No Script

على الهواء

غرباء في أوطانهم

تصغير
تكبير

العرب مختلفون في أوطانهم متحابون في الغربة. لبنان في الخمسينات كان مثالاً للتقدمية والتآلف، ولا يسمع فيه أي خلاف طائفي، الأدباء أحمد فارس الشّدياق، مسيحي، ابتدأ اسمه بأحمد رمز الإسلام وهاديهم فساوى بين الأديان السماوية، وهناك الأديب مارون عبود القائل لا أعرف أن أبدأ نهاري إلّا بسماع تلاوة القرآن الكريم ويحلو مع التلاوة ارتشاف فنجال القهوة والتلاوة من إذاعة لبنان، ولندن العربية التي تفتح برامجها بالقرآن من تسجيلاتها للقارئ البحيري والحصري، ومحمد رفعت.

وكان لبنان من البلاد الغنية... في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات كان يعطي مكافأة لعدد أفراد الأسر القادمة للسياحة فيه.

وإذا قدّم السائحُ جوازات أسرته لأمن المطار يُعدها ويعطي مبلغاً لكل فرد... أضنت فرنسا نفسها ليستمر استعمارها للبنان وسورية ودول مغاربية. وعندما خرج الاستعمار الإنكليزي والفرنسي والإيطالي، غرس الاستعمار ألغام التفرقة الطائفية، وواجهت الشعوب العربية الفوارق المذهبية والدينية... ضربت أنا المثل بالعراق الذي تنهشه الطوائف، ورسم له خرائط ليكون مهيّأً للتقسيم الجغرافي والبشري... عشر طوائف وملل ونحل وقوميات وهذا هو النسيج العراقي: - العرب عشائر وحضر - الفُرس - التركمان - الآشوريون - الارمن - الكلدان - اليهود - اليزيديون - الصابئة - الأكراد بالإضافة الى المذاهب الإسلامية المتناحرة وأربعة عشر مذهباً مسيحياً رأينا العراق في الخمسينات وأوائل الستينات دون فوارق، ومن ضاق منهم بهذه الفوارق هاجر إلى الغرب الأوروبي والأميركي... لا يوجد هناك من يفرقهم من رجال الدين فتوحدهم الديموقراطية، يدفعون بنفس راضية ما عليهم من الضرائب ثمناً للخدمات التي تُوفر لهم... وإن بقي المواطن أو الوافد ولديه إقامة... تتكفل الدولة بصرف راتب له ولأسرته والتكفل بعلاجه وتعليم أبنائه، ومن اشترك في حروب للوطن الذي يقيم فيه كالجزائريين في فرنسا يزوّد بمكافأة شهرية تزيد على راتبه، وإن مرّ به أحدٌ من أبناء جلدته أخذه بالأحضان والاشتياق دون أن يسأله عن مذهبه وديانته.

في مدينة إسن الألمانية الصناعية، تصادف في المدينة مجموعة من كل النسيج العراقي لا يسألون أخاهم من أي ملّة، وجمع عائلاتهم الحب والودّ لأنّ لا رجال دين هناك يفرقونهم كما هو في ديارهم... في بلادنا وغيرها لم يكن فيها من قبل جمعيات دينية ولما شُيدت صار التقسيم، ونبش مجلس الأمة الفوارق المدفونة... وأوصلوها إلى المعاهد العلمية والجامعات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي