«الاستثمارات»: التكهن بمستقبل السوق غير ممكن قبل توقف الأزمات المالية المتفرقة التي تصيب البنوك

تصغير
تكبير
ذكرت شركة الاستثمارات الوطنية في تقريرها السنوي عن اداء سوق الكويت للاوراق المالية ان «السوق شهد طيلة الفترة الممتدة منذ بداية العام وحتى نهايته فصولا عدة بين اكمال الحركة التصحيحية التي واكبت اندلاع الازمة المالية العالمية والتي بدأت على المستوى المحلي منذ سبتمبر العام 2008 وامتدت لأكثر من ستة اشهر، لينتقل بعدها وتحديدا ببداية الربع الثاني الى مرحلة جديدة كان عنوانها التذبذب وهو ما يلقي بظلاله نحو طبيعة تعاملات السوق، فإذا كان ضمن موجة صاعدة فإنه يتفاعل طرديا مع الانباء الايجابية ويتأثر حياديا من الاحداث السلبية، أما خلال الموجة التصحيحية فالعكس تماما حيث يتفاعل طرديا مع الانباء السلبية وحياديا مع الاحداث الايجابية، وهي طبيعة السوق الذي يقبع في مرحلته الثانية ضمن دورته الاقتصادية وهي مرحلة تتحرك فيها اسعار الاسهم الى اتجاهات غير مترابطة وبعض الاحيان غير منطقية وهو ما يترجم الى تذبذب السوق حيث ان هذا السلوك هو انعكاس للحقيقة التي تفيد بأن تأثير الازمة المالية مختلف بأثره على قطاعات السوق التشغيلية المختلفة وقبل ذلك فحتى الشركات العاملة في نفس القطاع متغايرة، أولا من حيث نموذج اعمالها، وثانيا في طبيعة هيكلتها المالية ومدى حجم اصولها بالنسبة الى حقوق مساهميها والتفاصيل المالية الفنية المختلفة».

وأضاف التقرير «لعل هذا ما يفسر التذبذبات والاتجاهات المختلفة التي تطرأ على مسار اسعار الاسهم بالسوق في هذه المرحلة بخلاف المرحلة الاولى التي سادها الذعر وحكمتها قرارات البيع العشوائية، ولا شك ان تغير توجه السوق من اتجاه لآخر عند مراقبته على مدى فترة زمنية أطول انما هو مرتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات والتغيرات التي تحصل في الاقتصاد العالمي رغم تحسنها التدريجي، ولما للسوق المحلي من مميزاته ومؤثراته الخاصة فإننا نعتقد ان معيار السوق الرئيسي لا يرتبط قياسه حاليا بارتفاعه او انخفاضه ضمن نطاق سعري معين وإنما هو مرتبط بالدور المحوري الذي يرجع الى مأخذ ومثلب رئيسي بعدم وجود عمق لسيولة السوق، فنتيجة لاستمرار عزوف المصارف والمؤسسات المالية عن تمويل الاستثمار في الاسهم والعقار وعدم تفعيل قانون الاستقرار الاقتصادي بالباب الثالث منه وهو ما يعني استمرار شح التدفقات النقدية للشركات المعنية فيه، وكذلك في ظل غياب صناع سوق او ضعف تأثيرهم، كل ذلك كان له المردود السلبي نحو ضياع بوصلة المؤشرات في السوق المالي بشكل خاص وساعد على بطء تعافيه مقارنة مع الاسواق المجاورة».

وتابع التقرير ان انخفاض المؤشرات الفنية المالية لسوق الكويت للاوراق المالية مثل مكرر الربحية نسبيا عند مقارنتها مع اسواق دول الخليج، وعلى عكس ما يرمي اليه الاعتقاد السائد بان رخص الاسعار تمثل فرصة مجدية وذلك عند قراءة المعادلة من الزاوية الاخرى، وهي انه بشكل عام كلما ارتفع مكرر الارباح كان ذلك مؤشرا على المراهنة في مستقبل ارباح تلك الشركات ولهذا فان القراءة الفنية الادق تكون عبر مكرر الارباح مقسوما على معدل النمو، وبالتالي فان انخفاض المؤشرات الفنية للسوق المحلي انما هو مؤشر حول تدني الثقة بالاستثمار في الشريحة الكبرى من الاسهم المتاحة، فلا يزال الحديث حول اقرار المشاريع التنموية اطروحات وشعارات ليس اكثر، وهذا ما يجرنا إلى المربع الاول في تحمل مختلف اجهزة الدولة باقران الاقوال إلى واقع ملموس».

وقال: «ما يؤكد على حساسية ما سبق فاننا نشير إلى تصريح محافظ البنك المركزي المنشور بتاريخ 28/4/2009 والذي سلط الضوء من خلاله على اهمية السياسة المالية باعتبارها الاداة الاكثر تأثيرا على اتجاهات النشاط في قطاعات الاقتصاد المختلفة، واشار إلى ان الازمة المالية وتداعياتها قد ابرزت الحاجة إلى فتح المزيد من القنوات الاستثمارية المحلية بخلاف تداول الاصول المالية والعقارية وهو حديث جوهري يحكي عن مضامين حل الازمة المالية في انعكاسها على الاقتصاد المحلي، والتساؤل لا يزال مطروحا عن مدى كفاية حزمة المحفزات الاقتصادية بداية بقانون ضمان الودائع المصرفية وانتهاء باقرار اللائحة التنفيذية لقانون تعزيز الاستقرار الاقتصادي على مواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية وحدها دون تفعيل حقيقي ومبرمج للسياسة المالية الخاضعة لمسؤولية السلطة التنفيذية، وفي ظل وجود شركات تعمل فقط من اجل خدمة ديونها مقابل عدم قدرتها على تحقيق ارباح محققة فان مصيرها إلى الافلاس عاجلا ام اجلا».

واوضح التقرير «اذا كانت قنوات التمويل المتاحة وفق الباب الاول من قانون الاستقرار الذي تم الشروع بالعمل فيه يجب توجيهها إلى قطاعات تشغيلية غير الاسواق المالية والعقارية (شراء الاصول) وكذلك في عدم استغلالها لاعادة هيكلة الديون القائمة للشركة الراغبة في الاستفادة من دعم القانون، بالتالي فان اول ما يتبادر إلى الذهن هو ايجاد البيئة الاستثمارية التي تستوعب تلك السيولة من خلال زيادة الانفاق الحكومي واقرار المشاريع، والا فما هي فائدة وحاجة السيولة ان لم تتوافر القنوات لاستيعابها، ومن جانب لا يقل اهمية فان تفعيل الاصلاحات التشريعية المرتبطة بتلبية احتياجات الفعاليات الاقتصادية يكون من خلال حسم الجدل القائم حول الملفات العالقة منذ سنوات وهي من اللبنات الاساسية للبيئة التشريعية التي تقوم عليها اسواق المال بوجود هيئة سوق مستقلة تناط بها المسؤولية التشريعية والرقابية على سوق المال دون وجود اي ازدواجية للمعايير او تعارض في المصالح وهو ما يتضمن تطويرا لاساليب الرقابة وادوات السوق بما يدعم الكفاءة والفاعلية في متابعة ومراقبة السوق ويوحد السياسات والقواعد التي تنظم هذا القطاع ويعزز من قدرته على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية الخارجية، لا ان يكون الوضع كما هي الحال عليها حيث لا تزال هي الفوضى ذاتها منذ اكثر من سبع سنوات بتصنيف قطاعات السوق التي لا تعكس واقع ما تحويه من شركات ناحية تصنيفها وتنظيمها وها هي المؤشرات الرسمية للسوق التي تعتمدها هي ذاتها رغم ما تحمله من مثالب وقصور فادح، ونفس الازدواجية بتطبيق القوانين بين الشركات الواحدة المدرجة بالسوق الواحد ما بين قطاعات السوق السبعة من جهة وقطاع الشركات غير الكويتية من جهة وهو ما ادى إلى حالة من هجرة لتلك الشركات وان كانت الازمة الاقتصادية قد تسيدت الاهتمامات عما سواها خلال الفترة الماضية فلا بد ان يأتي الوقت للوقوف والمناقشة حول اسباب واسقاطات تلك الهجرة»، واضاف التقرير «نجزم بان ما سبق هو احد اهم ما جاء كمبررات لبعض الشركات العالمية حول استبعاد سوق الكويت للاوراق المالية كسوق ممثل في مؤشرات الاسواق الناشئة بالمنطقة رغم ما يمثله من حجم القيمة السوقية وريادة شركاته على نطاق المنطقة بل في العالم بالنسبة إلى درجة الامان لقطاع المصارف، وكذلك في عمق تجارب السوق التاريخية».

وقال التقرير ان «تأثر السوق بالاحداث والمستجدات الاقتصادية والسياسية هو امر مستحق بوقت لا يزال يفتقد فيه إلى مؤثرات ايجابية رئيسية كفيلة بتوجيه مساره خلال الفترة المقبلة، فالمحك هو نتائج قطاع البنوك المحلية خلال الربع الرابع بالمقارنة مع نتائجها خلال الارباع المالية الاولى وخلال الفترة القليلة المقبلة، حيث ان العامل المشترك في جميع الازمات الصغيرة نسبيا والمنبثقة عن الازمة المالية العالمية دائما ما تتصل مباشرة في قطاع البنوك وتؤثر بشكل مفاجئ على نسب ارباحها او خسائرها ومخصصاتها وهذا القطاع يشكل في حالة سوق الكويت للاوراق المالية الركيزة الاساسية له فضلا عن كونه الدعامة الرئيسية للاقتصاد بصفة عامة وهذا ما يقود إلى صعوبة التكهن بمستقبل السوق خلال الفترات المقبلة قبل الخروج بشكل جازم من حالة الركود وبالتالي توقف الازمات المالية المتفرقة التي تضطلع بها البنوك منفردة او مجتمعة قبل البدء في دورة اقتصادية جديدة تستقر فيها الامور وتتضح معها الرؤية، وبالنظر إلى الوضع العام للسوق نجد انه مر بمنعطفات تاريخية مهمة ونرى من الاجدى ان يتم تقسيمها حسب تسلسلها الزمني حتى يتضح تأثير كل فترة او حدث:



الربع الأول

استهلت تعاملات الربع الاول كامتداد للحركة التصحيحية الشاملة التي ابتدأت في سبتمبر العام 2008 وذلك بالتزامن مع اندلاع الازمة المالية العالمية حيث مثلت أحلك وأصعب الظروف لناحية استمرار نزيف اسعار الاصول بطريقة مربكة وعشوائية مع جفاف وسائل وخطوط التمويل، حيث سيطرت الانخفاضات العنيفة التي وصلت بالسوق الى مستويات دنيا قياسية لم يشهدها منذ العام 2005 سواء بالنسبة الى مستوى المؤشر العام الذي كان قاب قوسين او ادنى من كسر حاجز الـ 6000 نقطة نزولا وكذلك بالنسبة الى القيمة المتداولة التي بلغت في احد ايام تداولات الربع الاول 13 مليون دينار وهي تمثل ادنى قيمة متداولة منذ مايو لعام 2003.



الربع الثاني

أنهى السوق بداية هذه الفترة مرحلة امتدت لستة اشهر كاملة من النزيف المستمر في اسعار الاصول ودخل في مرحلة جديدة وهي التذبذب والتي ما تكون لاحقة لمرحلة التصحيح الاولى، حيث ارتفع المؤشر العام بشكل متسارع وكسر حاجز 7.500 نقطة خلال الشهر الاول من بداية الربع الثاني حتى انه بات قريبا من مستواه في بداية العام البالغ 7.782 نقطة.



الربع الثالث

في هذه المرحلة جنح السوق ناحية التصحيح الذي يقع تحت خانة التذبذب وهي اكمال للمرحلة الثانية من دورة التصحيح الكاملة والتي ابتدأت مطلع الربع الثاني الذي زخر بالرواج المبني على ردة فعل ان صح التعبير وصل فيها السوق الى قمته خلال العام 2009 بأكمله والبالغة 8.371 نقطة، وذلك في اوائل الربع الثاني، فلم يلبث السوق حتى شهد احداثا ومتغيرات افضت الى كسر المؤشر العام مستوى 8.000 نزولا وسادت عملية التذبذب المصاحبة لترقب البيانات المالية للشركات التي تزامنت مع شائعات اثارت جوا من اللغط.

وجدير ذكره، انه وفي منتصف تعاملات هذه المرحلة وتحديدا في شهر اغسطس تميز السوق بتركيز تعاملاته على اسهم الرسملة الكبيرة ذات النطاق السعري المرتفع مثل شركة زين وهي التي استحوذت على النسبة الكبرى من التداولات وكذلك سهم «الوطني» و«بيتك» و«أجيلتي» مقابل انحسار التعاملات على الاسهم صغيرة رأس المال وذات النطاق السعري المتدني .



الربع الرابع

اما في هذه المرحلة والتي اختتم فيها سوق الكويت للاوراق المالية تعاملات العام 2009، فهي لا تختلف اختلافا جوهريا في نمطها عن طبيعة تداولات الربع الثالث غير ان ما يمكن قياس الاختلاف فيه هو معدلات وقيم التداولات التي انحدرت بصورة كبيرة عن معدلاتها السابقة وهو انعكاس لمدى الركود الذي اصاب التعاملات.



مؤشرات السوق:

اقفل موشر NIC50 بنهاية تداول اول ديسمبر عند مستوى 4.171.6 نقطة بانخفاض قدره 123.8 نقطة ونسبته 2.9 في المئة مقارنة بنهاية ديسمبر 2008 والبالغ 4.295.4 نقطة وقد استحوذت اسهم المؤشر على 80.4 في المئة من اجمالي قيمة الاسهم المتداولة في السوق خلال عام 2009.

كما اقفل المؤشر السعري للسوق عند مستوى 7.005.3 نقطة بانخفاض قدره 777.3 نقطة ونسبته 10.0 في المئة مقارنة باقفال نهاية العام 2008 والبالغ 7.782.6 نقطة.

واقفل المؤشر الوزني للسوق عند مستوى 385.8 نقطة بانخفاض قدره 21.0 نقطة ونسبته 5.2 في المئة مقارنة باقفال نهاية عام 2008 والبالغ 406.7 نقطة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي