كنا وما زلنا نتابع القضية الفلسطينية جيلاً بعد جيل، وبالتالي فإن المسألة معجونة في دمائنا وتفكيرنا مهما كانت الظروف والتناقضات التي مرت بها القضية الفلسطينية.
ولقد عاش بين ظهرانينا نصف مليون فلسطيني لمدة نصف قرن تقريباً، وكان لهم دور كبير في نشأة وتطور الكويت خصوصاً في مجال التعليم والبناء وبقية المجالات، وهم إخوة لنا وكفاءات نفتقدها في الوقت الحالي، وقد حصل بعض الفلسطينيين على الجنسية الكويتية حتى بعد فترة تحرير الكويت، ومن الفلسطينيين من تزوج من كويتيات وبعض الكويتيين تزوجوا من فلسطينيات على مدى اكثر من جيل، ولا يمكن الجزم بأن كل الفلسطينيين وقفوا مع صدام حسين وجيشه، بل هناك من الإخوة الفلسطينيين الذين ساعدوا الكويتيين ابان الاحتلال، وما زال من ولد منهم في الكويت يتذكر بعشق الكويت وأهلها وهم يعيشون الآن في الاردن وفي الدول الغربية، ولا يمكن انكار موقف «حماس» في دعم الحق الكويتي ابان الاحتلال العراقي الغاشم، رغم انها تتبع «الاخوان المسلمين» الذي لم تكن مواقفه مشرفة للحق الكويتي.
وللكويت دور بارز في دعم القضية الفلسطينية، فمنظمة التحرير الفلسطينية أنشئت في الكويت، وما زالت تحصل على الدعم المادي والمعنوي عبر عقود من الزمن هو عمر القضية الفلسطينية، وقد تسامت الكويت فوق جراحها واستمرت باصرار في دعم القضية الفلسطينية رغم موقف ياسر عرفات من الاحتلال العراقي الغاشم للكويت في عام 1990م، لأن القضية الفلسطينية قضية عادلة غير قابلة للنقاش في أعماق الانسان الكويتي.
ولا يجب ان ينسى المواطن الفلسطيني الدعم الكويتي السياسي والاقتصادي، وهو عنوان ثابت لدى حكام الكويت وشعبها وكان آخرها تصريح حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، حين كان النطق السامي وهو يستقبل رئيس الوزراء الفلسطيني ويؤكد على موقف الكويت الثابت من القضية الفلسطينية، وهو أمر لرغبة الشعب ايضاً متمثلاً بموقف اعضاء مجلس الأمة الكويتي الذي قام باصدار قانون على تغليظ عقوبات التطبيع مع اسرائيل، وما زلنا نتذكر موقف السيد مرزوق الغانم دولياً في فضح الجرائم التي ما زال يستمر بها الكيان الصهيوني، رغم ان هناك ضغوطاً كبيرة من أجل صفقة القرن، وكلنا نذكر موقف جلالة ملك المملكة الاردنية عبدالله الثاني الذي كان له موقف مشرف لا يمكن تجاهله وتبعات ذلك من أمور معروفة شهدتها مملكة الاردن الشقيقة.
وعلينا ان ننسى كل خلافاتنا ونسعى من أجل دعم اخواننا الفلسطينيين فهي قضية إنسانية وهي قضية اسلامية وهي قضية عربية، وبالتالي فهي فرصة ليتحد العالم الشريف مع التيارات الاسلامية والقومية واليسارية لتعمل معاً من أجل القضية الفلسطينية، واني لأشعر بالخجل أمام كل مرابط فلسطيني كوننا لا نقدم الكثير، وكذلك الأمر بالنسبة للابطال في «غزة» رمزالعزة، وقد اعجبتني رسالة الفنانين في غزة انهم يحبون الحياة وانهم يحملون القضية الفلسطينية عبر معرض لفنانين تشكيليين في غزة على انقاض المباني التي دمرها القصف الاسرائيلي في الحرب الأخيرة على غزة، وهي رسالة قوية في وجه كل من وقف مع الصهاينة في جرائمهم، وقد تطرق الصحافي اسامة فوزي لطفلة فلسطينية قامت بشرح القضية الفلسطينية للعالم الغربي عبر الغناء لمدة اقل من دقيقتين، الأمر الذي يعكس اهمية الفنون في ايصال الرسالة لقضايانا.
ومن الأمور الايجابية ان مجموعة من رؤساء وزراء ووزراء اوروبيين دعموا فكرة المطالبة بتحقيق عن جرائم حرب ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة، وهو أمر معنوي يحمل دلالة خاصة بأن معظم دول اوروبا كانت تساند الكيان الصهيوني، كما ان بعض الصحافيين والفنانين الغربيين فضحوا جرائم جنود الاحتلال.
ولا ننسى دور جمهورية مصرالعربية في القضية الفلسطينية، وبقية الدول المحيطة بفلسطين مثل الاردن وسورية، وكم اتمنى ان يتم السماح بادخال كل متطلبات الحياة واعادة البناء لغزة المدمرة، والغاء الحصار المفروض عليها براً وبحراً، كما اتمنى ان ينتهي الخلاف بين «فتح» و«حماس» بشكل جدي لاننا نرى انه في كل مرة يتم الاتفاق يكون هشاً للأسف، ولا يمكن تجاهل الدور المصري في تحقيق السلام والتهدئة والتوافق بينهما، لكننا ما زلنا ننتظر المزيد من مصر لما لها من مكانة مهمة في المنطقة، ولا يمكن حدوث اي تطور ايجابي في القضية الفلسطينية دون جمهورية مصر العربية.
ان الشعوب العربية مهما قامت بعض حكوماتها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني فلا يمكن للانسان العربي ان يتقبل فكرة التعامل مع الكيان الصهيوني وليس مع الانسان اليهودي، فليس لدينا مشكلة مع أي ديانة، لكننا نرفض اي دعوة للتعامل مع الصهيونية حتى وإن قام بتسويقها بعض العرب.