No Script

لماذا لا يجيد المستثمرون التنبؤ بالحروب؟

تصغير
تكبير

أفادت مجلة «إيكونوميست» بأنه رغم استعداداتها المعلنة، أحدث غزو روسيا لأوكرانيا ذهولاً في الأسواق، مشيرة إلى أن فائض الموازنة والحساب الجاري في روسيا كان قد جذب المستثمرين الأجانب إلى سنداتها، كما أن انكشافها للسلع، كتحوط ضد التضخم، جعل أسهمها مرغوبة.

وأوضحت المجلة أن مؤشر «مورغان ستانلي» للأسهم الروسية تراجع من مستواه المرتفع في أكتوبر إلى يوم 24 فبراير الماضي بواقع 560 نقطة، أي بنسبة 60 في المئة من قيمته، لكن ثلاثة أخماس ذلك التراجع حدثت قبل أقل من 3 أيام من الهجوم الروسي على أوكرانيا، فيما شهد يوم الهجوم نفسه أكبر تراجع (218 نقطة).

وأشارت إلى أن انعدام الرؤية المستقبلية للأسواق له سوابقه التاريخية، لافتة إلى أنها بقيت هادئة خلال سنوات من المناوشات الحدودية والبيانات العدائية التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى، ولم تحرك الأسهم الأوروبية ساكناً عندما اغتيل الأرشيدوق النمسوي فرانز فرديناند في يونيو 1914، ولم يدب الذعر إلا عندما بدا النزاع محتماً قبل أيام قليلة من إعلان النمسا وهنغاريا الحرب على صربيا.

وأضافت «إيكونوميست» أنه حتى الأسواق التي يفترض أنها متوافقة مع المخاطر الجيوسياسية، مثل أسواق السلع، تجد صعوبة في تقدير المخاطر العسكرية.

ففي 1990 ورغم الحشود العراقية على الحدود مع الكويت أخفق المستثمرون في توقع الغزو، وخلال شهرين تضاعفت أسعار النفط مع تعطل الإنتاج في عدد من أضخم مواقع إنتاج النفط في العالم.

وفي بداية الحرب الأهلية الأميركية 1861 بالكاد تأثرت أسعار القطن، ولكنها ارتفعت بحدة في العام التالي عندما أخذ الحصار على الكونفيديرالية يحدث مفعوله.

وتُرجع المجلة أسباب ذلك إلى حقيقة أن المستثمرين ليسوا مؤهّلين لتقدير المخاطر المتصلة بالأحداث نادرة الوقوع، أي البعيدة الاحتمال، ولكنها قد تكون مكلفة للغاية، منوهة إلى أن معظم الأحداث الإشاعة التي تؤثر على الأسواق تُحدث تأثيرها على الرؤية المستقبلية للعائدات بصورة أكثر تدرجاً.

وتابعت «إذا ما أخذنا بيانات الأجور في أميركا سنجد أنه منذ عام 1948 كانت التبدلات حتى 0.4 نقطة مئوية في معدلات البطالة الشهرية تحدث في أقل من 10 في المئة من الأوقات»، موضحة أنه «صحيح أن كثيراً من المستثمرين يضعون احتمالات للأحداث النادرة، ولكن، كما يقول الباحث الكندي فيليب تيتلوك، يتطلب بناء القدرات التنبؤية معلومات متكررة، بحيث يمكن للمشاركين شحذ هذه القدرات بمرور الوقت، وهذا ما لا توافره الأحداث النادرة».

وأفادت «إيكونوميست» بأنه يمكن للتوقعات «المنخفضة» أن تُضعف اهتمام المستثمرين بحساب التكلفة المحتملة لأحداث غير متوقعة، إذ لا يزال كثيرون يحتفظون بأصول روسية رغم ما يلوح في الأفق من حالات تخلف عن السداد وتوقف عن توزيع الأرباح قد تفقد تلك الأصول قيمتها بسرعة.

وفي معرض تساؤلها عما إذا كان يجب على المستثمرين التوقف عن محاولة التنبؤ بالحروب، أكدت «إيكونوميست» أن البعض يعتقد أنه من المستحيل التنبؤ بالأحداث الجسيمة، ولكن تجاهل مثل هذه الأحداث يزداد صعوبة، ومثال على ذلك احتمال مهاجمة الصين لتايوان الذي أصبح أكثر واقعية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

وتابعت «الخطر لا يهدد فقط مساهمي شركة (تي إس إم سي) التايوانية العملاقة لصناعة الرقائق الإلكترونية والتي تضاعف سعر سهمها منذ أواسط 2020، فالجزيرة بأكملها تشكّل مركزاً لسلاسل التوريد العالمية التي تعتمد عليها معظم الصناعات، وهذا سبب كاف يدعو المستثمرين في كل مكان إلى عدم رفع الراية البيضاء».

أحداث محدودة المكان والزمان

ترى «إيكونوميست» أن الحروب ليست الأحداث النادرة الوحيدة، ولكن الأحداث الأخرى تكون عادة محدودة المكان والزمان (مثل الكوارث الطبيعية)، أو مألوفة أكثر للمستثمرين (مثل الأزمات المالية التي تخلّف وراءها أثراً من البيانات العامة)، أو يسهل التنبؤ بها (مثل المخاطر السياسية العامة التي يمكن قياسها من خلال استطلاعات الرأي)، مضيفة أن «قرار إعلان الحرب يعتمد على طريقة التفكير (أو انعدامه) لدى زعماء منفردين، وللأسف فإن سجل العلوم الكثيرة التي تحاول التنبؤ بالخطوة التالية لهؤلاء الزعماء ضعيف جداً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي