محمد حبيب المحميد / أفكار توافقية / هكذا فلتكن


...وأنا في غمرة انشغالاتي وصلتني مكالمة من رقم غير مسجل بالهاتف، رفعت الهاتف وإذا بي أُفاجأ باتصال من راعي كاتدرائية مارمرقس سيادة القمص بيجول الأنبا بيشوي مهنئاً بعيد الأضحى المبارك، فكانت الكلمات تزدحم من فمي لشكره إلا أنني لم أوفه حقه في هذه الالتفاتة الكريمة، فلم أكن مستعداً لمثل هذه المكالمة التي لا يمكن أن أقول إنها غير متوقعه من سيادته، فهو الذي عرف عنه تواصله المجتمعي وإيمانه بالحوار الحضاري بين الأديان.
هذه المكالمة تركت في نفسي الكثير، فقبل أن أتسلمها بأيام وصلتي رسالة مكتوبة من الجهة نفسها (الكنيسة المصرية) تهنئ بالعيد المبارك، فكان لزاماً عليّ أن أسطر هذه السطور لأعرض للمجتمع أحد أمثلة التسامح الإنساني التي تجلت في هذه المبادرات من سيادة القمص، والتي لابد أن تُقابل من الطرف الآخر بمثلها، بل وأحسن منها، فقد ربانا نبينا الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن نرد التحية بمثلها، بل وأفضل منها.
ومما يؤسف له أن تخرج دعوات بتحريم ذلك التواصل بين الإخوة في حين أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول في تقسيمه للناس في رسالته إلى مالك الأشتر: «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». فلابد من النظر إلى الإنسان كمخلوق لله جل جلاله بغض النظر عن معتقداته التي وإن لم تكن معتقداً بها لابد أن تتعامل معها بمنطق «وإنك لعلى خلق عظيم» من خلال التفريق بين المشتركات والاختلافات. أما المشتركات فهي أساس العمل التكاملي الإنساني، وأما الاختلافات فهي في موضعها العلمي لا أن تُتداول بين العوام فتتحول إلى ضغينة وبغضاء لا تخدم أي طرف من الأطراف.
وفي هذا المقام لابد أن أبدي أعجابي الشديد لذلك الصرح الذي شيد منذ فترة وجيزة، إذ إن صداه تجاوز مكانه، وأعني بذلك مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية، والذي انبثق من الفعالية الراقية التي جمعت علماء المسلمين والمسيحيين، وأعني بها ملتقى تكامل الحضارات، وانبثاق هذا المجلس أبلغ رداً على من ينظر لتلك المؤتمرات والملتقيات على أنها بروتكولات ومجاملات، إذ ترجم ما أراده المحاضرون إلى عمل ميداني مشترك.
ختاماً بارك الله فيك يا سيادة القمص، وبارك الله في كل من أشاع ثقافة التسامح والتكامل الإنساني، وبارك الله في القائمين على مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية، والذي يعد أبلغ رداً على منظري صدام الحضارات وحتميته، وليس ذلك غريباً على الكويت وأهلها، شعب التسامح الذي عجن في طينتهم منذ بيوت الطين، وهكذا فلتكن العلاقات الإنسانية.
محمد حبيب المحميد
[email protected]
هذه المكالمة تركت في نفسي الكثير، فقبل أن أتسلمها بأيام وصلتي رسالة مكتوبة من الجهة نفسها (الكنيسة المصرية) تهنئ بالعيد المبارك، فكان لزاماً عليّ أن أسطر هذه السطور لأعرض للمجتمع أحد أمثلة التسامح الإنساني التي تجلت في هذه المبادرات من سيادة القمص، والتي لابد أن تُقابل من الطرف الآخر بمثلها، بل وأحسن منها، فقد ربانا نبينا الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن نرد التحية بمثلها، بل وأفضل منها.
ومما يؤسف له أن تخرج دعوات بتحريم ذلك التواصل بين الإخوة في حين أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول في تقسيمه للناس في رسالته إلى مالك الأشتر: «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». فلابد من النظر إلى الإنسان كمخلوق لله جل جلاله بغض النظر عن معتقداته التي وإن لم تكن معتقداً بها لابد أن تتعامل معها بمنطق «وإنك لعلى خلق عظيم» من خلال التفريق بين المشتركات والاختلافات. أما المشتركات فهي أساس العمل التكاملي الإنساني، وأما الاختلافات فهي في موضعها العلمي لا أن تُتداول بين العوام فتتحول إلى ضغينة وبغضاء لا تخدم أي طرف من الأطراف.
وفي هذا المقام لابد أن أبدي أعجابي الشديد لذلك الصرح الذي شيد منذ فترة وجيزة، إذ إن صداه تجاوز مكانه، وأعني بذلك مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية، والذي انبثق من الفعالية الراقية التي جمعت علماء المسلمين والمسيحيين، وأعني بها ملتقى تكامل الحضارات، وانبثاق هذا المجلس أبلغ رداً على من ينظر لتلك المؤتمرات والملتقيات على أنها بروتكولات ومجاملات، إذ ترجم ما أراده المحاضرون إلى عمل ميداني مشترك.
ختاماً بارك الله فيك يا سيادة القمص، وبارك الله في كل من أشاع ثقافة التسامح والتكامل الإنساني، وبارك الله في القائمين على مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية، والذي يعد أبلغ رداً على منظري صدام الحضارات وحتميته، وليس ذلك غريباً على الكويت وأهلها، شعب التسامح الذي عجن في طينتهم منذ بيوت الطين، وهكذا فلتكن العلاقات الإنسانية.
محمد حبيب المحميد
[email protected]