No Script

ألوان

الأمطار مرة أخرى

تصغير
تكبير

تعاني الكثير من الدول من بعض الكوارث الطبيعية مثل الزلازل في إيران وتركيا واليابان، والأعاصير في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك إلا أن تلك الدول استطاعت أن تمتلك خبرة تراكمية في إيجاد الحلول الناجعة للقضاء على تلك الكوارث، أو التقليل من آثارها باستخدام التقنية والعقول والقرار المناسب مع توافر الموازنة لتنفيذ تلك الحلول.

وفي الكويت، بتنا نعاني في كل عام من عدم قدرة البنية التحتية على استيعاب كمية الأمطار مما ينتج عنها كوارث بمعنى الكلمة، كونها تفضح عدم قدرة البنية التحتية على استيعاب تلك المياه التي لم تستمر إلا يوماً أو يومين على الأكثر مما جعل المطافئ والشرطة والمستشفيات في حالة طوارئ.

إن فترة فصل الشتاء الكويتي قصيرة، بل وقصيرة جداً، ولا يمكن التكهن بما يحمل فصل الشتاء كل عام، إلا أننا بتنا أكثر معاناة مع الأمطار التي هي عادة تحمل الخير للإنسان والحيوان والأرض، بيد أن كمية الأمطار الكثيرة باتت تشكل عبئاً على الدولة، وما تتركه من آثار على المنازل والمحلات والمباني والشوارع والممتلكات الخاصة والعامة، الأمر الذي يضعنا أمام تحديات كبيرة.

وإذا كنا لا نملك الحلول الناجعة فلنقم بما ينبغي أن تقوم به كل دولة حضارية في أن تبحث عن الحلول في الدول التي لها باع طويل في التعامل مع كميات الأمطار الكبيرة مثل الهند وجنوب شرق آسيا، حيث إن تساقط الأمطار يكاد لا يتوقف طوال العام، وذلك عبر القيام باتباع ما يتبعونه منذ سنوات في استيعاب تلك الأمطار، وربما الاستفادة منها، خاصة أننا بلد يعاني من قلة الموارد المائية، فلماذا لا يكون لدينا بعض الخزانات؟ حيث يمكن استخدام تلك المياه في الزراعة مثلاً، إضافة إلى ضرورة اتباع التقنيات الأخرى كي تكون الشوارع قادرة على استيعاب تلك المياه.

وإذا عدنا بالتاريخ الكويتي المعاصر فإن سنة «الهدامة» التي كانت في عام 1934م، كانت كارثة بكل ما تحمله من معنى حيث هدمت الكثير من البيوت الطينية، ومات الكثير من الناس الذين لجؤوا إلى المدارس، وقد تعاضد الشعب الكويتي كعادته وقت الأزمات إلى أن مرت بسلام، وتبع ذلك هدامة ثانية في عام 1954م، والآن لماذا لا نتحدث عن تكرار الهدامة في العشرين سنة المنصرمة، رغم أن ذاكرة الإعلام عنها ليست صعبة، كون الكثير من الكويتيين والمقيمين عايشوا تلك الأحداث يوماً بيوم، ولماذا لا يتم إنتاج برنامج وثائقي عن الأمطار في الكويت؟

وعندما كنت شاباً صغيراً لمست تطور الحياة في المجتمع الكويتي إلى يومنا هذا في شتى المجالات، والمنطق يقول إنه مع الوقت يجب أن يكون التغير للأفضل مع توافر المادة والأفكار والخبرة التراكمية، بيد أننا نلاحظ تراجعاً كبيراً في البنية التحتية، فنجد أن الشوارع لم تعد قادرة على استيعاب الأمطار، والشوارع ما زالت تعاني من تطاير الحصى ولا أعرف ما هو موقف «هندسة الطرق» في الكويت؟ وهو علم قائم بذاته خاصة أنه لا يوجد أي عذر كون شوارعنا لا تخترق الجبال أو الأنهار أو الآثار، وتلك تحديات تعاني منها بعض الدول، إلا أنها وجدت الحلول الناجعة بأقل التكاليف المادية، بل إن أحد الرحالة الكويتيين في الوقت المعاصر بث «فيديو كليب» حين سافر إلى دولة أفريقية فقيرة وامتدح شوارعها حيث إنه سار بالسيارة لمسافة مئتي كيلومتر ولم يجد حفرة أو أي عيب يذكر في الشارع.

وما زلت أتذكر صديقي الذي يتندر كثيراً قائلاً، كنا نطالب بالتشجير شمال الكويت وغربها بهدف التقليل من كمية الغبار، ودرجة الحرارة صيفاً، بتنا نعاني من سوء التعامل مع الأمطار التي لا تأتي إلا نادراً كل عام، فما بالك لو كنا من الدول التي لديها هطول أمطار طوال العام؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي