No Script

مجرد رأي

أزمة مواطن

تصغير
تكبير

ألقت كلمات سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في حفل تدشين الكويت رسمياً التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي، بحجر ثقيل، في مياه الثروة البشرية للدولة من مواطنيها، وفي مقدمتها القطاع النفطي.

كلام سموه للرئيس التنفيذي لشركة البترول الوطنية الكويتية وليد البدر، حمل في مضمونه الكثير من الرسائل الإرشادية لجميع القياديين «هذه ديرتكم، علموا أولادكم الخبرة، وعلموا اللي بعدكم».

عملياً جاء كلام سمو الشيخ مشعل، متكاملاً، بتأكيده أن الثروة البشرية تستحق أن نوليها مزيداً من الاهتمام تدريباً وتوجيهاً، لا سيما أن هذه الثروة أثبتت فضلها في التحول الاقتصادي من الفقر إلى الثراء في دول فقيرة بالموارد، مثل اليابان وتايوان، فكيف إذا كان الأمر في دولة غنية مالياً وبشرياً مثل الكويت؟

اليوم ونحن نعاصر زمن «رؤية الكويت 2035» ومسيرة التحول الاقتصادي إلى اقتصاد أكثر تنوعاً يتعين أن تكون فيه الثروة البشرية حجر الزاوية.

ولإنجاح هذا المستهدف الإستراتيجي لأي دولة ينبغي أن تكون ثروتها البشرية نوعية وليست كمية، مبنية على كفاءة إنتاجية ومهارات، تتطلب تطويرها بما يتناسب مع المتغيرات التي طرأت على مستوى بيئة الأعمال، التي يمكن أن تستوعبهم في بيئية معنية بصحة المجتمع وظيفياً.

ولا يعد سراً أن تطوير المواطن تشغيلياً، يعد أقصر الطرق بل وأفضلها في تعديل التركيبة السكانية، التي تدور الحكومات المتعاقبة حولها منذ سنوات طويلة، من دون أن تعي أن المفتاح السري لإذابتها بطريقة ممنهجة، وعلى أيدي الدولة التي يتوجب عليها تجهيز المواطن وتدريبه بطريقة صحية تضمن عدم اختلال الأعمال مستقبلاً.

في جميع الجهات الحكومية، هناك قناعة مفادها بأن سياسة الحكومات المتعاقبة صعبت توطين المواطنين وظيفياً، بل لا يرى البعض حرجاً في التأكيد بأن السلوك الحكومي غير المبني على رؤية واضحة، أدى إلى قتل المواطن وظيفياً بعد توسيعها فجوة البطالة المقنعة.

فالمهم في الدول التي تستهدف التنمية، ليس القضاء فقط على البطالة بل تحسين الموجودات الوظيفية، ومخرجات التعليم، بما يعزز حضور المواطن ويجعله مرحباً به في القطاعين العام والخاص.

وهذا يتطلب أن يكون توظيف المواطن مغرياً لدى جميع الجهات وليس من باب المسؤولية الاجتماعية فقط. وبالطبع لا بد أن يسبق ذلك إعداد العدة للمستقبل بخلق جيل متمرس قادر فعليا على القيادة الحقيقية برؤية تنفيذية تشمل مختلف المستويات الوظيفية.

فرأس المال المادي والموارد الطبيعية رغم أهميتهما وضرورتهما إلا أنهما من دون العنصر البشري الكفء والمدرب والمعد إعداداً جيداً لن يكون لها قيمة، وذلك لأن البشر هم القادرون على استخدام هذه الموارد وتسخيرها.

الخلاصة: أثبتت التجربة أن الموارد البشرية من المقاييس الأساسية التى تقاس بها ثروة الأمم، باعتبار أن هذه الموارد على رأس المكونات الرأسمالية والأصول المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعى للدول، حيث أصبح العنصر البشري ودرجة كفاءته هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم، وهذا ما يحتاج من الحكومة أن تعي أهمية التوسع في استثمار رأس المال البشري، لأنه باختصار وبعيداً عن هذا التوجه، سنخسر ثرواتنا المالية والبشرية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي