No Script

صنّاع الدراما لـ «الراي»: لا توجد ميزانية لتنفيذ أعمال الفانتازيا والخيال

هل يتحقق «الحلم الكويتي»... في «هوليوود الخليج» ؟

تصغير
تكبير

- أفلام عربية وعالمية أضاءت على أزمة المياه و«كورونا»... فماذا عن الإنتاج الكويتي؟
- هل تلّقف «ساعي البريد» رسالة «البوسطجي» شكري سرحان؟
- ما الجديد في الدراما التراثية... غير بيوت الطين ولعب «الحيلة» في «الفرجان» !

كثيرة هي الأعمال الكوميدية والتراثية والحقبوية التي عكف على صناعتها منتجو الدراما والسينما الكويتية، خلال السنوات الخمس الماضية، في حين خَلت سلة الإنتاج الفني طوال هذه الفترة من أعمال تواكب التقدم العلمي والتطور الفني الخليجي، العربي والعالمي، على غرار ما نشاهده في بعض الأفلام الخليجية، إلى جانب الأفلام الأميركية تحديداً، والتي لم تأتِ بشيء من علم الغيب، وإنما استندت إلى دراسات وأبحاث علمية بالغة الدقة والأهمية.

فعلى المستوى الخليجي، نجح الفيلم الإماراتي «المختارون» في تسليط الضوء على أزمة المياه في العالم وما ينتج عن ذلك من حروب وكوارث، إذ تدور أحداثه في العام 2033، وهذا ما حذّر منه الكثير من العلماء في العالم، ومنهم الفلكي الدكتور صالح العجيري.

وعلى الصعيد العالمي، فالقائمة طويلة في ما يتعلّق بالأعمال التي تنبأت بفيروس كورونا قبل انتشاره بأعوام عدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الفيلم المثير للجدل «Contagion» (عدوى).

لكن لو نظرنا إلى ما أنتجته الساحة الكويتية، سواء قبل الجائحة أو بعدها، لوجدنا دراما تراثية تبدأ من القرن التاسع عشر وتنتهي في العام 2021.

أو أعمالاً حقبوية تتشابه مع أعمال أخرى، كمسلسل «ساعي البريد»، الذي انتهى تصويره في مملكة البحرين، بقيادة المخرج محمد القفاص، وهو عمل يشبه في لبنته الأساسية الفيلم العربي «البوسطجي» لشكري سرحان، فهل تلقف الأول رسالة الأخير؟

كذلك يواصل الفنان القدير سعد الفرج تصوير عمله التراثي والمعاصر «الزقوم»، حيث تبدأ أحداثه في الربع الأخير من القرن الماضي، وانتهاء بيومنا هذا، فما القضية الجوهرية التي سيتم تناولها خلال هذه الفترة من الزمان، ولم يسبق أن تناولها عمل تراثي قبله؟... وما الذي يمكن أن يقدمه المخرج حسين أبل في مسلسله التراثي «دحباش»، من موضوعات اجتماعية مهمة، غير التركيز على البيوت الطينية ولعب «الحيلة» في «الفرجان» والاكسسوارات و«البوشية» والمفردات القديمة؟

وفي خضم كل هذه المسلسلات والأفلام التي لا تزال تنهل من الموروث وتستظل بفيء الماضي، تغيب الأعمال التي تستشرق المستقبل، وتستكشف ولو – افتراضياً – ما تخبئه الأيام المقبلة من مفاجآت - حتى وإن أخطأت ولم تُصِب في تكهناتها وتوقعاتها – فإنها على الأقل لا تَسير عكس الاتجاه إلى الخلف دُر... لتبدو كما لو أن «عداد الحياة» قد عاد بنا إلى نقطة الصفر.

«الراي» استطلعت آراء صنّاع الدراما والسينما الكويتية، من منتج ومخرج وكاتب وممثل، وطرحت تساؤلات عدة، عمّا إذا كان الوسط الفني الكويتي بمجالاته كافة، يواجه بعض العثرات في ما يتعلّق بتحقيق «الحلم الكويتي» ولو فنياً، من خلال تقديم أعمال درامية وسينمائية على غرار «أفلام الحلم الأميركي» التي تواصل «هوليوود» تقديمها منذ عقود، وإمكانية دفع عجلة الإنتاج إلى الأمام عوضاً عن العودة إلى الماضي... فهل يتحقق ذلك في «هوليوود الخليج»؟

القفاص: لا يحدث إلا في الخليج... أجر الفنان يفوق ميزانية العمل

أكد المخرج محمد القفاص أن الحديث عن تنفيذ مشروع فني فانتازي كبير، يحتاج ميزانية ضخمة جداً، وهو ما لا يتوافر في الدراما والسينما الخليجية، «بل ان المصيبة هو إعطاء بعض النجوم أجوراً فلكية تُقدّر بمئات الألوف، في حين يتم إنتاج العمل بميزانية هزيلة للغاية»، متسائلاً: «كيف يكون أجر فنان واحد، أكبر بأضعاف المرات من ميزانية فيلم أو مسلسل؟... فهذا لا يحدث إلا في الوسط الفني الخليجي...!».

وتابع: «في السينما الأميركية مثلاً، حين يُمنح النجم توم كروز أجراً عالياً لبطولة فيلم سينمائي، فإن الميزانية التي يتم رصدها للفيلم تكون أكبر بكثير، وليس العكس».

كما أشار القفاص إلى أن الوسط الفني الخليجي وبالإضافة إلى عدم قدرته على صناعة أعمال مستقبلية، فهو لا يزال مقصراً جداً في الدراما التراثية.

ومضى: «إن الرجوع للماضي وتقديم عمل تراثي سهل نوعاً ما، ولكن الصعوبة تكمن في الذهاب إلى المستقبل، كمن يكون قادراً على شراء سيارة قديمة وبيت متواضع، ولكنه لا يقدر على شراء فيلا وسيارة فارهة، وهذا ما نكابده نحن في المجال الفني منذ سنوات طوال، ولن أكون مبالغاً أو متشائماً إذا قلت إن الدراما الخليجية فقيرة لناحية الإنتاج، وخجولة في الطرح، ولا نقصد الطرح في الجرأة المقززة».

وعن أوجه الشبه بين مسلسله «ساعي البريد» الذي فرغ من تصويره أخيراً، والفيلم العربي «البوسطجي» لشكري سرحان، ردّ القفاص: «لا يوجد أي تشابه بين الاثنين، خصوصاً وأن (ساعي البريد) عمل ثلاثيني، وهو ذو حلقات متصلة ومنفصلة، بحيث يناقش قضية مختلفة في كل حلقة، ويمكن تصنيفه على أنه مسلسل كوميدي - إنساني، حيث تعتمد فيه الكوميديا على الموقف».

محارب: استرجاع الذكريات والحنين إلى الماضي... طبيعة الإنسان العربي

رأى الكاتب بدر محارب أن الأعمال الدرامية التراثية أصبحت محببة للمشاهد العربي، موضحاً أن طبيعة الإنسان العربي محبة لاسترجاع الذكريات دوماً وينتابه شعور بالحنين إلى الماضي.

وأضاف أنه بالرغم من كثرة أعمال الدراما التراثية والحقب الزمنية، إلا أنها تُقدّم بشكل غير صحيح وسيئ أحياناً، وقد شابها الكثير من الأخطاء، في الديكورات والملابس، فضلاً عن المفردات القديمة التي تكثر بها الأخطاء.

وأعرب محارب عن أمله في الاتجاه للأعمال المستقبلية المعاصرة وأعمال الفانتازيا والخيال، «وأن نخرج من هذه القوقعة التراثية وننظر للمستقبل، بالإضافة إلى التخفيف من الأعمال التراثية، خصوصاً وأننا لا نملك أماكن تراثية مجهزة لتصوير تلك الأعمال، ما يؤدي إلى إخفاقات كثيرة عند عرض العمل، عطفاً على أن إنتاج الدراما التراثية يكون مكلفاً جداً، لوجود ملابس خاصة للحقبة التي يتم تناولها، والديكورات اللازمة التي تكون عائقاً كبيراً على المنتج»، متمنياً التوجه للأعمال العالمية والنظر إليها بشكل جدي، «لاسيما أن الأعمال الدرامية لدينا تحتاج إلى تطورات كبيرة وجذرية».

صفر: لا بد من كاتب محترف... وبحث دؤوب

أرجع المخرج عبدالعزيز صفر السبب في رغبة المشاهد للأعمال التراثية إلى حبه للماضي، عازياً عزوف المنتجين عن الأعمال المستقبلية إلى الكلفة الإنتاجية الباهظة التي تحتاجها، وفقاً لمتطلباتها وخصوصيتها، «كي تتماشى مع العصور الحديثة المتطورة، وهي حتماً سوف تحتاج إلى كلفة إضافية من المنتجين».

وأوضح صفر أن الكتابة في الأعمال المعاصرة والخيال العلمي تتطلب كاتباً محترفاً وذا وعي وخبرة، «ولا بد له من البحث الدؤوب قبل أن يكتب عن تلك الأعمال ويكون ذا بصيرة، حتى يقوم بتشخيص نفسيات الناس التي نفترض أنها ستتغير في المستقبل، والأمر ذاته ينطبق على القوانين، والتطورات في المهن المختلفة، وهذا يحتاج إلى وجود ورش متخصصة وباحثين متمكنين، ونظريات تواكب هذا العصر، وهذا كله ليس بالشيء السهل».

عبدالأمير: «الفانتازيا والخيال»... تتطلب مجهوداً خاصاً

لم يُخفِ المنتج باسم عبدالأمير زخم الأعمال التراثية المتنافسة هذا العام، مع اختلاف الحقب الزمنية التي يضيء عليها كل عمل، مبيناً أن كثرة الإنتاج لمثل هذه الأعمال سوف تؤدي إلى حالة الملل للمشاهدين، موضحاً أنه في السابق كنا نشاهد عملاً تراثياً واحداً كل أربع أو خمس سنوات.

وأوضح أن الأعمال المعاصرة وأعمال الفانتازيا والخيال تتطلب مجهوداً خاصاً من المنتج والمؤلف، أهمها أن يتم الاتفاق على عمل جديد بفكر مختلف، وحينئذٍ سيكون هناك إقبال كبير عليها سواء كانت أفلاماً أو مسلسلات درامية.

وأكد أنه من الممكن تقديم عمل مستقبلي، كما يوجد في أميركا، «وهناك أفلام تتحدث عن المستقبل بعد 30 عاماً من الآن، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الأعمال المستقبلية سوف يتقبلها المشاهد الخليجي أم لا؟».

الصراف: لا نملك الإرث السينمائي... ولا الخبراء

قال المنتج والكاتب والمخرج حمد الصراف إن صناعة عمل درامي أو سينمائي يستشرق المستقبل، يحتاج إلى ميزانية ضخمة جداً قد تزيد قيمتها على 3 أو 4 أضعاف الميزانيات التي يرصدها المنتج لصناعة مسلسل تلفزيوني عادي، «ولكي تظهر لنا هذه الأعمال بصورة متقنة، فلا بد من الجرأة في الطرح والمجازفة قليلاً، فالموضوع لا يقتصر على صرف أموال طائلة فحسب، وإنما لا بد من توافر المقومات الأساسية كافة، لناحية جودة النص، والخبرة لتنفيذ مشروع فانتازي أو خيالي من هذا النوع».

وأضاف «في الكويت لا يوجد ذاك الإرث السينمائي الذي يمكننا الاستناد إليه، ولا يوجد خبراء لدينا في مجال أعمال الخيال العلمي، الأمر الذي قد يزيد من صعوبة المهمة التي نحن في صدد الحديث عنها»، مشيراً إلى أنه قدم تجربة مشابهة في فيلم «إن بارادوكس» الذي تولى تأليفه وإخراجه، وتم عرضه في العام 2019، «حيث تلمست شغف الجمهور الكويتي إلى هذه النوعية من الأعمال، لاسيما إن تمت بإتقان وحرفية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي