No Script

عين المصارف مفتوحة على متقاعدين بعينهم رشّحت بعضهم إلى «المركزي» أخيراً أعضاء مستقلين

البنوك تستقطب قياديين حكوميين... لمجالس إداراتها

تصغير
تكبير

- التحرّك نحو قيادات سابقة معروفة بإدارتها لاستثمارات مليارية والمشاركة بصناعة القرار
- المصارف تسعى للاستفادة من موجة التقاعدات وإبداء أعضاء في جهات حكومية رغبتهم بعدم التجديد
- معروض الخبرات يتضمن قيادات مستوفية الشروط الرقابية إضافة إلى «الغترة والعقال»
- التركيز على قياديين يتمتعون بقدرة ممزوجة بالخبرة في استشراف المستقبل استثماراً ومخاطرة
- البنوك ليست المستفيد الوحيد من وفرة المتقاعدين فخيار استقطابهم متاح للشركات المستحقة للعضو المستقل
- شخصيات مستهدفة كان يصعب قبل أشهر مغازلتها حتى بالحديث عن خططها لما بعد التقاعد

منذ 6 أشهر تقريباً، كانت مهمة البحث عن أعضاء مستقلين لمجالس إدارات البنوك، أشبه بمحاولة صانعي السياسة المصرفية توليد أرباح تشغيلية عالية، بمخاطر منخفضة، في بيئة عمل تواجه أصلاً تعقيدات مختلفة.

ولا يعد سراً أن هذه الحالة شكلت ضغطاً واسعاً لدى البنوك، لاسيما التي تبحث عن مواصفات خاصة في أعضائها المستقلين، ليس أقلها أن يكونوا بـ«غترة وعقال».

فبين التحرك الجاد على استيفاء متطلبات بنك الكويت المركزي، والأعداد المطلوبة لشغل مقاعد الأعضاء المستقلين، والمحددة رقابياً بواقع 4 في كل بنك، والخبرات المناسبة المتاحة بالفعل من جهة أخرى، بدا أن ردم الفجوة لن يكون سهلاً مصرفياً.

خطط البنوك

لكن يبدو أن شيئاً ما تغير أخيراً لصالح خطط البنوك بهذا الشأن، حتى أنه يصح القول إن الفترة القريبة الماضية شكلت فرصة غير مسبوقة للمصارف، بعد تمتعها بأريحية غير متوقعة في اختيار من يشغل مقاعد أعضائها المستقلين.

وحسب تعليمات «المركزي» الصادرة في سبتمبر 2019، يتعين ألّا يقل عدد الأعضاء المستقلين في مجلس إدارة البنك عن عضوين، بداية من 30 يونيو من 2020، و4 أعضاء بداية من 30 يونيو 2022، ونظراً لتداعيات جائحة كورونا تقرر تمديد استيفاء العدد على دورتين، من أجل عدم إحداث طلب مفاجئ على الأعضاء المستقلين والسماح للبنوك بالتدرج في تطبيق هذا التعديل.

ووفقاً لهذه الحالة، ستكون البنوك الكويتية (10 بنوك) مطالبة باستيفاء تعيين 40 عضواً مستقلاً في مجالس إداراتها المرتقبة، معيّن منهم في الوقت الحالي 22، أخذاً بالاعتبار أنه وفقاً لمتطلبات هيئة أسواق المال، يُشترط أن تتضمن مجالس إدارات الشركات الخاضعة لرقابتها عضواً مستقلاً (يحتسب ضمن الأربعة في حالة البنوك)، ما يعني رقمياً وجود حاجة مصرفية لتعيين 18 عضواً مستقلاً.

وقبل فترة بسيطة، كانت البنوك ترزح تحت تحدي المنافسة على استقطاب الأعضاء المستقلين في الوقت المناسب، فيما كان المعروض منهم والمستوفي للشروط غير كاف لتغطية الطلب المصرفي الواسع بهذا القطاع.

سمعة وخبرة

لكن فجأة، وجدت البنوك نفسها أمام ثروة بشرية من القياديين الحكوميين الذين تقاعدوا أخيراً أو اعتذروا عن الاستمرار في عضويات الجهات التي يمثلونها، لتبرز مع ذلك مجموعة شخصيات تتمتع بخبرات وكفاءات، كان يصعب قبل أشهر مغازلتها، حتى بالحديث عن خططها لما بعد التقاعد الحكومي، أو الغمز لها من قناة استقطابها مستقبلاً للعمل بالقطاع الخاص. فما الذي تغير في المشهد؟

ببساطة وبعيداً عن أي تعقيد، شهدت الأشهر الماضية موجة تقاعدات حكومية شملت العديد من الجهات الإستراتيجية، علاوة على انتهاء فترات مجالس إدارات مؤسسات وجهات رقابية، أبدى عدد غير قليل من أعضائها الذين يمثلون القطاع الخاص من ذوي الخبرة، عدم رغبتهم في التجديد.

وهنا بدأت المصارف تفتح العين واسعة على الاستفادة من بعض هذه القيادات، بالعمل على استقطابها لمجالس إداراتها كأعضاء مستقلين، لا سيما الذين يتمتعون بسمعة، وتاريخ قيادي متميز.

وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن بنوكاً رشحت أخيراً إلى «المركزي» قياديين حكوميين سابقين لشغل مقاعد أعضائها المستقلين، وأنها تلقت موافقات رقابية مبدئية تؤشر على أن مرشحيها مستوفو الشروط.

ومصرفياً، قاد وفر القياديين الحكوميين المتقاعدين، لأن تتحضر البنوك لمرحلة جديدة، يفترض معها أن تنتقل من مكافحة ندرة المعروض البشري المناسب، إلى حالة انتعاشة في اختيار شخصيات يعوّل عليها كثيراً في تقديم قيمة مضافة لمجالس إداراتها مستقبلاً.

مهارة واستقلال

وما يذكي ذلك أن شريحة واسعة من الشخصيات المستهدفة مصرفياً كانت على رأس مؤسسات حكومية مسؤولة عن إدارة استثمارات وأصول بالمليارات، فيما كان يشارك بعضها بصناعة السياسات الرقابية، وهنا تتعاظم أهمية التحرك المصرفي لاستقطاب بعض القياديين الحكوميين المتقاعدين، لشغل مقاعد أعضائها المستقلين، والذين يُشترط لهم أن يكونوا من ذوي الكفاية المهنية، ممن تتوافر فيهم الخبرة والمعرفة والمهارة والاستقلال اللازم، بما يمكّنهم من ممارسة مهامهم بكفاءة واقتدار.

وفي ضوء الخبرات التي يتمتع بها بعض القياديين الحكوميين المتقاعدين، وأعضاء مجالس إدارات جهات حكومية ومؤسسات رقابية منتهية ولايتهم، يمكن التكهن بأن القادم من الأيام المصرفية سيشهد تغيرات إستراتيجية في تعزيز مجالس إداراتها، باستقطاب قياديين من الوزن الثقيل المعروفين حكومياً على أنهم شخصيات خبيرة وذات كفاءة وشفافية وإلمام بقواعد الحوكمة.

ممارسة الحوكمة

ونتيجة ذلك، يرجح أن تؤدي بعض الترشيحات المصرفية لمجالس إداراتها لترسيخ مبدأ استقلالية الأعضاء، الذي يعد من أسس ممارسات الحوكمة السليمة، ومن ثم تأكيد اتخاذ القرارات بتجرد وموضوعية، لما هو في مصلحة البنك، وعدم تعريضه للمخاطر، والمحافظة على الثقة العامة في البنك، وتعزيز الاستقرار المالي.

وتقود موجة التقاعدات الحكومية الأخيرة، وتحديداً الذين يمكن الاعتماد عليهم مصرفياً، لتحسين التوقعات المتفائلة في شأن مستقبل صناعة السياسات العامة للبنوك، في وقت لا تزال تداعيات أزمة كورونا تفرض نفسها، وبقوة على الأسواق محلياً وإقليمياً وعالمياً.

وما يزيد أهمية استقطاب قياديين يتمتعون بالقدرة الممزوجة بالخبرة على استقراء المستقبل المصرفي، المتغيرات الأخيرة والجذرية التي طرأت حتى على بدهيات العمل المصرفي استثماراً ومخاطرة.

وعملياً، لا تعد البنوك الوحيدة المستفيدة من وفرة التقاعدات الحكومية، فخيار الاستقطاب أصبح متاحاً أيضاً لجميع شركات القطاع الخاص، المطالبة رقابياً باستيفاء استحقاق تعيين عضو مستقل في مجالس إداراتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي