No Script

حروف نيرة ّ

الانعزال في هذا الزمان!

تصغير
تكبير

يحتاج الإنسان أحياناً إلى العزلة لراحة البال، والابتعاد عن الضجة، والتخطيط للعمل، وزيادة النشاط الذهني؛ فالعزلة في بعض الأوقات تعود عليه بفوائد؛ لكنه لا يعيش حياته كلها منعزلاً، لما في ذلك من ضرر كبير على النفس كالملل والوصول إلى مرحلة الاكتئاب الشديد وأمراض أكبر، كما أنّ الأشخاص المنعزلة التي تبتعد عن الناس بشكل مستمر يعتقد الآخرون أنّها تتعالى وتتكبر فينفرون منها ويصدون عنها.

الانعزال ينبغي أن يكون بحكمة، وكذلك المخالطة، وازن بين الأمور وكن معتدلاً، اجعل مخالطتك للناس فيما يعود عليك بالنفع، كالاختلاط بالصالحين ففي مخالطتهم إصلاح لنفسك ولا ترضَ بمخالطة من يجرّك إلى الضرر وَضَع قيوداً وتعامل معه بلطف ولين.

فضّل بعض العلماء العزلة على الاختلاط، بشرط رجاء السلامة من الفتن، أو ما يصعب تحمله، ولا يصبر على مواجهته، يقول الإمام ابن القيم: إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر، وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حزازات، تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول... مِن الناس من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة كالصاحب الحقيقي، ومن الناس من مخالطته كالدواء، يحتاج إليه عند المرض، أو بعض المعاملات والاستشارات والمشاركات، ومنهم من مخالطته كالداء أو المرض المزمن أو الثقيل الذي لا يطاق وتضطر إلى مخالطته؛ فاتقِ شره وعاشره بالمعروف.

بتصرف الانعزال أو المخالطة بحسب أنواع الناس فتأتي النافع منها، وتدع ما فيه الضرر، والذكي من حرّك عقله في اختيار من يخالط وجعل حدوداً مع كل فئة، وحسب نوع العلاقة وصفات الطرف الآخر، فلا تجعل التقرب بلا ضوابط، ولا تأخذ من المخالطة إلا بمقدار الحاجة خصوصاً في هذا الزمان، كما في قول الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه: «يأتي عليك زمان لا تجد فيه سرور نفسك إلا في اعتزال الناس»، فالاعتزال أو المخالطة يرجع إلى ما يعود عليك من خير وإيجابيات، أو ضرر وسلبيات.

@aaalsenan

aalsenan@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي