No Script

«ترامبية» بلا ترامب... وصفة نجاح أم فشل للجمهوريين عام 2022؟

تصغير
تكبير

بعد خمس سنوات من خضوعه بالكامل لرغبة زعيمه المتقلّب وقبل عام من انتخابات منتصف الولاية الحاسمة، بات الحزب الجمهوري على ما يبدو قادراً على إعادة رسم المشهد لحقبة ما بعد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وأثبتت نتائج انتخابات حكام الولايات التي فاز الجمهوريون بها في فرجينيا، رغم ميلها إلى اليساريين، بينما هزموا بفارق ضئيل لم يكن متوقعاً في معقل الديموقراطيين نيوجرسي، أمراً واحداً لا شك فيه وهو أن بإمكان الحزب تحقيق انتصارات من دون ترامب.

وقال الاستاذ المساعد للعلوم السياسية في كلية برنارد في نيويورك مات لاكومب لـ «فرانس برس»، «في هذه المرحلة، سيكون (ترامب) الأوفر حظاً إذا اختار خوض الانتخابات الرئاسية في العام 2024».

وأضاف «لكن هناك احتمالاً كبيراً أيضاً بأن أي تنسيق بين المرشحين المحتملين ومسؤولي الحزب... قد يكون كافياً لمنعه من مواصلة أو النجاح في ترشّحه مرة ثانية».

بعدما ضمن ترامب تسمية الجمهوريين له كمرشحهم الرئاسي في مايو 2016، تخلى الحزب عن نهجه السياسي في مؤتمريه التاليين واختار بدلاً من ذلك إعلان الولاء لزعيمه صعب المراس.

لكن ما زال التوافق قائماً على أن كل الطرق إلى الكونغرس تمر عبر مقر إقامة ترامب في مارالاغو وبأن النجاح في واشنطن مشروط بكسب القاعدة الموالية بشدة لترامب التي تضم عشرات ملايين الأشخاص.

ويدرك السياسيون الجمهوريون الذين يرفضون الانصياع إلى أوامره بأنهم سيواجهون توبيخا علنيا وتحديا في الانتخابات التمهيدية من مرشّح آخر في الحزب أو حتى تهديدات بالقتل لأفراد عائلاتهم إذا أثاروا حفيظة أنصاره.

وقال المستشار السياسي في واشنطن تومي غودوين لـ«فرانس برس»، «رغم خسارته مكبر صوته في الشبكات الاجتماعية، ما زال دعمه (أي ترامب) للمرشحين يثير حماسة أنصاره ويدفع بالتبرعات قدما ويزيح منافسين في بعض الحالات ويجبر البعض على الانسحاب».

مع ذلك، يستغل بعض الجمهوريين البارزين انتخابات حكام الولايات التي جرت أخيراً للدعوة إلى تصحيح المسار، فيما يحاولون النأي بالحزب عن ترامب واتّهاماته بأن الديموقراطيين تلاعبوا بنتائج انتخابات 2020 الرئاسية.

في فرجينيا، فاز رجل الأعمال الجمهوري الثري غلين يونغكين، بمنصب حاكم الولاية، فكسب أصواتا أكثر بكثير من تلك التي فاز بها ترامب في انتخابات 2020 الرئاسية في الضواحي، خصوصا في أوساط النساء والناخبين المستقلين.

وفيما سارع ترامب لينسب الفضل بذلك إليه، قلل يونغكين من أهمية دعم الرئيس السابق وبذل كل ما في وسعه في الأسابيع الأخيرة للمحافظة على مسافة بينه وبين نجم تلفزيون الواقع السابق.

في نيوجرسي أيضاً، أبدى الجمهوري جاك تشيتاريلي مواقف داعمة بشدة لترامب في البداية حتى أنه تحدّث خلال تجمّع تحت عنوان «أوقفوا سرقة» الانتخابات عام 2020، لكنه نأى بنفسه عن الرئيس السابق خلال حملته الانتخابية الرسمية.

ويرجّح بأن تحتدم المعركة الانتخابية في الضواحي مرة جديدة العام المقبل، عندما ستكون السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ و36 ولاية على المحك، علما أن شعبية ترامب أقل بكثير في الضواحي مقارنة بالأرياف.

ويرى العديد من الجمهوريين أن مفتاح النجاح هو الاستعارة بكثرة من «الترامبية» (أي نهج ترامب ومواقفه) مع تجنّبه شخصيا.

وتراجعت نسب التأييد للرئيس السابق إلى مستوى قياسي بلغ 34 في المئة بعد هجوم السادس من يناير الماضي، الذي شنّه الآلاف من أنصاره على مقر الكابيتول لمنع النواب من المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات.

وأصدر ترامب مذاك بيانات عدة، أشاد فيها بالمهاجمين ودافع عن التهديدات بالقتل التي وجهوها لنائبه حينها مايك بنس.

وحض زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، قطب العقارات البالغ 75 عاماً، على الابتعاد عن انتخابات منتصف الولاية، قائلاً للصحافيين «أعتقد أن علينا التحدث عن المستقبل لا الماضي».

إلا أن رئيس اللجنة المعنية بحملة الجمهوريين لانتخابات مجلس الشيوخ للعام 2022 ريك سكوت قال لشبكة «إن بي سي» إنه سيكون من «الغباء» أن يرفض أي جمهوري الحصول على دعم ترامب، وهو أمر يسلّط الأضواء على المعضلة التي يواجهها الجمهوريون.

وصرح الاستاذ المساعد لدى جامعة جورج واشنطن بيتر لوج لـ«فرانس برس»، بان «ترامب حالياً في موقعه المفضل: مركز الاهتمام... من الصعب التخيل بأنه قد يبتعد عن الأضواء لإفساح المجال لغيره».

ولم يعد ترامب يملك منصة لاستعراض قوته كما كان الحال عليه قبل حظره على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان أداء الجمهوريين جيداً في صناديق الاقتراع عام 2020، إذ تمكنوا من تقليص خسارتهم في مجلس الشيوخ لتكون عند أدنى هامش ممكن وكادوا يسيطرون على مجلس النواب. لكنهم أخفقوا على المستوى الرئاسي.

وكان ترامب أول رئيس منذ هربرت هوفر قبل نحو قرن، يخسر مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض في فترة رئاسية واحدة.

ولفت الاستاذ المساعد الذي يشغل منصب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة توليدو سام نلسون، إلى أنه «حتى الآن، لم يحقق المرشحون الذين دعمهم ترامب مكاسب جيدة على وجه الخصوص».

وأضاف «بينما يسعى مرشحو الانتخابات التمهيدية الجمهوريون بشكل نشط للحصول على دعمه، الذي يعد قيّماً في الانتخابات الجمهورية، إلا أن هذا الدعم نفسه قد يكون خطيرا بعض الشيء في انتخابات عامة إذ أنه قد يدفع الديموقراطيين للمشاركة بشكل أكبر للتصويت ضد مرشّح مدعوم من ترامب».

بدوره، يعتقد لوج بإمكانية صعود منافسين يرون أن لا شيء لديهم ليخسروه، إلى جانب آخرين يشعرون بالقلق على مستقبل الحزب الجمهوري والبلاد.

وقال «ستحدد انتخابات منتصف الولاية عام 2022 إلى حد بعيد مستوى الدعم الذي سيحصل عليه ترامب في 2024».

وأضاف «إذا فاز مرشحون مدعومون من ترامب في الانتخابات التمهيدية والعامة، فسترتفع أسهمه. وإذا خسر المرشحون المدعومون من ترامب في الانتخابات التمهيدية والعامة، فستتراجع أسهمه».

لكن ترامب ما زال بطلاً في نظر ملايين الناخبين الجدد الذين كانوا مهمّشين والذين نجح في ضم أصواتهم إلى الجمهوريين عام 2016، فيما يعزى إليه الفضل في إعادة تشكيل القضاء الفيديرالي بما يتناسب مع أنصاره اليمينيين.

كما أن تدابير خفض الضرائب التي قلّصت العجز تحظى بشعبية واسعة في أوساط الطبقة العاملة، رغم أنها تصب بشكل متزايد في مصلحة كبار الأثرياء على الأمد البعيد.

وعلّق كبير موظفي مجلسي النواب والشيوخ سابقا مارك باير على الأمر بالقول «يُعرف عن وليام فوكنر بأنه كتب - الماضي لا يموت أبداً. بل إنه ليس بماضٍ».

وأضاف «يمكن قول الأمر ذاته عن نفوذ ترامب على الحزب الجمهوري الذي يجعله في حالة غيبوبة. لا تزال قبضته... بالقوة التي كانت عليها عندما كان رئيساً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي