No Script

المضاربات ضد الليرة تتسلّل عبر نافذة إضراب المصارف

هل يكفل تعويم «الكابيتال كونترول» كبح التدهور المستجد في لبنان؟

المضاربات ضد الليرة تتسلّل عبر نافذة إضراب المصارف
المضاربات ضد الليرة تتسلّل عبر نافذة إضراب المصارف
تصغير
تكبير

اختلطت «الأسلاك الشائكة» للأزمات اللبنانية المتفجّرة بصورة مثيرة في أبعادها القضائية والمصرفية والمعيشية، لتلامس حدود التفلت من كل الضوابط التي تجهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لتحصينها على أبواب دخول البلاد في استحقاق الانتخابات النيابية المقررة منتصف شهر مايو المقبل.

وبدت الملفات الساخنة قضائياً ومصرفياً ونقدياً ومعيشياً، عصيةً على الاحتواء في ظل ما تفرزه من ارتفاعاتٍ حادة في منسوب الهواجس والقلق من بلوغ مرحلة فوضى عارمة تطيح بما تبقى من رمق الصمود الهش الذي يشمل مجمل فئات المقيمين، مع تسجيل عوامل مَخاطر مستجدة تشي بتفشي العجز التام لكافة مستويات مداخيل الأُّسر التي تقل عن 10 ملايين ليرة شهرياً.

ومع شروع البنوك بالإقفال التحذيري لمدة يومين (اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء) رداً على ما اعتبرتْه «تَعَسُّفاً» يطالها من السلطات السياسية والقضائية والنقدية، مضت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون في إصدار قرارات اتهام وملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا، وبقي التوتر سائداً في صفوف المصرفيين جراء قرارات سابقة بمنع 6 رؤساء كبريات البنوك من السفر وإلقاء الحجوزات الاحتياطية على أصول وممتلكات تعود لهم ولأعضاء في مجالس إدارات البنوك المستهدفة بتهم «اثراء غير مشروع».

وأنتجت هذه المعطيات، بالتكافل، ومعزَّزة بتوقُّف منصة «صيرفة» بسبب الاضراب المصرفي، استعادةً ظرفية لحمى المضاربات على العملة الوطنية، ليحاكي الدولار مجدداً عتبة 25 ألف ليرة، وسط إرباكات واسعة صاحبت المبادلات النقدية في الأسواق الموازية بعد اضطرار شركات المحروقات وكبار التجار الى اللجوء اليها لتكوين أرصدة بالعملات الصعبة، بهدف التحوّط لتقلُّص أيام العمل المالي إلى يومين فقط هذا الأسبوع جراء الإضراب المعلن ومصادفة عطلة رسمية يوم الجمعة.

وبما هو أشبه بمحاولة «فرملة» التدهور المستجد على الجبهات المشتعلة، فتح لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع أركان الهيئات الاقتصادية، كوّة واعدة نسبياً في الجدار السميك لتفاقم الأزمات، بعدما سبقه نائبه سعادة الشامي «مبشّراً» بمعاودة وضع مشروع قانون تقييد التحويلات والرساميل «كابيتال كونترول» على مسار الاقرار من مجلس النواب متضمناً الملاحظات والتصويبات المطلوبة من صندوق النقد الدولي.

وبالفعل، أبدت مصادر مالية معنية ومواكبة ارتياحها الى مضمون البيان الذي أصدره مكتب نائب رئيس الحكومة والذي أكد فيه أن الاجتماعات التي تم عقدها (عن بُعد) مع فريق صندوق النقد الدولي تركّزت على مشروع قانون «الكابيتال كونترول» وملاحظات الصندوق عليه، وذلك بعدما طلب أعضاء مجلس النواب أن يتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق على هذا القانون قبل عرضه على مجلس النواب.

وتستمرّ هذه الاجتماعات، وفق الشامي، خلال الأسبوع الحالي تحضيراً لزيارة بعثة الصندوق الى بيروت الأسبوع المقبل لاستكمال المفاوضات، مع الإشارة الى تضمين جدول الأعمال موضوع السرية المصرفية وضرورة تعديل بعض المواد في القانون الحالي بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل عام.

كما تهدف زيارة البعثة الى «استكمال البحث في موضوع القطاع المصرفي بهدف حماية المودعين قدر الإمكان ولا سيما الصغار منهم ومعاودة تفعيل دور القطاع المصرفي بشكل يخدم الاقتصاد من خلال تمويل القطاع الخاص وذلك لتحفيز النمو وإيجاد فرص عمل».

وبحسب التسريبات، فإن الخطة الحكومية تشي بعمليات اقتطاع على الودائع التي تتعدى 150 ألف دولار وعلى حواصل فوائد سابقة مدرجة في حسابات المودعين وتحويل شرائح من المدخرات الى مساهمات رأسمالية في البنك، فيما يجري سداد كامل الودائع الصغيرة على مدى 15 سنة مقبلة، أي ما يتماهى مع التعميم رقم 161 السارية مفاعيله بدءاً من أول السنة الحالية والذي يتيح للمستفيدين الحصول على 800 دولار شهرياً موزَّعة مناصفة بالدولار النقدي والتصريف بالليرة بسعر 12 الف ليرة لكل دولار.

وبالتوازي، بدا لافتاً الافصاح الحكومي عن أن البحث مع فريق الصندوق تناول «مساهمة الجميع في تحمّل المسؤولية للتعامل مع خسائر القطاع المصرفي، مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحل هذه الأزمة. ولهذه الغاية تم الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي».

ويرتقب ان تتلقف جمعية المصارف بإيجابية تامة هذه التوجهات، بعدما اكتشفت أن ما يجري من تأخير ومن نزاع مع جهات قضائية محددة، سيضعها منفردة في صِدام مباشر مع مودعيها وأصحاب الحقوق لديها، في وقت تؤكد فيه «انها تحاول قدر المستطاع تجنب نتائج السياسات المالية بعدما أدّت هذه السياسات الى هذا التدهور، وفي وقت يمتنع مدينو المصارف والدولة اللبنانية ومصرف لبنان عن تسديد موجباتهم وتحمّل مسؤولياتهم تجاه المصارف والمودعين».

وفي السياق، برزت مخاطبة رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير لرئيس الحكومة بأن الأزمة مع المصارف تهدد مصير قطاع إقتصادي حيوي يشكل حاجة أساسية في عمليات التسليف والإقراض وتوفير التمويل اللازم للتوسع والنمو، فضلاً عن الإطاحة بأموال المودعين.

وأكد «أمامنا تحديات كثيرة، وهناك ملفات أساساية مطروحة الآن لعل أبرزها مشروع الموازنة وخطة التعافي والتفاوض مع صندوق النقد، وكلنا أمل أن تكون المقاربة شاملة ومتوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح المجتمع والدولة وتحفيز القطاع الخاص. وتبقى إعادة لبنان الى حضنه العربي والعلاقات مع الدول الخليجية الشقيقة الركيزة الأساسية لتغيير المسار والعودة الى طريق التعافي والنهوض».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي