No Script

«غلوبل فاينانس»: وزير المالية يسير على خط رفيع بين تطّلعه للإصلاح وواقع السياسة

الكويت ستموّل الإنفاق الضخم من مدّخراتها إذا غاب الإصلاح

تصغير
تكبير

- استثمارات الدولة في الخارج أكثر مما تستقطبه وعدم تنويع اقتصادها أكبر نقاط ضعفها
- عبدالوهاب الرشود: تعلمنا العامين الماضيين دروساً حول الأولويات والتكيف مع التغيير
- جورج ريشاني: صرامة «المركزي» بخصوص السيولة ورأس المال جعلتنا مستعدين لـ «كورونا»
- عبدالله التويجري: البنوك بحاجة لمهارات تتماشى مع أعمالها المتغيّرة
- مناف الهاجري: نمط حياة الكويتي حساس وتغييره ليس سهلاً
- علي خليل: عدم وجود «الدين العام» يعني إدارة العجز بالسحب من الاحتياطي
- عبدالعزيز العصيمي: مشكلة الاقتصاد لا تتعلق بـ «كورونا»

قالت مجلة «غلوبل فاينانس»، إن الكويت استجابت بسرعة لجائحة «كورونا»، إلا أن الخلافات السياسية تبطئ أجندة الإصلاح وتزيد من ضعف الاقتصاد الكلي.

وأشارت إلى أن عبدالوهاب الرشيد كتب تغريدة في نوفمبر 2021: «الإصلاح الاقتصادي حاجة ملحة، وليس ترفاً»، وأنه تلقى بعد بضعة أسابيع، تلقى مكالمة هاتفية من مكتب رئيس الوزراء لتولّي منصب وزير المالية الجديد، لتتساءل المجلة هل هي فرصة ذهبية أم هدية مسمومة؟

ومنذ 2012، أصبحت وزارة المالية باباً دواراً. ويعد الرشيد، البالغ من العمر 37 عاماً، ثامن وزير يتولى هذا المنصب خلال 10 سنوات فقط. ولإحداث فرق، ترى «غلوبل فاينانس» أنه يتعيّن على الرشيد أن يسير على خط رفيع بين تطلعه للإصلاح وواقع السياسة الكويتية.

ولفتت في تقريرها إلى أن الكويت دولة صغيرة، تتمتّع بثروة هائلة تستحوذ على 8.5 في المئة من احتياطيات النفط العالمية، وتحتل المرتبة الأولى بين الدول الخمس الأكثر ثراءً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضحت أنه في ظل وفرة الاحتياطيات المالية، دخلت البلاد الجائحة من موقع قوة، في حين تعافى النمو ببطء في 2021، متوقعة ارتفاعه إلى 4.3 في المئة هذا العام.

وعلى عكس غيرها من منتجي الطاقة، لم تفعل الكويت الكثير لتنويع اقتصادها، وهذا هو الموطن الذي تكمن فيه أكبر نقاط ضعفها، إذ لا تزال صادرات النفط تشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات، و90 في المئة من الصادرات، و50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعل البلاد شديدة التأثر بتقلبات الأسعار.

حرية نادرة

من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا

عبدالعزيز العصيمي: «مشكلة الاقتصاد الكويتي لا علاقة لها بصدمة الجائحة، بل ناتجة عن أسباب هيكلية».

وبحسب المجلة، فإن من أهم الأولويات على جدول الأعمال إقرار قانون الدين العام، لافتة إلى أن معظم الإصلاحات كانت في طريق مسدود منذ سنوات، حيث تطغى فضائح الفساد والاحتيال على المفاوضات باستمرار.

ورأى العصيمي أنها «مسألة ثقة، والناس لا يثقون في إدارة الحكومة للديون بحكمة».

ولفتت المجلة إلى أنه في ظل غياب الإصلاح، يجب على الدولة أن تسحب من مدخراتها لتمويل الإنفاق الضخم. ورغم أن صندوق الثروة السيادية ثالث أكبر صندوق في العالم بحجم أصول يزيد على 700 مليار دولار، إلا أن الهدف من تأسيسه دعم الأجيال القادمة عند نفاد النفط، وليس النفقات اليومية.

من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» علي خليل إلى أن عدم وجود قانون للدين العام يعني إدارة أي عجز مالي من خلال السحب من الاحتياطي.

وقال: «لا يمكن السماح باستمرار مثل هذه الفجوات في التمويل، وبوجود قانون للدين أو بدونه، يجب على الحكومة تنفيذ إصلاحات في جانب الإيرادات والإنفاق».

تشجيع النمو

وأشارت المجلة إلى أن المبادرات لفرض ضرائب جديدة، مثل ضريبة الدخل على الأفراد أو ضريبة القيمة المضافة على المشتريات، وصلت إلى طريق مسدود في مجلس الأمة.

وفي هذا الخصوص، قال الرئيس التنفيذي السابق لـشركة «المركز» مناف الهاجري: «نمط الحياة الكويتي موضوع حساس ولن يكون من السهل تغييره بين عشية وضحاها.

ولكن هناك قدراً كبيراً من عدم الكفاءة في النظام، لدرجة أن الإنتاجية يمكن أن تشهد مكاسب هائلة، حتى بينما يستمر الناس في التمتع بامتيازاتهم»

ورغم الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال من خلال قانون الإفلاس الجديد، والإعفاءات الضريبية والسماح بالتملك الأجنبي 100 في المئة للشركات، فإن عملية ترسية العطاءات للمشاريع الكبرى لا تزال قيد التدقيق من قبل مجلس الأمة، وهو ما يوسع المفاوضات ويعقدها.

وبشكل عام، لا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد دون الهدف المأمول، إذ تستثمر الكويت أموالاً في الخارج أكثر مما تستقطبها.

ففي العام الماضي، استثمرت البلاد 32 مليار دولار في الخارج بينما جذبت 14 ملياراً، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

البنوك قوية

وكانت شركات تكنولوجيا المعلومات والشركات اللوجسيتية الراغبة في تعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أحدث المستثمرين، فقد افتتحت عملاق الطيران والفضاء الأميركية «بوينغ» مكتباً جديداً لها، ومن المقرر أن تلحق بها عما قريب شركة أمازون لخدمات الإنترنت بافتتاح مركز للبيانات.

وحسب تقارير إعلامية محلية فإن «غوغل» وقعت أيضاً اتفاقية لإنشاء عمليات بيانات وسحاب في المنطقة.

القطاع المصرفي

ويبقى القطاع المصرفي الكويتي بين الأقوى في المنطقة وركيزة للنمو، مع تمتع البنوك بمستويات رسملة عالية وسيولة وافرة.

وفي النصف الأول من 2021 بلغ معدل تغطية السيولة 174 في المئة بينما بلغ معدل كفاية رأس المال 18.7 في المئة متجاوزاً بكثير المستويات المطلوبة.

وفي هذا الخصوص، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت التمويل الكويتي «بيتك»، بالتكليف، عبدالوهاب الرشود، إنه رغم التداعيات السلبية لجائحة «كوفيد-19»، هناك العديد من الدروس المستفادة حول أهمية التكيف مع التغيير، والتعامل مع الأزمات، وإعادة صياغة الأولويات وترتيبها، مبيناً أن الأهم من ذلك هو أن التحول الرقمي لم يعد أمراً اختيارياً للبنوك والمؤسسات بل أصبح ضرورة.

وأضاف «تعلمنا خلال العامين الماضيين أن استمرار تقديم الخدمات للعملاء دون انقطاع مهما كانت الظروف»، مشيراً إلى أنه يمكن مواصلة تقديم الخدمات، من خلال تعزيز البنية الرقمية، ووجود أنظمة مرنة وقنوات متعددة مادية وافتراضية على حد سواء، إلى جانب وجود ضوابط صارمة لتحقيق مصالح العملاء والمساهمين.

وأكد الرشود أن القطاع المصرفي الكويتي مدعوم باقتصاد قوي ومستويات عالية بشكل استثنائي من الثروة واحتياطيات كبيرة من النفط، وأنه رغم بيئة التشغيل الصعبة، إلا أن أداء البنوك كان جيداً نسبياً خلال الأزمة الأخيرة.

وأضاف أنه بفضل السياسة النقدية المعتمدة والتشريعات الرقابية القوية والحصيفة للقطاع المصرفي من قبل بنك الكويت المركزي، يظل القطاع المصرفي مرناً، إلى جانب استقرار ربحيته وعدم تأثر جودة أصوله أثناء التقلبات التي مرّ بها الاقتصاد الكلي للبلاد.

ورأى الرشود أن الابتكار الذي تبناه القطاع المصرفي خلال السنوات الماضية عبر التحول الرقمي، لعب دوراً كبيراً في دعم البنوك أثناء جائحة «كورونا»، منوهاً بأن التحول الرقمي في الكويت يتماشى مع رؤية 2035، وأن الجائحة سرّعت الجهود نحو رقمنة خدمات حكومية عدة، وإطلاق تطبيقات تقدم عدداً كبيراً من الحلول و الخدمات الحكومية المتكاملة إلكترونياً، مشدداً على أن التحول الرقمي في صميم الصناعة المصرفية، ومرجحاً أن يلعب دوراً أكبر في تشكيل القطاع مستقبلاً.

وكشف عن زيادة ضغوط التحول الرقمي على النموذج المصرفي التقليدي في الكويت وجميع أنحاء العالم، ليصبح أمراً واقعاً لا مفر منه، مضيفاً أنه يمكن تسريعه من خلال اعتماد الأنظمة الذكية المرنة (agile systems)، التي تمكّن البنوك من تلبية الاحتياجات المتزايدة للرقمنة وتسهيله.

وأوضح الرشود أن «بيتك» طرح على مدار الأعوام الماضية مجموعة واسعة من الخدمات الرقمية المتطورة، وأبرم اتفاقيات شراكة إستراتيجية وتعاون مع جهات ومزودين في تكنولوجيا الخدمات المالية (الفينتك) الذين يقدمون حلولاً وخبرات فريدة، مضيفاً أن الهدف من ذلك توسيع نطاق المنتجات والخدمات وتعزيزها في البنك.

وكشف أن أتمتة العمليات الروبوتية (RPA) والذكاء الاصطناعي (AI)، ستصبح جزءاً من الأنشطة التشغيلية المصرفية، وتحسين كفاءة العمليات والأداء في المستقبل.

بعض التداعيات

وفي حين واجه معظم اللاعبين الاقتصاديين بعض التداعيات من الانخفاض في إيرادات الدولة بتأثير من انخفاض أسعار النفط فإن البنوك عبرت الجائحة بيسر نسبي بفضل المصدات القوية والسياسات الحصيفة من الإدارات.

ويقول الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الأهلي الكويتي جورج ريشاني: «اتخذ بنك الكويت المركزي خطوات لإصلاح القطاع المالي قبل سنوات من الجائحة.

وكان صارماً فيما يتعلق بالسيولة ورأس المال ولذلك كنا مستعدين عندما جاءت الجائحة».

أما الهاجري، الذي يرى مجالاً للنمو من خلال التصدي لجوانب عدم الكفاءة في الاقتصاد، فيعتقد أن التمويل يمكن أن يقدم خريطة طريق لصانعي السياسة ولصانعي القرار في الشركات على السواء، ويضيف «قطاع التمويل الأفضل تنظيماً في الكويت بفضل هيئة أسواق المال والمركزي، ما يشكل نموذجاً يجب على القطاعات الأخرى الاقتداء به».

كما أضاف الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان عبد الله التويجري «مع انتقال الصناعة المصرفية إلى ما وراء نموذج الأعمال المصرفية، ستحتاج البنوك لتوسيع قاعدة الموظفين وجذب أنواع جديدة من المواهب، وإلى مجموعة مهارات جديدة تتماشى مع نماذج أعمالها المتغيرة وفهم عملائها بشكل أفضل، وإلى علماء بيانات وباحثين ومتخصصين في الذكاء الاصطناعي ومصممي مرئي وتسويق رقمي وخبراء إعلام ومطورين ومتخصصين في تجربة العملاء، فضلاً عن تعيين علماء نفس وخريجي تخصصات فلسفة ومهارات متنوعة أخرى يمكن أن تجلب وجهات نظر جديدة».

استعادة عافية المبادرين بطيئة

لفتت «غلوبل فاينانس» إلى بطء في استعادة شركات المشاريع الصغيرة والمتوسطة لعافيتها رغم الصندوق الخاص الذي أنشىء لها في 2013 بحجم ملياري دينار، موضحة أن هناك قصصاً للنجاح وبشكل خاص في تكنولوجيا الغذاء.

وبينت أن البيئة العامة للمشاريع الناشئة في الكويت لا تزال تفتقر للمحفزات والرعاية ورأس المال الاستثماري وشبكات المستثمرين الجماعيين.

وذكرت المجلة أن رياديين كثيرين يشتكون من أن الافتقار إلى الدعم الحكومي يدفع بالأعمال إلى الخروج من البلاد عندما تسعى إلى الحجم، مبينة أن هذه ليست نهاية الطريق، إذ أنه عندما يحين الوقت المناسب ستتيح الاحتياطيات المالية الضخمة والقطاع المصرفي المتين للكويت إمكان تنفيذ إصلاحات من موقع القوة، كما يشير صندوق النقد الدولي في أحدث تقييماته.

استعادة مركز الكويت المالي بخفض الإنفاق العام

بيّن التقرير إنه لاستعادة المركز المالي للكويت، تحتاج البلاد إلى خفض الإنفاق العام، وخصوصاً على الأجور، إذ توظف الدولة حالياً أكثر من 80 في المئة من الكويتيين، بحيث تمثل رواتبهم، إلى جانب الدعوم والبدلات الخاصة، 70 في المئة من الميزانية وتستمر في الزيادة كل عام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي