No Script

خواطر صعلوك

الحجر التطوعي... ممارسة واعية

تصغير
تكبير

التطوع هو حركة اجتماعية يُبذل فيها الجهد الذهني والبدني، والوقت التخصصي والاحترافي، دون توقع عائد مادي أو معنوي ولمصلحة الجمع والجماعة والدولة.

والكويت دولة بُنيت بالتطوع والمبادرة الأهلية قبل ظهور النفط والاستقلال، حتى أصبح التطوع والعمل الخيري السمة الغالبة في السياسة الخارجية والسياسات العامة الداخلية.

ويمكن تقسيم العمل التطوعي إلى عمل واع وقصدي، وعمل عشوائي وعاطفي.

وفي عشية ظهور فيروس كورونا وإغلاق المؤسسات في الدولة، نزل للشارع 26 ألف متطوع في المجالات كافة، وأداروا جزءاً من المشهد بجانب الأطباء ورجال الداخلية.

تبدو أرقام الإصابات الحالية في شهر يناير 2022م مخيفة حد التجمد، والتي تخطت حاجز 4500 إصابة يومياً، وكلام حول وجود حظر جزئي من عدمه، وتوصيات لمنظمة الصحة وغيرها من نظريات شركات الدواء والسيطرة على البشرية، ولكن سرعان ما يذوب ثلج الأرقام وسط أجواء سياسية ساخنة، وتصريحات حكومية لا تدعو للقلق، وتمكن أطباء «تويتر» من خلق خطاب أكثر اتزاناً، وقدرة المؤسسات على أن تكون أكثر رشاقة من خلال ما تم في التحول الرقمي.

لا يبدو المتحور الجديد خطيراً... أو ربما يبدو خطيراً، لا يهم، فالفترات المقبلة لا يملأها اليقين في أي شيء، والتقلب المستمر، فخلف كل متحورٍ يموت، متحور جديد يعيش، ويبدو أننا سنعيش في إجراءات احترازية تصبح مع الوقت سلوكاً غير واع يُمارس ويصبح من البدهيات، في عالم دخل طور الحروب البيولوجية، وأصبح وزراء الصحة فيه هم صانعو سياسات الخطوة المقبلة، وأصبح السلوك الاجتماعي لمحاربة الأوبئة هو الدرع الواقية في هذه الحروب.

على المستوى الاجتماعي عندها، يبدو مفهوم «الحجر التطوعي» حاجة ملحة لمصلحة الجماعة والدولة، وهو أن نمارس تقييد حرياتنا في التجمع، إذا ما شعرنا أنه قد يسبب خطر انتقال العدوى.

لا يخطر على بال المحجور تطوعياً أن يُزور شهادة «pcr»، أو أن يردع نفسه بسبب القانون يفرض عليه غرامة في حالة المخالفة، أو أن يتعمد الخروج للجماعات وهو يعلم أو يشك في أنه مصاب، أو يتحايل على «الأبلكيشن» أو أن يخوض في نقاش فائدة التطعيم من عدمه...!

المحجور تطوعياً هو إنسان توصل إلى حقيقة أن الأمن الصحي للوطن أهم من رغباته وحريته الشخصية بمفهومها الفضفاض.

إدخال هذين المفهومين في مسمى واحد «الحجر التطوعي»، ليس سهلاً بما فيهما من صفات وجودية متناقضة.

التطوع الخالي من الاجبار، والحجر المليء بالجبر، ولذلك فهو أرقى أنواع التطوع في فترة الأزمات البيولوجية. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي