لا اتفاق نووياً في فيينا... يعني احتمالاً أكيداً لحرب في الشرق الأوسط

استئناف اجتماعات فيينا أمس
استئناف اجتماعات فيينا أمس
تصغير
تكبير

بدأت المرحلة الماراثونية في فيينا بين إيران من جهة، والدول الموقّعة على الاتفاق النووي عام 2015 ما عدا الولايات المتحدة التي خرجت من الاتفاق عام 2018 ورفضت طهران وجودها داخل قاعة الدول المفاوضة، من جهة أخرى.

ومن المتوقع أن تكون المفاوضات صعبة جداً لأسباب عدة تتعلق بالطرفين الأميركي والإيراني، ما يؤشر إلى ان الاتفاق ليس بمتناول اليد، بل على العكس، فان أسباب الفشل تتفوق على أسباب النجاح.

«دعونا لا نتفاوض بدافع الخوف ولكن دعونا لا نخشى التفاوض.

ليستكشف الطرفان المشاكل التي توحدنا بدلاً من التفكير بالمشاكل التي تفرقنا».

هذا ما قاله الرئيس الأميركي جون كنيدي عام 1961، واستشهد بهذه المقولة الرئيس السابق باراك أوباما في منتصف 2015 عندما أعلن، وإلى يمينه نائبه جو بايدن (الرئيس الحالي) عن ولادة الاتفاق النووي مع إيران.

وحينها، قال أوباما في خطابه الشهير ان «الاتفاق غير مبني على ثقة بل على التأكد من التزام الأطراف ببنوده».

وهنا بيت القصيد والعقدة الأولى التي تمنع التوصل إلى اتفاق من جديد لان انعدام الثقة عام 2015 لم يعد كما هو بل ازداد قوة عام 2021 بعدما مزق الرئيس دونالد ترامب الاتفاق عام 2018.

وفي خطاب أوباما، يقول إنه «بعد 3 سنوات من المفاوضات توصلت أميركا إلى اتفاق لم تستطع على امتداد عشرات السنين (منذ انتصار»الثورة الإسلامية«) من العداء، التوصل إليه».

وما عناه حينها ما زال قائماً اليوم لأن حال العداء لم تتغير، خصوصاً بعد ان اغتال الأميركيون، اللواء قاسم سليماني في بغداد، أثناء مهمة ديبلوماسية كان كلفه بها رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي.

بالإضافة إلى ذلك، فان خطاب أميركا وإسرائيل والمناورات العسكرية في البحر المتوسط، تحمل عنوان «الاستعداد لعمل عسكري محتمل ضد إيران»، وتالياً فان لغة الديبلوماسية في فيينا، تتزامن مع لغة السلاح وقرقعته على أبواب «الجمهورية الإسلامية» التي هي أيضاً لا تقل استعداداً لاحتمالات الأسوأ، إذا فشلت الديبلوماسية.

وفي خطابه حينها عام 2015، أكد أوباما انه وقّع على الاتفاق لأن «إيران تملك من اليورانيوم المخصب ما يمكنها من إنتاج عشر قنابل نووية.

وهذا الاتفاق سيخفض احتفاظها بجزء بسيط مما تحتاجه لصنع قنبلة واحدة».

أما اليوم، فقد وضعت إيران التخصيب النووي على السكة، لأنه إذا قررت الذهاب نحو التخصيب المرتفع من 60 إلى 90 في المئة، نقاوة، فهي تملك المئات من الكيلوغرامات من اليورانيوم والبلوتونيوم لصنع العشرات من القنابل النووية حين تقرر ذلك.

لقد صدق أوباما حين أعلن ان «لا اتفاق مع إيران يعني إزالة الحواجز أمام برنامجها النووي».

ولكنه لم يرَ المستقبل كما يجب وأخفق في نظرته المستقبلية، حين قال انه «بعد 10 أو 15 عاماً من اليوم، سيقف رئيس أميركي مكاني وسيكون موقفه أقوى لأن إيران ستكون بعيدة جداً عن بلوغ مرحلة تصنيع القنبلة النووية».

وعندما أعلن ذلك، هزّ نائبه بايدن برأسه من دون أن يعلم ما يخبئ له المستقبل، فإيران أصبحت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المستوى العسكري النووي بسبب نقض الاتفاق من أميركا وعدم التزام أوروبا به.

«لا اتفاق نووياً يعني احتمالاً أكيداً لحرب في الشرق الأوسط»، هكذا ختم أوباما خطابه.

إلا أن كلفة الحرب وإمكانات طهران عام 2015 لم تعد كما هي في 2021، وتالياً فان الولايات المتحدة أكثر ضعفاً أمام إيران أكثر قوة وقد سلّحت حلفاءها لليوم الذي تقرر فيه أميركا شن الحرب عليها، حرب لن تقتصر على أميركا وإيران فقط كما يدرك اليوم الرئيس - وليس نائب الرئيس - جو بايدن.

لا تعقد اتفاقات نووية في الشكل الذي تم في 2015 مع الأصدقاء. فأميركا لم تكن يوماً، منذ 1979، صديقة لإيران حتى عند توقيع الاتفاق النووي الذي لم يحترم أوباما نفسه بنوده وأبقى على عقوبات كثيرة ومنع الشركات الدولية من العودة إلى إيران، وتالياً فإن طهران ستأخذ وقتها قبل التقدم بخطوة إيجابية لأنها تريد رفع العقوبات ولكنها لا تحتاجها وليست بأمس الحاجة إلى رفعها.

فهي تعلم علم اليقين ان شهر نوفمبر عام 2024 قريب، أي موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي هذا التاريخ سيأتي رئيس يمزق الاتفاق على النحو الذي فعله ترامب - إذا ما عاد هو إلى الحكم - أو يأتي رئيس آخر بأفكار مختلفة ومقاربة لا تتفق مع من سبقه بما يتعلق بالاتفاق النووي، وهذا يعني انه لا توجد شركة واحدة دولية ستذهب إلى إيران قبل 2025 لكي لا تدفع البنود الجزائية حين انسحابها من جديد، كما حصل في 2018.

ولهذه الأسباب وغيرها، لا يبدي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حماسة كثيرة لتجريد بلاده من قدراتها النووية بسبب «اتفاق هش» لا تستطيع أي دولة تقديم الضمانات اللازمة لاستمراره... وتالياً فإن رئيسي لن يحوّل إيران القوية إلى قرش من دون أسنان ومن الصعب جداً أن يرضخ لتهديدات أميركا، مهما عظمت.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي