثمر وجودها في الأسرة الكويتية كي تعود إلى بلدها وهي تروي المثير من الأمور الإيجابية عن المجتمع الكويتي، وتلك قوة ناعمة تعكس إنسانية المجتمع الكويتي دون رتوش، فهي حقيقة رغم وجود بعض النماذج السيئة من قبل بعض العمال وبعض الأسر التي تسيء معاملتهم.
إن المواطن الكويتي يدعو الله باستمرار في الكثير من الأمور، ومنها الدعاء بالحصول على عاملة منزل مثالية خاصة أن تكلفة الحصول عليها بات مكلفاً بصورة كبيرة... وعلى المحبة نلتقي.
