No Script

الزاوية الخضراء

مآذن البحار

تصغير
تكبير

أصبحت المنارات البحرية للعديد من الدول معلماً سياحياً أو تاريخياً، وهي تنتشر في بريطانيا وأميركا وفي روسيا والصين وفي العالم كله، إلا أن أقدم منارة عرفت هي منارة الإسكندرية المشيدة على ضفاف البحر الأبيض عام 285 قبل الميلاد وتعد من عجائب الدنيا السبع، إلا أنها تصدعت ثم تداعت بسبب الزلازل، وفي عام 884 هجرية شيد الملك الأشرف قايتباي سلطان الديار المصرية في العهد المملوكي على أنقاضها حصناً مهيباً، ثم أنشأ محمد علي باشا والي مصر في أواخر أيامه عام 1848م المنارة الحالية في رأس التين.

والمنارات البحرية هي أبراج عالية أشبه بالمآذن، تشيدها الدول على شواطئها لتهتدي بها السفن وتبشر البحارة باقترابهم من اليابسة وترشدهم إلى بر النجاة وتجنبهم الهلاك والضياع، وهي بذلك تختلف عن العوامات الإرشادية الطافحة والتي تسمى عندنا بالبويات، ذلك أن المنارات البحرية أبنية ثابتة لا تعوم.

و قد ذكر صاحب كتاب «أخبار الصين والهند» الجغرافي الرحالة -أبوزيد السيرافي المتوفى عام 308هجرية - أنه كانت في مدخل الخليج العربي مناطق ضحلة تتحطم بسببها المراكب العابرة، فشيدت فيها عام 277هجرية أبراج من خشب توقد على رؤوسها المشاعل لترشد المراكب ليلاً إلى المسالك الآمنة.

وقد كان قديماً قبل الكهرباء في الكويت حين تعود مراكب الصيادين وسفن الماء «التشاشيل، جمع تشّالة» العائدة من شط العرب ليلاً لا يرون إلا نوراً أحمر ينير من فانوس يسمى فنر معلق في بيت القنصل في منطقة شرق أو ما يطلق عليه ببيت ديكسون، وهو في الأصل بيت لعائلة العصفور، إلا أن هذا السراج الذي أنقذ الله به أرواحاً لا تحصى لم يدم طويلاً، فكان البحارة يسبرون ويقدرون بالخبرة.

وفي المملكة العربية السعودية التي يبلغ طول السواحل فيها 2640 كم، الساحل الأول غربي على طول البحر الأحمر، والآخر شرقي على طول خليجنا الأزرق، وفيها أعلى منارة في العالم في جدة على واجهتها البحرية، و تحديداً في ميناء جدة الإسلامي، ويبلغ ارتفاعها 133 متراً وقد شيدت عام 1990م.

في القديم، كان لتلك المنارات حارس يرعاها، وكانت تضاء بالفنار أو حتى بإشعال النار من منافذها، واليوم زودت بأضواء الليزر، وتعد الدول دليلاً بحرياً إرشادياً بها، وزودت بالرادارات والأجهزة الحديثة، و لومضاتها لغة يفهمها الملاحون والربابنة، وقد تم تحديدها بموجب اتفاقات دولية من قبل الهيئة الدولية لسلطات المنائر ومقرها في باريس.

Twitter: @HamadBouresly

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي