No Script

رؤية ورأي

الغوغائية... أبرك

تصغير
تكبير

الجلسة الخاصة لمجلس الأمة التي عُقدت في يوم الخميس الماضي، وأقرّت فيها تعديلات على قانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات والنشر، كانت الأكثر إقلاقاً للنشطاء الإصلاحيين من بين جلسات مجلس الأمة منذ تأسيسه، ليس فقط بسبب الإحباط الذي أصابهم بعد افتضاح خديعة النوّاب الذين ادعوا تبني مشروع تعزيز الحريات، بل أيضاً لما احتوته من أداء معيب من قبل العديد من النوّاب.

ولذلك، ومن منطلق المسؤولية الوطنيّة، أدعو المواطنين إلى الاطلاع على مجريات الجلسة، أو على الأقل أول 45 دقيقة منها، عبر منصة «يوتيوب» على شبكة الإنترنت.

بالنسبة للإحباط، فهو مبرر لأن التعديلات التي أقرّت في تلك الجلسة ألغت شكلياً مجموعة من المحظورات من القانونين، ولكن واقعها القانوني هو أنها أخرجت تلك المحظورات من القانونين وأرجعتها إلى قوانين الجزاء وأمن الدولة والوحدة الوطنية، من خلال مواد قانونية تتضمن عقوبة «الحبس».

لذلك، اعتبر خبراء قانونيون أن هذه التعديلات خديعة تشريعية، وصرّحوا أنه كان ينبغي من المجلس الإبقاء على المحظورات في القانونين، والاكتفاء بإلغاء عبارة «مع عدم الإخلال بعقوبة أشد بقانون آخر» من نصوص المواد القانونية المرتبطة بالمحظورات.

وبالنسبة للأداء المعيب، سأكتفي بالإشارة إلى بعض الأحداث المرتبطة بأول مقترحي تعديل على قانون المرئي والمسموع. حيث كان المقترح الأول مرتبطاً بالعبارات الفضفاضة في البند رقم (6) من المادة رقم (11) من القانون، الذي ينص على حظر بث أو إعادة بث ما من شأنه «خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام أو مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم». ومقترح التعديل الثاني كان في شأن إلغاء حظر بث أو إعادة بث ما من شأنه «التأثير في قيمة العملة الوطنية أو ما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالوضع الاقتصادي للبلاد» الوارد في البند رقم (8) من المادة ذاتها.

أبدأ بمعالي وزير الإعلام والثقافة الدكتور حمد روح الدين، الذي فاجأ الجميع بمداخلته الأولى، التي جاءت متناقضة مع الرأي المعلن للحكومة في شأن مقترح التعديل الأول.

ثم، بعد أن استجاب لدعوة رئيس المجلس له بالتنسيق مع رئيس اللجنة التعليمية الدكتور حمد المطر، اعتذر معاليه عن اللبس في مداخلته الأولى.

وكذلك مداخلته الأولى في شأن مقترح التعديل الثاني أظهرت عدم اطلاعه على رأي الحكومة في شأنه.

وبالنسبة للنوّاب، فالأمثلة كثيرة، ولكنني سأكتفي بعرض ثلاثة نماذج.

وأبدأ بالتقصير الجسيم الذي كشفه النائب سيد عدنان، حيث استغرب في إحدى مداخلاته من عدم استشفاف اللجنة التعليمية رأي البنك المركزي في شأن مقترح التعديل الثاني.

النموذج الثاني من الأداء المعيب، مرتبط بالكثير من النوّاب الانقلابيين في أيدولوجيتهم التشريعية، وهم من مختلف المستويات الأكاديمية والانتماءات الاجتماعية والسياسية.

فعلى سبيل المثال، عند مقارنة فلسفتهم التشريعية تجاه المفردات والمصطلحات الضبابية في وصف وتحديد الأفعال المحظورة في البندين (6) و (8) أعلاه، تجدهم يطالبون بشطبها من البند الثامن – رغم خطورة وجسامة تبعاته على الثقة بالعملة الوطنية والوضع الاقتصادي للبلاد – وذلك بعد دقائق من إصرارهم على إبقاء المصطلحات الفضفاضة في البند السادس.

وأما النموذج الثالث، فهو متعلّق بالمداخلات الطائشة، التي دفعت المطر إلى إبداء انزعاجه مراراً من أمرين: عدم اطلاع زملائه على تقرير اللجنة التعليمية، والتعقيب بما يخالف الواقع أو بغير المتسق مع مجريات الجلسة.

كتعقيب النائب محمد المطير على مقترح التعديل الثاني.

الجلسة الخاصة أثبتت أن العديد من النوّاب البارزين إعلامياً بأطروحاتهم الإصلاحية، مخفقون تشريعياً ولا يحسنون إلا الغوغائية وتعطيل الجلسات أو الشغب والإثارة الإعلامية أو تأجيل وتسويف الإصلاح والتنمية ومحاربة الفساد.

لذلك انشغالهم بالغوغائية والاستجوابات بالوكالة أبرك وأقل ضرراً على الشعب والوطن من تفرّغهم للتشريع... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي