أصحاب الضمير الحي، يسيرون على مبادئ تتحكم في عملهم وفكرهم، وهم فئة لا يقومون بعمل إلا إن كانوا على يقين من قدرتهم على نقله للآخرين بصورة صحيحة، كالمعلم الذي تحتم عليه وظيفته تقديم علمه بلا تقصير؛ حتى ينفع الناس بما نال من علم، فالعلم والعمل لا قيمة لهما إلا مع الخوف ومراقبة النفس.
يقول أحد الصالحين: «ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية»، وكلما كان العلم عظيماً وجب على صاحبه نقله بأمانة ونقاء، فلا خير في علم لا خشية فيه.
وفي ذلك يقول الله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء» (فاطر:28).
يقول ابن كثير في تفسيره «أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر».
فالعالم مَن خشي الله عز وجل، وأما من لم يخش الله تعالى فليس بعالم.
الفساد العقلي في المجتمع ليس لقلة العلم فقط، وإنما الأصل فساد الضمائر والأخلاق؛ فالعلماء منهم من أحيا العلم بنزاهة الضمير، ولخوفهم على الأجيال، ومنهم من أساء للعلم ولم يخف على تلك الأمانة، فهم علماء السوء، الذين يخونون علمهم، ويلبسون الحق بالباطل، ويكتمون الحق وهم يعلمون.
فلا شك أن علماء السوء من أسوأ خلق الله وأشره.
قال الإمام أبو حامد الغزالي «إن علماء السوء شرهم على الدين أعظم من شر الشياطين إذ الشيطان بواسطتهم يتدرج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق».
سعة العلم لا يمكن نشرها بصورة طيبة إلا ممن اتصف بالتقوى ومكارم الأخلاق ولا يتكلم في ما لا يعلمه، وحتى لو كان يعلم فإنه يشاور مَن علّمه ويطلع على الكتب قبل النطق بحرف، وإن وقع في الخطأ يصحح ما قال ولا يخجل من أحد، ولا يبالي بما يقول الناس.
كثر في هذا الزمان العلماء الذين يتكلمون حسب أهوائهم وأهواء غيرهم، وهم أولئك الذين قصدوا من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند أهلها، فيحرمون أو يبيحون، بحسب مصالحهم، فهم سبب للفتنة والضلال، كما في الحديث الشريف «إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان».
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @