No Script

قيم ومبادئ

برنامج عمل المعارضة!

تصغير
تكبير

المتابع لبرنامج عمل المعارضة - إن وُجد - يُلاحظ التمايز الكبير بين محورين زمنيين متناقضين، كل زمن له إطاره الشعبوي والفكري والحزبي دون امتلاك قاعدة راسخة مستقرة لجهة الارتهان بحالة تقليدية مع عدم وضوح في الرؤية تجاه المستجدات والأحداث العالمية، مع عنونة الساحة بعناوين متناقضة غير منسجمة مع المرحلة العمرية التي تمر بها المعارضة اليوم، ولا تتماهى مع مدارج الزمن الفكرية ولا متطلبات الشعب المرحلية وتطلعات النخب المستقلة، ومدى قابلية القيادة على تقبل أيّ تغيير في المواقع القانونية والسياسية، أو الواقع العملي للنهج العام للدولة، كل ذلك جعل العمل السياسي المُنظّم - إن وُجد - ينحصر ضمن إطار موحّد جامد يدور حول نفسه بل أصبح مصدراً لكل العراقيل وأزمات المراحل السياسية.

الأمر الذي أدخل الجميع في متاهات كثيرة شوّهت العملية السياسية برمتها، مما جعلها تقفز فوق الزمن الحقيقي لها إلى زمن لم يأتِ دوره بعد، ورفع شعارات ومصطلحات لا يُمكن تجسيد مضمونها ولا حتى التنبؤ بأحداثها!

إلى جانب مَنْ تراوده أحلام اليقظة بربيع عربي ثالث، ورابع، يتأمل منه أن يحقق أحلامه بثورة عارمة تقول فيها الشعوب كلمتها، ولا أدري أيّ شعب المقصود؟ ولا أدري ما هي كلمته التي يريد أن يقولها؟

إن عدم العمل ضمن منطق سياسي وقانوني مدروس قد شوّه العملية السياسية، مما جعل حتى النخب الأكاديمية السياسية سواء داخل أو خارج المجلس ممَنْ تعلّم أصول ومبادئ السياسة والقانون بالجامعات العريقة، أو من خلال الكتب أو الممارسة الميدانية نجدهم اليوم يعيشون في (منزلة بين المنزلتين)، حيث فقدوا التوازن السياسي المطلوب ولم يأخذوا مكانهم في مشاركة النخب السياسية المستقلة في تمثيل توجهات الشعب والمطالبة بحقوقه المشروعة بل حملهم سيل الفوضى والصراخ الجارف؟

إن الغموض السياسي أحد أبرز معالم الخلاف بين المعارضة اليوم، بمعنى أن مكافحة الفساد والعمل على استرداد أموال الدولة ومحاسبة الخارجين على القانون مطلب لا يختلف عليه اثنان، ولكن ما إن خرج أحد النواب من كتلة المعارضة وأعلن هذه الشعارات حتى بدأت عليه حملات التشويه والاتهام تتقاذفه من كل جانب.

والحقيقة والواقع يشيان بأننا ورغم طول مدة العمل السياسي والحزبي منذ 1962، فقدنا الشخصية السياسية المتميزة القادرة على مواجهة الواقع السياسي المتقلّب مع معالجة كل حدث سياسي متوقع حدوثه محلياً وإقليمياً وعالمياً مع إلمامه بمنطق ما يمكننا فعله، وله توجهات موضوعية هادفة بكيفية مواجهة المستجدات مع بيان طرق معالجتها، لكنّ المشكلة اليوم أن مصطلح (ضمير الأمة) أو (أسد المجلس) أو غيره من المصطلحات مثل (محّد يطوله) قد زُيّفت مثلما زُيّف الكثير من المصطلحات والشعارات الجماهيرية الأخرى، بل وأصبحت تُسمى بها شخصيات بعيدة عن عالم السياسة، وخاصة في دولنا العربية والإسلامية مما أدى ويؤدي إلى مهازل القيادات السياسية، سواء كانوا وزراء أو نواب وسلسلة فضائح مالية وأخلاقية، والحبل على الجرار، والأدهى من ذلك ان يتم تداول هذه البرامج على أنها الحراك السياسي للدولة!

وتقوم المعارضة - إن وجدت - باغتصاب الحقوق المشروعة للشعب، مستغلة في ذلك عدم قدرة الشعب (القواعد الانتخابية) على ممارسة دوره في محاسبة النائب في عمله، كما يتم استغلال المشاعر والعواطف القبلية أو الدينية للشعب وضعف إدراكهم ووعيهم السياسي وعدم قدرتهم على فهم الواقع لكواليس السياسة، وكيفية اختيار مَنْ يستحق أن ينوب عنهم في المطالبة بالحقوق بسبب التكتلات والأحزاب الجاثمة على صدر الأمة.

لا يمكن التعافي من هذه الأجواء إلاّ بالخروج من العقلية السياسية المغلقة للتخلص من مصيدة التجنيد الحزبي والتضحية بمصالحهم الشخصية وصولاً إلى مقاييس فكرية جديدة.

التقيتُ شخصياً بمجاميع كثيرة من المواطنين نفضوا أيديهم من المجلس ورغبوا عن المشاركة، لا بسبب الحكومة فحسب ولكن الحكومة والمجلس وآثروا المعارضة عن بُعد!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي