سافر إلى ذاتك
من يصدقك؟
لما يبدأ الإنسان حياته يبدأ بالبكاء، فتبدأ أمه أو مسؤول الرعاية بالاستجابة له وإرضاعه، وتصديق حاجته للجوع، وعندما نكون أطفالاً ونقول أحبك، كل اللي حولنا يصدقونا ويردون واحنا بعد، ولكن لما نكبر شوي ونصير مراهقين تتغير الأمور، ليس بشكل بيولوجي فقط، بل أيضاً بالعلاقات والتعاملات والتفاعلات الاجتماعية التي كانت مليئة بالحب والتصديق والاحتواء، إلى مليئة بالهجوم والتنمر والأحكام والقواعد.
فأي لحظة نعبر فيها بمرحلة المراهقة عن رفضنا أن نسمع شيئاً، أو نكون بقالب لا يشبهنا أو نعبر عن حزن بداخلنا سواء لأننا لا نفهم أنفسنا أو لا يفهموننا الآخرين، لا نحصل على الشخص الذي يحتوينا ويصدقنا ويهتم لمشاعرنا، بالعكس نلقى هجوماً حاداً ولاذعاً مثل (خلاص أنت رجل أو كبرتي وصرتي امرأة هذه حركات أطفال مو حركات ناس ناضجين كبار).
عند السرد السابق من السيناريو، اللي البعض إذا لم يكن الغالبية عاشه، يصبح التفسير والتحليل واجباً ومهماً من يصدقنا عندما نكبر؟ ولماذا ما عدنا شفافين كما كنا صغاراً؟ قبل الجواب لنرجع لمواقف شبه يومية في حياتنا، بالكويتي، خذ لفة معاي، في حياتك الآن لحظة شعور بالضيقة والكتمة بصدرك، تفضفض لأحدهم ويقولك (صل على النبي ما فيك إلا العافية)، ونتيجة هذه الكلمة إما مشكلة عضوية وهذا جهاز إنذارها أو منحدر نفسي يحذرك من الانهيار، وخذ موقفاً آخر. أشعر بالشبع لا أستطيع الأكل (لا تمثل علينا أكل هذه اللقمة أو لا تفشلنا هذه عزيمة) وبخصوص شعور الشبع شنو وضعه؟ أو سمعت موقف شعرت برغبة بالبكاء ردود الفعل (دراما كوين) أوفر صراحة وكثير من عبارات التنمر والهجوم على شعور أنت تشعره، وحقيقي، ويخصك، لكن لا مجيب للمشاعر، ولا مهتم للشعور، ولا تقدير لعواقب الإهمال النفسي والتجاهل الشعوري، فيكون كل شخص منا أسير شخص يصدقك ومتمسك بمن يتفاهم مع مشاعره ويشعر بالأمان لمن يحتوي شعوره.
طيب ماذا نفعل أو ما العمل؟
أن نصدق بعضنا أو لا نسخف شعوراً ولا موقفاً ولا حلماً ولا رغبة ولا سعادة ولا حزناً أن نرى مشاعر الآخرين من زاويتهم ونشعر بها بقلوبهم ونحترم قدرتهم في التعامل معها.
مثال: محتاج أجلس لحالي اتركه وأعطه وقته يبكي لأجل شي لا يعنيك قدر مشاعره، الأمر يخصه لا يخصك، يهتم بأمر تجده تافهاً، هذه اهتماماته شاركه مشاعره يشعر بالشبع، لا تجبره يشعر بالرغبة بالمساعدة، ساعده وأخيراً صدق الآخرين فنحن في العلاقات الإنسانية دائرة تفاعلات ونتيجة ارتباطية عندما نقدم ونعطي.
Twitter،Insta; @drnadiaalkhaldi
